1ـ هل کانت مهمّة الخضر فی اِطار النظام التشریعی أم التکوینی!؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
الأسرار الداخلیة لهذه الحوادث: 2ـ مَن هو الخضر؟

إنَّ هذه الحوادث الثّلاث شغلت عقول العلماء الکبار، وأثارت بینهم الکثیر من الکلام والاستفهامات.

والسؤال الأوّل هو: هل یمکن إتلاف جزء مِن أموال شخص بدون إجازته بذریعة أنَّ هُناک غاصباً یرید أن یُصادرها؟

وهل یمکن معاقبة فتى بذریعة الأعمال التی سیقوم بها فی المستقبل؟

ثمّ هل هُناک ضرورة للعمل المجانی بهدف الحفاظ على أموال شخص معیّن؟

لقد رأینا مِن سیاق القصّة القرآنیة أنَّ موسى اعترض على الرجل العالم، ولکنَّهُ بعد أن استمع للتوضیحات وأحاط ببواطن الاُمور عاد واقتنع.

أمّا نحن فأمامنا طریقان للإجابة على الأسئلة، نعرضها بالتفصیل الآتی:

الطریق الأوّل: أن نطابق الحوادث وتصرّفات الرجل العالم مع الموازین الفقهیة، وقوانین الشرع، وقد قامت مجموعة مِن المفسّرین بسلوک هذا الطریق.

فالحادثة الاُولى اعتبروها مُنطبقة مع قانون الأهم والمهم; وقالوا بأنَّ حفظ مجموع السفینة عمل أهم حتماً مِن الضرر الجزئی الذی لحقها بالخرق; وبعبارة اُخرى، فإنّ الخضر قام هُنا (بدفع الأفسد بالفاسد) خاصّة وأنَّهُ کان یُمکن تقدیر الرضا الباطنی لأهل السفینة فیما إذا علموا بهذه الحادثة. (أی أنَّ الخضر قد حصل مِن وجهة الأحکام والقواعد الشرعیة على إذن الفحوى).

وفیما یتعلّق بالغلام فقد أصرَّ المفسّرون ممن سلک هذا الطریق، على أنَّ الفتى کانَ بالغاً وأنَّهُ کان مرتداً أو مفسداً، وبسبب أعماله الفعلیة فإنَّهُ مِن الجائز أن یُقتل.

وأمّا حدیث الخضر عن جرائم الغلام المستقبلیة، فإنَّهُ بذلک أراد أن یقول بأنّ جرائم هذا الغلام لا تقتصر على إفساده الراهن وجرائمه الحالیة، بل سیقوم بالمستقبل بجرائم أکبر، لذا فإنَّ قتله طبقاً للموازین الشرعیة وبسبب ما اقترفه من جرائم فعلیة یکون جائزاً.

أمّا ما یخصّ الحادثة الثّالثة، فلا أحد یستطیع أن یعترض على الآخرین فیما لو قاموا بالتضحیة والإیثار مِن أجل الآخرین، ومِن أجل أن لا تضیع أموالهم دون أن یتقاضوا أجراً على أعمالهم، وهو بالضبط ما قام بهِ الخضر، وقد لا تصل هذه الافعال إلى حدّ الوجوب، إلاَّ أنّها تعتبر ـ حتماً ـ مِن السلوک الحسن.

بل قد یُقال مِن الوجهة الفقهیة أنّ الإیثار والتضحیة فی بعض الموارد مِن الاُمور الواجبة، مثل أن تکون أموال کثیرة لطفل یتیم معرّضة للتلف، ویمکن المحافظة علیها بجهد قلیل فلا یستبعد وجوب بذل الجهد.

الطریق الثّانی: تتمّ فیه مناقشة بعض عناصر الاستدلال الفقهیة التی وردت فی الطریق الأوّل، فإذا کانت التوضیحات الآنفة مُقنعة فیما یخصّ الکنز والحائط، إلاَّ أنّها فی قضیة قتل الغلام لا تتلاءم مع ظاهر الآیة، الذی اعتبر علّة قتل الغلام هو ما سیقوم بهِ مِن أعمال فی المستقبل، ولیسَ أعماله الفعلیة.

أمّا الدلیل الوارد حول خرق السفینة، فهو أیضاً لا یخلو من تأمل فهل نستطیع مثلا ـ ومِن الوجهة الفقهیة ـ أن نتلف جزءاً مِن أموال أو بیت شخص معیّن بدون علمه لإنقاذها مِن خطر ما، حتى لو علمنا وتیقّنا بأنَّهُ سیتمّ غصب تلک الأموال فی المستقبل... تُرى هل یسمح الفقهاء بمثل هذا الحکم؟!

وعلى هذا الأساس یجب علینا أن نسلک طریقاً آخر:

الطریق الثّالث: إنَّ فی هذا العالم ثمّة نظامان هما: «النظام التکوینی،والنظام التشریعی»، وبالرغم مِن أنَّ هذین النظامین مُتناسقین فیما بینهما فی الأصول الکلیّة، ولکنّهما قد ینفصلان ویفترقان فی الجزئیات.

على سبیل المثال، یقوم الله سبحانه وتعالى ومِن أجل اختبار العباد، بابتلائهم بالخوف ونقص فی الأموال والثمرات وموت الأعزّة وفقدانهم حتى یتبیّن الصابر مِن غیره تجاه هذه الحوادث والبلاءات.

والسؤال هنا هو: هل یستطیع أی فقیه أو حتى نبی أن یقوم بهذا العمل، أی ابتلاء العباد بنقص الأموال والثمرات وفقدان الأعزّة، وفقدان الأمن والإستقرار بهدف اختبار الناس وابتلائهم؟

ونرى أنَّ الله سبحانهُ وتعالى یقوم بتحذیر وتربیة بعض أنبیائه وعباده الصالحین، وذلک بابتلائهم بمصائب بسبب ترکهم للأولى، مثل ما ابتلى بهِ یعقوب (علیه السلام) بسبب قلّة توجّهه إلى المساکین، أو ما ابتلى بهِ یونس (علیه السلام) بسبب ترکه الأولى فی بعض الاُمور ولو لفترة قصیرة فهل یا ترى یحق لأحد أن یقوم بهذه الأعمال بعنوان الجزاء والعقاب لهؤلاء الرسل الکرام والعباد الصالحین؟

ونرى أنَّ الله سبحانه وتعالى یقوم فی بعض الأحیان، بسلب النعمة مِن الإنسان بسبب عدم شکره، کأن تغرق أمواله فی البحر ـ مثلا ـ ویخسر هذه الأموال، أو یُصاب بالمرض بسبب عدم شکره لربِّه على نعمة السلامة...

والسؤال هنا: هل یستطیع أحد مِن الناحیة الفقهیة والتشریعیة أن یسلب النعمة مِن الآخرین، أو ینزل الضرر بسلامتهم وصحتهم بسبب عدم شکرهم وبدعوى ابتلائهم؟

إنَّ أمثال هذه الاُمور کثیرٌ للغایة، وهی تُظهر ـ بشکل عام ـ أنَّ عالَم الوجود، وخصوصاً خلق الإنسان، قد قام على النظام الأحسن، حیث وضعَ الله تعالى مجموعة مِن القوانین والمقررات التکوینیة حتى یسلک الإنسان طریق التکامل، وعندما یتخلّف عنها فسیُصاب بردود فعل مُختلفة.

ولکنّا مِن وُجهة قوانین الشرع وضوابط الأحکام لا نستطیع أن نصنِّف الاُمور فی إطار هذه القوانین التکوینیة.

على سبیل المثال نرى أنّ الطبیب یستطیع أن یقطع إصبع شخص معیّن بحجّة عدم سرایة السم إلى قلبه، ولکن هل یستطیع أی شخص أن یقطع إصبع شخص آخر بحجّة تربیته على الصبر أو عقاباً لهُ على کفرانه للنعم؟ (بالطبع الخالق یستطیع القیام بذلک حتماً لأنَّهُ یُلائم النظام الأحسن).

والآن بعد أن ثبت وتوضّح أنّ فی العالم نظامان (تکوینی وتشریعی)، وأنَّ الله هو الحاکم والمسیطر على هذین النظامین، لذا فلا مانع فی أن یأمر تعالى مجموعة بأن تطبّق النظام التشریعی، بینما یأمر مجموعة مِن الملائکة أو بعض البشر (کالخضر مثلا) بأن یطّبقوا النظام التکوینی.

ومِن وجهة النظام التکوینی لا یوجد أی مانع فی أن یبتلی الله طفلا غیر بالغ بحادثة معیّنة، ثمّ یموت ذلک الطفل بسبب هذه الحادثة، وذلک لعلم الله تعالى بأنَّ أخطاراً کبیرة کامنة لهذا الطفل فی المستقبل کما أنَّ وجود مثل هؤلاء الأشخاص وبقاءهم یتمّ لمصلحة معیّنة کالامتحان والإبتلاء وغیر ذلک.

وأیضاً لا مانع فی أن یبتلینی الله الیوم بمرض صعب یقعدنی الفراش لعلمه تعالى بأنَّ خروجی مِن البیت لو تمّ فسأتعرّض لحادثة خطیرة لا أستحقّها، لذا فهو تعالى یمنعنی مِنها.

بعبارة اُخرى: إنَّ مجموعة مِن أولیائه وعباده مکلّفون فی هذا العالم بالبواطن، بینما المجموعة الاُخرى مکلّفون بالظواهر، والمکلّفون بالبواطن لهم ضوابط وأصول وبرامج خاصّة بهم، مثلما للمکلّفین بالظواهر ضوابطهم وأصولهم الخاصّة بهم أیضاً.

صحیح أنَّ الخط العام لهذین البرنامجین یوصل الإنسان إلى الکمال; وصحیح أنَّ البرنامجین متناسقین مِن حیث القواعد الکلیّة، إلاَّ أنّهما یفترقان فی التفاصیل والجزئیات کما لاحظنا ذلک فی الأمثلة.

بالطبع لا یستطیع أحد أن یعمل کما یحلو له ضمن هذین الخطین، بل یجب أن یحصل على إجازة المالک القادر الحکیم الخالق جلَّ وعلا، لذا رأینا الخضر (العالم الکبیر) یوضّح هذه الحقیقة بصراحة قائلا، (ما فعلتهُ عن أمری) بل إنّی خطوت الخطوات وفقاً للبرنامج الإلهی والضوابط التی کانت موضوعة لی.

وهکذا سیزول التعارض والتضاد وتنتفی الأسئلة والمشکلات المثارة حول مواقف الخضر فی الحوادث الثلاث.

وسبب عدم تحمّل موسى (علیه السلام) لأعمال الخضر یعود إلى مهمّة موسى التی کانت تختلف عن مهمّة الخضر فی العالم، لذا فقد کان موسى (علیه السلام) یبادر إلى الإعتراض على مواقف الخضر المخالفة لضوابط الشریعة بینما کان الخضر مستمراً فی الطریق ببرود، لأنَّ وظیفة کل مِن هذین المبعوثین الإلهیین تختلف عن وظیفة الآخر ودوره المرسوم لهُ إلهیّاً، لذلک لم یستطیعا العیش سویّة، لذا قال الخضر لموسى (علیه السلام): (هذا فراق بینی وبینک ).

الأسرار الداخلیة لهذه الحوادث: 2ـ مَن هو الخضر؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma