7ـ دروس هذه القصّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
6ـ ماذا کان الکنز؟ سورة الکهف / الآیة 83 ـ 91

هناک جملة دروس یمکن أن نستفیدها مِن القصّة، ویمکن لنا أن ندرجها کما یلی:

) أهمیة العثور على قائد عالِم والاستفادة مِن علمه، بحیث رأینا أنَّ نبیّاً مِن اُولی العزم مِثل موسى (علیه السلام) یسلک هذا الطریق الطویل، وقد بذل ما بذل لتحقیقه، وهذا درس لجمیع الناس مهما کان علمهم وفی أىّ عمر کانوا.

ب) جوهرة العلم الإلهی تنبع مِن العبودیة لله تعالى، کما قرأنا فی الآیات أعلاه فی قوله تعالى: (عبداً مِن عبادنا آتیناه رحمة من عندنا وعلّمناه مِن لدنّا علم ).

ج) یجب تعلّم العلم للعمل، کما یقول موسى (علیه السلام) لصاحبه (ممّا علّمت رشد ) أی علمنی عملا یقرّبنی مِن هدفی ومقصدی، فأنا لا أطلب العلم لنفسه، بل للوصول إلى الهدف.

د) یجب عدم الإستعجال فی الأعمال، إذ العدید مِن الاُمور تحتاج إلى الفرص المناسبة (الاُمور مرهونة بأوقاتها) خاصّة فی القضایا المهمّة، ولهذا السبب، فإنَّ الرجل العالم قد ذکر سرّ أعماله لموسى فی الفرصة المناسبة.

هـ ) الظاهر والباطن مِن المسائل المهمّة الاُخرى التی نتعلّمها مِن القصّة، إذ یجب علینا أن لا نصدر أحکاماً سریعة تجاه الحوادث التی تقع فی مجرى حیاتنا مما قد لا یعجبنا، إذ ما أکثر الحوادثِ التی نکرهها، ولکن یتّضح بعد مدَّة أنَّ هذه الحوادث لم تکن سوى نوع مِن الألطاف الخفیّة الإلهیّة، والقرآن یصرّح بمضمون هذه الحقیقة فی قوله تعالى: (عسى أن تکرهوا شیئاً وهو خیرٌلکم وعسى أن تحبّوا شیئاً وهو شرٌّ لکم والله یعلم وأنتم لا تعلمون ) (1) .

إنَّ المستفاد مِن هذه القضیة أن لا یُصاب الإنسان بالیأس عندما تهجم علیه الحوادث، وفی هذا الصدد نقرأ فی حدیث طریف ینقلهُ عبد الله بن المحدّث والفقیه المعروف زرارة بن أعین، ویقول فیه عبد الله: قالَ لی أبو عبد الله (علیه السلام): «اقرأ مِنی على والدک السلام، وقل له: إنّی إنّما أعیبک دفاعاً مِنّی عنک، فإنَّ الناس والعدوّ یُسارعون إلى کلّ مَن قرَّبناه وحمدنا مکانه لإدخال الأذى فی مَن نحبّه ونقرّبه، ویرمونه لمحبتنا لهُ وقربه ودنوه مِنّا، ویرون إدخال الأذى علیه وقتله، ویحمدون کل مَن عبناه نحن، فإنّما أعیبک لأنّک رجلٌ اشتهرت مِنّا، وبمیلک إلینا، وأنت فی ذلک مذموم عندَ الناس غیر محمود الأثر بمودّتک لنا ولمیلک إلینا، فأحببت أن أعیبک لیحمدوا أمرک فی الدین بعیبک ونقصک، ویکون بذلک مِنّا دافع شرَّهم عنک. یقول الله عزَّ وجلّ: (أمّا السفینة فکانت لمساکین یعملون فی البحر فأردتّ أن أعیبها وکان وراءهم ملک یأخذ کلّ سفینة غصب ) هذا التنزیل مِن عند الله، لا والله ما عابها إلا لکی تسلم مِن الملک، ولا تعطب على یدیه، ولقد کانت صالحة لیسَ للعیب فیها مساغ والحمد لله، فافهم المثل یرحمک الله، فإنّک والله أحبّ الناس إلیّ، وأحبّ أصحاب أبی حیاً ومیتاً. فإنّک أفضل سفن ذلک البحر القمقام الزاخر، وإن مِن ورائک ملکاً ظلوماً غصوباً یرقب عبور کل سفینة صالحة ترد بحر الهدى لیأخذها غصباً، ثمّ یغصبها وأهلها، ورحمة الله علیک حیاً ورحمته ورضوانه علیک میتاً» (2) .

و) مِن دروس القصّة الإعتراف بالحقائق واتخاذ المواقف المطابقة لها، فعندما تخلّف موسى ثلاث مرّات عن الوفاء بالتزامه لصاحبه العالِم، عرف أنَّهُ  لا یستطیع الاستمرار معهُ فی الصحبة، وبالرغم مِن أنَّ فراق هذا الأستاذ کان أمراً صعباً على موسى (علیه السلام)، إلاَّ أنَّهُ (علیه السلام) لم یُکابر وأنصف العالم بإعطائه الحق، وفارقه عن اِخلاص بعد أن حصل على حقائق عظمیة وکنوز معنویة کبیرة مِن هذه الصحبة القصیرة.

یجب على الإنسان أن لا یستمر إلى آخر عمره فی اختبار نفسه، بحیث تتحوَّل حیاته إلى مُختبر للأمور المستقبلیة التی قد لا تحصل أبداً، اذ علیه عندما یختبر موضوعاً ما عدَّة مرّات، أن یلتزم العمل بنتائج الإختبار وأن یقتنع به.

ز) تأثیر إیمان الآباء على الأبناء

لقد تحمّل الخضر مسؤولیة حمایة الأبناء بالمقدار الذی کانَ یستطیعه، وذلک بسبب الأب الصالح المُلتزم، بمعنى أنَّ الابن یستطیع أن یسعد فی ظل الإیمان وأمانة والتزام الأب، وإنَّ نتیجة العمل الصالح الذی یلتزمه الأب تعود على الابن أیضاً.

وفی بعض الرّوایات نقرأ أنَّ ذلک الرجل الصالح لم یکن الأب المباشر للیتامى، بل هو مِن أجدادهم البعیدین جدّاً، (وهکذا یکون للعمل الصالح تأثیره)(3) . وإنَّ مِن علائم صلاح هذا الأب هو ما ترکهُ مِن الکنوز المعنویة، ومِن الحِکَمْ لأبنائه.

ح) قصر العمر بسبب إیذاء الوالدین

عندما یطال الموت الابن بسبب ما یلحقه مِن أذى بوالدیه فی مستقبل حیاته، وبسبب ما یرهقهما به مِن أذىً وطغیان وکفر، قد یحرفهم عن الطریق الإلهی، کما رأینا ذلک فی القصّة التی بین أیدینا، فإنَّ الرّوایات الإسلامیة تربط بین قصر العمر وترک صلة الرحم (وبالأخص أذیّة الوالدین وعقوقهما) وقد أشرنا إلى بعضها فی نهایة الحدیث عن الآیة 23 مِن سورة الإسراء.

وینبغی هنا أن نستوعب الدرس على صعید هذا الجانب مِن القصّة، إذا کانَ الولد یُقتل لما یلحقه بأبویه مِن ضرر وأذى فی مستقبل حیاته، تُرى فما حال الذی یمارس الأذى فعلا بحق والدیه ویرهقهما بالعقوق؟

ط) الناس أعداء ما جهلوا

قد یحدث أن یقوم شخص بالإحسان إلینا، إلاَّ أنّنا نتصوره عدوّاً لنا، لأنّنا  لا نعرف بواطن الاُمور، ونتسرّع ونفقد الصبر، خصوصاً إزاء الأحداث والاُمور التی نجهلها ولا نحیط بأسبابها علماً. مِن الطبیعی أن یفقد الإنسان صبره إزاء ما لا یحیط به علماً مِن الأحداث والقضایا، إلاَّ أنَّ الدرس المستفاد مِن القصّة هو أن لانتسرّع فی إصدار الأحکام على مثل هذه القضایا حتى تکتمل لدینا الرؤیة التی نحیط مِن خلالها بجوانب وزوایا الموضوع المختلفة.

ففی حدیث عن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب، نقرأ قوله (علیه السلام): «الناس أعداء ما جهلوا» (4) ، لذا فإنّه کُلّما یرتفع الوعی لدى الإنسان فإنَّ تعامله یکون أکثر منطقیة، وبعبارة اُخرى إنَّ أساس الصبر هو الوعی.

وکان لانزعاج موسى (علیه السلام) ـ بالطبع ـ ما یبرّره، إذ کانَ یرى تجاوزاً عن حدود الشرع فی الأحداث التی وقعت على ید صاحبه بحیث تعرّض القسم الاعظم للشریعة الى الخطر، ففی الحادثة الاُولى تعرّضت مصونیة أموال الناس إلى الخطر; وفی الثّانیة تعرّضت أرواحهم إلى خطر، أمّا فی الثّالثة، فکان اعتراضه ینصب على ضرورة التعامل المنطقی معَ حقوق الناس، لذلک فقد اعترض ونسی عهده الذی قطعه لصاحبه العالم، ولکن ما إن اطّلعَ على بواطن الاُمور هدأ وکفَّ عن الإعتراض. وهذا الأمر یدل على أنَّ عدم الإطلاع هو أمرٌ مقلق بحدّ ذاته.

ى) أدب التلمیذ والأستاذ

ثمّة ملاحظات لطیفة حول أدب التلمیذ والأستاذ ظهرت فی مقاطع الحدیث بین موسى (علیه السلام) والرجل الرّبانی العالم، فمن ذلک مثلا:

اعتبار موسى (علیه السلام) نفسه تابعاً للخضر قوله: (أتّبعک ).

لقد أعلن موسى (علیه السلام) هذا الإتباع على شکل استئذان فقال: (هل أتّبعک ).

اقراره (علیه السلام) بعلم أستاذه وبحاجته للتعلّم فقال: (على أن تعلّمن ).

وللتواضع فقد اعتبر علم أستاذه کثیراً، وهو یطلب جانباً مِن هذا العلم، فقال: (ممّ ).

یصف علم أستاذه بأنَّهُ علم إلهی فیقول: (علّمت ).

یطلب مِن أستاذه الهدایة والرشاد فقال (علیه السلام): (رشد ).

یقول لأستاذه بشکل لطیف وخفی، بأنَّ الله قد تلطَّف علیک وعلَّمک، فتلطَّف أنت علیَّ، حیث قال (علیه السلام): (تعلّمن ممّا علّمت ).

إنَّ جملة (هل أتّبعک ) تکشف حقیقة أن یکون التلمیذ فی طلب الأستاذ، وفی إتباعه، إذ لیسَ مِن وظیفة الأستاذ اتباع تلمیذه إلاَّ فی حالات وموارد خاصّة.

بالرغم من أنّ موسى کان یتمتع بمنصب کبیر (حیث کان نبیّاً مِن أولی العزم وصاحب رسالة وکتاب) إلاَّ أنَّهُ تواضع، وهذا یعنی أنّک ومهما کنت وفی أىّ مقام أصبحت، یجب علیک أن تتواضع فی مقام طلب العلم والمعرفة.

10ـ إنَّ موسى (علیه السلام) لم یذکر عبارة جازمة فی معرض تعهّده لأستاذه، بل قال: (ستجدنی إن شاء الله صابر ) وهذه الصیغة فی التعبیر مملوءة أدباً إزاء  الخالق جلَّ وعلا، واتجاه الأستاذ أیضاً، حتى إذا تخلّف عنها لا یکون ثمّة نوع مِن هتک الحرمة إزاء الأستاذ.

وضروری أن نذکر فی خاتمة هذا الحدیث أنَّ العالِم الربانی قد استخدم إزاء موسى (علیه السلام)مُنتهى الحلم فی مقام التعلیم والتربیة، فعندما کان موسى (علیه السلام) ینسى تعهّده وتثور ثائرته ویعترض علیه، یجیبه الأستاذ بهدوء وبرود، ولکن على شکل استفهام: (ألم أقل إنّک لن تستطیع معی صبر ).


1. البقرة، 216.
2. معجم رجال الحدیث، ج 7، ص 226.
3. تفسیر نورالثقلین، ج 3، ص 289.
4. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 172.
6ـ ماذا کان الکنز؟ سورة الکهف / الآیة 83 ـ 91
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma