الأسرار الداخلیة لهذه الحوادث:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الکهف / الآیة 79 ـ 82 1ـ هل کانت مهمّة الخضر فی اِطار النظام التشریعی أم التکوینی!؟

بعد أن أصبح الفراق بین موسى والخضر (علیهما السلام) أمراً حتمیاً، کانَ مِن اللازم أن یقوم الأستاذ الإلهی بتوضیح أسرار أعماله التی لم یستطع موسى أن یصبر علیها، وفی الواقع فإنَّ استفادة موسى مِن صُحبته تتمثل فی معرفة أسرار هذه الحوادث الثلاثة العجیبة، والتی یمکن أن تکون مفتاحاً للعدید مِن المسائل، وجواباً لکثیر من الأسئلة.

ففی البدایة ذکر قصّة السفینة وقال: (أمّا السفینة فکانت لمساکین یعملون فی البحر فأردتّ أن أعیبها وکانَ وراءهم ملک یأخذ کلّ سفینة غصب ).

وبهذا الترتیب کان ثمّة هدف خیِّر وراء ثقب السفینة الذی بدأ فی حینه عملا مشیناً سیّئاً، والهدف هو نجاتهم مِن قبضة ملک غاصب، وکان هذا الملک یترک السفینة المعیبة ویصرف النظر عنها، إذاً خلاصة المقصود فی الحادثة الاُولى هو حفظ مصالح مجموعة مِن المساکین.

کلمة «وراء» لا تعنی هُنا الجانب المکانی، وإنّما هی کنایة عن الخطر المحیط بهم (خطر الملک) بدون أن یعلموا به، وبما أنَّ الإنسان لا یحیط بالحوادث التی سوف تصیبهُ لاحقاً، لذا استخدمت الآیة التعبیر الآنف الذکر.

إضافة إلى ذلک فإنَّ الإنسان عندما یخضع لضغط فرد أو مجموعة فإنَّهُ یستخدم تعبیر (وراء) کقوله مثلا: الدّیانون ورائی ولا یترکونی; وفی الآیة 16 مِن سورة إبراهیم نقرأ قوله تعالى: (مِن ورائه جهنَّم ویسقى مِن ماء صدید ) وکأنَّ جهنَّم تلاحق وتتبع المذنبین، لذا فقد استخدمت کلمة وراء(1) .

ویفید استخدام کلمة (مسکین) أنَّ «المسکین» لیسَ هو الشخص الذی  لا یملک شیئاً مطلقاً، بل هی وصف یُطلق على الأشخاص الذین یملکون أموالا وثروة لکنَّها لا تفی بحاجاتهم.

ویحتمل أیضاً أن یکون السبب فی إطلاق وصف (المساکین) علیهم لیسَ بسبب الفقر المالی، بل بسبب افتقارهم للقوّة والقدرة، وهذا التعبیر یستخدم فی لغة العرب، کما وأنَّهُ یتلاءم مع الجذور الأصلیة لمعنى مسکین لغویاً، والذی یعنی السکون والضعف.

وفی نهج البلاغة نقرأ قول أمیر المؤمنین (علیه السلام): «مسکین ابن آدم... تؤلمهُ البقة، وتقتله الشرقة، وتنتنهُ العرقة» (2) .

بعد ذلک ینتقل العالم إلى بیان سر الحادثة الثّانیة التی قتل فیها الفتى فیقول: (وأمّا الغلام فکان أبواه مؤمنین فخشینا أن یرهقهما طغیاناً وکفر ).

تحتمل مجموعة منِ المفسّرین أنَّ المقصود مِن الآیة لیسَ ما یتبیّن مِن ظاهرها مِن أنَّ الفتى الکافر والعاصی قد یکون سبباً فی انحراف أبویه، وإنّما المقصود أنَّهُ بسبب طغیانه وکفره یؤذی أبویه کثیر(3) ; ولکن التّفسیر الأوّل أقرب للصحة.

فی کل الأحوال، فإنَّ الرجل العالم قامَ بقتل هذا الفتى، واعتبر سبب ذلک ما سوف یقع للأب والأم المؤمنین فی حالِ بقاء الابن على قید الحیاة.

وسوف نجیب فی فقرة البحوث على شبهة (القصاص قبل الجنایة) التی ترد على عمل الخضر هذا.

کلمة (خشین) تستبطن معنىً کبیراً، فهذا التعبیر یوضّح أنَّ هذا الرجل العالم کان یعتبر نفسهُ مسؤولا عن مستقبل الناس، ولم یکن مستعدّاً لأن تصاب أم أو أب مؤمنان بسوء بسبب انحراف ولدهما.

کما إنَّ تعبیر (خشینا) جاء هُنا بمعنى: لم نکن نرغب، وإلاَّ لا معنى للخوف فی هذه الموارد بالنسبة لشخص بهذا المستوى مِن العلم والوعی والقدرة.

وبعبارة اُخرى، فإنَّ الهدف هو الإتّقاء مِن حادث سیء نرغب أن نقی الأبوین مِنهُ على أساس المودّة لهما.

ویحتمل أن یکون التعبیر بمعنى (علمن) کما ینقل عن ابن عباس، یعنی أنّنا کُنّا نعلم أنَّ الفتى ـ فی حال بقائه ـ سوف یکون سبباً لأحداث ألیمة تقع لأبیه واُمه فی المستقبل.

أمّا لماذا استخدم ضمیر المتکلّم فی حالة الجمع، بینما کان المتکلِّم فرداً واحداً، فإنَّ سبب ذلک واضح، حیث إنّها لیست المرّة الاُولى التی یستخدم القرآن هذه الصیغة، ففی کلام العرب عندما یتحدّث الأشخاص الکبار عن أنفسهم فإنّهم یستخدمون ضمیر الجمع. والسبب فی ذلک أنَّ هؤلاء الأشخاص یملکون أشخاصاً تحت أیدیهم ویعطونهم الأوامر لتنفیذ الأعمال، فالله یعطی الأوامر للملائکة، والإنسان یعطی الأوامر للذین هم تحت یدیه.

ثمّ تحکی الآیات على لسان العالم قوله: (فأردنا أن یُبدلهما ربّهما خیراً منهُ زکاة وأقرب رحم ).

إنَّ تعبیر (أردن) و(ربّهم) یطوی معانی کبیرة سوف نقف علیها بعد قلیل.

(زکاة) هنا بمعنى الطهارة والنظافة، ولها مفهوم واسع حیث تشمل الإیمان والعمل الصالح، وتتسع للاُمور الدینیة والمادیة، وقد یکون فی هذا التعبیر ما هو جواب على اعتراض موسى (علیه السلام) الذی قال: (أقتلت نفساً زکیّة... ) فقالَ لهُ العالم فی الجواب: إنَّ هذه النفس لیست زکیة، وأردنا أن یُبدلهما ربّهما ابناً طاهراً بدلا عن ذلک.

وفی روایات عدیدة نقرأ «أبدلهما الله به جاریة ولدت سبعین نبیّاً» (4) .

فی آخر آیة مِن الآیات التی نبحثها، کشف الرجل العالم عن السر الثّالث الذی دعاه إلى بناء الجدار فقال: (وأمّا الجدار فکانَ لغلامین یتیمین فی المدینة وکان تحتهُ کنزٌ لهما وکانَ أبوهما صالح ).

(فأراد ربّک أن یبلغا أشدّهما ویستخرجا کنزهم ).

(رحمةً مِن ربّک ).

وأنا کُنت مأموراً ببناء هذا الجدار بسبب جمیل وإحسان أبوی هذین الیتیمین، کی لا یسقط وینکشف الکنز ویکون معرّضاً للخطر.

وفی خاتمة الحدیث، ولأجل أن تنتفی أىّ شبهة محتملة، أو شک لدى موسى (علیه السلام)، ولکی یکون على یقین بأنَّ هذه الأعمال کانت طبقاً لمخطط وتوجیه غیبی، قال العالم: (وما فعلتهُ عن أمری ) بل بأمر مِن الله.

وذلک سر ما لم یستطع علیه موسى (علیه السلام) صبراً، إذ قال: (ذلک تأویل ما لم تسطع علیه صبر ).(5)


1. فی معنى «وراء» یمکن مراجعة البحث الوارد فی ذیل الآیة 16 مِن سورة إبراهیم فی تفسیرنا هذا.
2. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 419.
3. وفق التّفسیر الأوّل یکون الفعل «یرهق» مُتعدّیاً إلى مفعولین: الأوّل (هما)، والمفعول الثّانی (طغیاناً)، أمّا وفق التّفسیر الثّانی فإن (طغیاناً) و(کفراً) یکونان مفعولا لأجله.
4. تفسیر نورالثقلین، ج 3، ص 286 و287.
5. (لم تسطع) کان فی الأصل «تستطیع» وبعد ورود حرف الجزم حذف حرف التاء باب الاستفعال.
سورة الکهف / الآیة 79 ـ 82 1ـ هل کانت مهمّة الخضر فی اِطار النظام التشریعی أم التکوینی!؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma