لیسَ لنا حاجة إلى أن نفسّر قضیة وزن الأعمال عن طریق تجسیم الأعمال والقول بأنَّ عمل الإنسان سیتحوَّل هناک إلى جسم وله وزن، ذلک لأنَّ الوزن لهُ معنى واسع یشمل أیّة مقایسة، فمثلا نقول للأشخاص عدیمی الشخصیة أنّهم أشخاص لا وزن لهم، أو أنّهم أشخاص خفیفون، ونعنی بذلک ضعف شخصیتهم ولیسَ القلّة فی وزنهم الجسمی.
والجمیل هنا أنَّ الآیة تصف الأخسرین أعمالا بأنّنا لم نضع لهم یوم القیامة میزاناً للقیاس. ولکن هل تتعارض هذه الآیة مع قوله تعالى فی الآیة 8 مِن سورة الأعراف: (والوزن یومئذ الحق )؟
طبعاً لا، لأنَّ الوزن یخصّ الأشخاص الذین قاموا بأعمال تستحق الوزن، أمّا الشخص الذی لا یساوی وجوده وأعماله وأفکاره حتى جناح بعوضة، فهل هو بحاجة إلى الوزن؟!
لهذا السبب نقرأ فی روایة معروفة عن النّبی قوله (صلى الله علیه وآله): «إنَّهُ لیأتی الرجل العظیم السمین یوم القیامة لا یزن جناح بعوضة» (1) .
لماذا؟ لأنَّ أعمال مثل هؤلاء وأفکارهم وشخصیتهم کانت فی الحیاة الدنیا عدیمة الأهمیة والفائدة.
ومِن هنا یتّضح أنَّ الناس ـ هناک ـ على عدَّة أنواع هی:
1ـ مجموعة تکون مُثقلة بالحسنات والأعمال الصالحة بحیث لا تحتاج إلى الوزن والحساب فی أعمالها، بل تدخل الجنّة بدون حساب.
2ـ مجموعة ثانیة من الذین حبطت أعمالهم، أو لیسَ لهم أی عمل الصالح، وهذه لا تحتاج إلى وزن أیضاً، بل تدخل النّار بدون حساب.
3ـ أمّا المجموعة الثّالثة، فهی التی تملک السیئات والحسنات، وهذه یشملها الوزن والحساب. وقد یکون أکثر الناس مِن هذه الفئة.
1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
