بالرغم مِن أنَّ بعض أشباه العلماء یستفیدون مِن أمثال هذه الآیات إمکانیة رؤیة الخالق جلَّ وعلا فی العالم الآخر، ویفسّرون لقاء الله باللقاء الحسی، إلاَّ أنَّهُ مِن المعلوم بداهة أنَّ اللقاء الحسی یقتضی تجسیم الخالق جلَّ وعلا، والتجسیم یقتضی التحدید والحاجة، والمحدود المحتاج یکون قابلا للفناء، والکلّ یعرف ویؤمن بأنَّ هذه الصفات لا تنطبق على الله تعالى.
لذا فإنَّ القصد مِن اللقاء أو الرؤیا فی الآیات القرآنیة لیسَ الرؤیة الحسّیة، بل الرؤیة الباطنیة المعنویة.
یعنی أنَّ الإنسان فی یوم القیامة یُشاهد آثار الخالق أکثر وأفضل مِن أی زمان، لذا فإنَّهُ ینظر إلیه بوضوح، بعین القلب الواعی البصیر، لهذا السبب ـ ووفقاً للآیات القرآنیة ـ فإنَّهُ حتى أشد الناس إنکاراً للخالق وأکثرهم عناداً، سوف یقر یوم القیامة بوجود الخالق، وأنّه لا مجال لانکاره(1) .
بعض المفسّرین اعتبر هذا المفهوم (لقاء الله) مشاهدة النعم والثواب، وأیضاً العذاب والعقاب الإلهی وفی ذلک تکون کلمة الثواب والعقاب مقدّرة فی الآیة.
وبالرغم من أنّ هذین التّفسیرین لا تعارض بینهما، إلاَّ أنَّ التّفسیر الأوّل یبدو أظهر وأوضح.