لقاءِ موسى والخضر (علیهما السلام):

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الکهف / الآیة 60 ـ 64 سورة الکهف / الآیة 65 ـ 70

ذکر المفسّرون فی سبب نزول هذه الآیات أنَّ مجموعة مِن قریش جاؤوا إلى النّبی (صلى الله علیه وآله)وسألوه عن عالم کان موسى (علیه السلام) مأموراً باتباعه، وفی الجواب على ذلک نزلت هذه الآیات.

لقد ذکرت فی سورة الکهف ثلاث قصص متناسقة وهذه القصص هی: قصّة أصحاب الکهف التی إنتهینا مِنها; وقصّة موسى والخضر (علیهما السلام); وقصّة ذی القرنین التی سنقف على ذکرها فیما بعد.

هذه القصص الثلاث تخرجنا مِن الأفق المحدود فی حیاتنا وما تعوّدنا علیه وألفناه، وتبیّن لنا أنّ حدود العالم لا تنحصر فی نطاق ما نرى وما نُشاهد، وأنَّ الشکل العام للحوادث والأحداث لیسَ هو ما نفهمهُ مِن خلال النظرة الاُولى.

وإذا کانت قصّة أصحاب الکهف تتحدّث عن فتیة ترکوا کلّ شیء مِن أجل أن یحافظوا على إیمانهم، وقد أدّى بهم ذلک إلى حوادث عظیمة ذات أبعاد تربویة لجمیع الناس، فإنَّ قصّة موسى والخضر لها أبعاد عجیبة اُخرى. ففی القصّة یُواجهنا مشهد عجیب نرى فیه نبیّاً مِن أولی العزم بکلّ وعیه ومکانته فی زمانه یعیش محدودیة فی علمه ومعرفته مِن بعض النواحی، وهو لذلک یذهب إلى معلم (هو عالم زمانه) لیدرس ویتعلّم على یدیه، ونرى أنَّ المعلم یقوم بتعلیمه دروساً یکون الواحد مِنها أعجب مِن الآخر، ثمّ إنَّ هذه القصّة تنطوی ـ کما  سنرى ـ على ملاحظات مهمّة جدّاً.

فی أوّل آیة نقرأ قوله تعالى: (وإذ قالَ موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرین أو أمضی حقب ).

إنَّ المعنی بالآیة هو بلا شک موسى بن عمران النّبی المعروف مِن أولی العزم، بالرغم ممّا احتمله بعض المفسّرین مِن أنَّ موسى المذکور فی الآیة هو غیر موسى بن عمران (علیه السلام)، وسوفَ نرى ـ فیما بعد ـ أنَّ اعتماد هذا الرأی کان بسبب عدم استطاعتهم حلّ بعض الإشکالات الواردة فی القصّة، فی حین أنّه کلّما ورد اسم (موسى) فی القرآن فالمراد به موسى بن عمران.

أمّا المعنی مِن (فتاه) فهو کما یقول أکثر المفسّرین ـ وکما تُشیر إلى ذلک العدید مِن الرّوایات ـ أنّه یوشع بن نون، الرجل الشجاع الرشید المؤمن مِن بنی اِسرائیل، واستخدام کلمة (فتى) فی وصفه قد یکون بسبب هذه الصفات البارزة، أو بسبب خدمته لموسى (علیه السلام)ومرافقته له.

(مجمع البحرین) بمعنى محل التقاء البحرین، وهناک کلام کثیر بین المفسّرین عن اسم هذین البحرین، ولکن ـ بشکل عام ـ یمکن إجمال الحدیث بثلاثة احتمالات هی:

أوّلا: المقصود بمجمع البحرین هو محل اتصال «خلیج العقبة» مع «خلیج السویس» (إذ المعروف أنَّ البحر الأحمر یتفرّع شمالا إلى فرعین: فرع نحو الشمال الشرقی حیث یشکّل خلیج العقبة، والثّانی نحو الشمال الغربی ویسمى خلیج السویس، وهذان الخلیجان یرتبطان جنوباً ویتصلان بالبحر الأحمر).

ثانیاً: المقصود بمجمع البحرین هو محل إتصال المحیط الهندی بالبحر الأحمر فی منطقة «باب المندب».

ثالثاً: محل إتصال البحر المتوسط (الذی یسمّى ـ أیضاً ـ ببحر الروم والبحر الأبیض) مع المحیط الأطلسی، یعنی نفس المکان الذی یطلق علیه اسم (مضیق جبل طارق) قرب مدینة «طنجة».

الاحتمال الثّالث مُستبعد بحکم بُعد مکان موسى (علیه السلام) عن جبل طارق الذی یبعد عنهُ مسافة کبیرة جدّاً، قد تصل فترة وصوله (علیه السلام) إلیه عدَّة أشهر إذا انتقل بالوسائل العادیة.

أمّا الإحتمال الثّانی، فمع أنَّ المسافة ما بینهُ وبین مکان موسى (علیه السلام) أقرب، إلاَّ أنَّهُ مستبعد ـ أیضاً ـ بحکم الفاصل الکبیر بین الشام وجنوب الیمن.

یبقى الاحتمال الأوّل هو الأقرب مِن حیث قربه إلى مکان موسى (علیه السلام)، وما یرجّح هذا الرأی هو ما نستفیده مِن الآیات ـ بشکل عام ـ مِن أنَّ موسى (علیه السلام) لم یسلک طریقاً طویلا بالرغم مِن أنَّهُ کان مستعدّاً للسفر إلى أىّ مکان لأجل الوصول إلى مقصوده (فدقق فی ذلک).

وفی بعض الرّوایات إشارة إلى هذا المعنى أیضاً.

کلمة «حقب» تعنی المدّة الطویلة والتی فسَّرها البعض بثمانین عاماً، وغرض موسى (علیه السلام)مِن هذه الکلمة، هو أنّنی سوف لا أترک الجهد والمحاولة للعثور على ما ضیّعتهُ ولو أدّى ذلک أن أسیر عِدَّة سنین.

ومِن مجموع ما ذکرنا أعلاه یتبیّن لنا أنّ موسى (علیه السلام) کان یبحث عن شیء مهم وقد أقام عزمه ورسّخ تصمیمه للعثور على مقصوده وعدم التهاون فی ذلک إطلاقاً.

إنّ الشیء الذی کان موسى (علیه السلام) مأموراً بالبحث عنه، لهُ أثرٌ کبیر فی مستقبله، وبالعثور علیه سوف یفتح فصلٌ جدیدٌ فی حیاته.

نعم، إنَّهُ (علیه السلام) کان یبحث عن عالم یزیل الحجب مِن أمام عینیه ویُریه حقائق جدیدة، ویفتح أبواب العلوم أمامه، وسنعرف سریعاً أنَّ موسى (علیه السلام) کان یملک علامة للعثور على محل هذا العالم الکبیر، وکانَ (علیه السلام) یتحرّک باتجاه تلک العلامة.

قوله تعالى: (فلمّا بلغا مجمع بینهما نسیا حوتهم ) أی السمکة التی کانت معهما، أمّا العجیب فی الأمر فإنّ الحوت: (فاتّخذ سبیله فی البحر سرب ) (1) .

وهناک کلام کثیر بین المفسّرین عن نوعیة السمک الذی کان معدّاً للغذاء ظاهراً هل کانت سمکة مشویة، أو مملّحة أو سمکة طازجة حیث بعثت فیها الحیاة بشکل اعجازی وقفزت الى الماء وغاصت فیه؟

وفی بعض کتب التّفسیر نرى أنَّ هُناک حدیثاً عن عین تهب الحیاة، وأنّ السمکة عندما أصابها مقدار مِن ماء تلک العین عادت إلیها الحیاة.

وهناک احتمال آخر وهو أنّ السمکة کانت حیَّة، بمعنى أنّها لم تکن قد ماتت بالکامل، حیث یوجد بعض أنواع السمک یبقى على قید الحیاة فترة بعد إخراجه مِن الماء، ویعود إلى الحیاة الکاملة إذا أعید فی هذه الفترة إلى الماء.

وفی تتمّة القصّة، نقرأ أنَّ موسى وصاحبه بعد أن جاوزا مجمع البحرین شعرا بالجوع، وفی هذه الأثناء تذکَّر موسى (علیه السلام) أنَّهُ قد جلب معهُ طعاماً، وعند ذلک قالَ لصاحبه: (فلمّا جاوزا قالَ لفتاه آتنا غدائنا لقد لقینا مِن سفرنا هذا نصب ).

(غداء) یقال للطعام الذی یتمّ تناوله فی أوّل الیوم أو فی منتصفه. ولکنّا نستفید مِن التعابیر الواردة فی کُتب اللغة أنّهم فی الأزمنة السابقة کانوا یطلقون کلمة (غداء) على الطعام الذی یتمّ تناوله فی أوَّل الیوم (لأنّها مأخوذة مِن کلمة «غدوة» والتی تعنی بدایة الیوم) فی حین أنَّ کلمة «غداء» و«تغدّى» تطلق الیوم على تناول الطعام فی وقت الظهیرة.

على أی حال، إنَّ هذه الجملة تُظهر أنَّ موسى ویوشع قد سَلَکا طریقاً یُمکن أن نسمّیه بالسفر، إلاَّ أنَّ نفس هذه التعابیر تفید أنَّ هذا السفر لم یکن طویلا.

وفی هذه الأثناء قالَ لهُ صاحبهُ: (قالَ أرأیت إذ أوینا إلى الصّخرة فإنّی نسیت الحوت وما أنسانیه إلاَّ الشیطان أن أذکره واتّخذ سبیلهُ فی البحر عجب ) (2) .

ولأنَّ هذا الحادث والموضوع ـ بشکل عام ـ کان علامة لموسى (علیه السلام)، لکی یصل مِن خلاله إلى موقع (العالم) الذی خرجَ یبحث عنهُ، لذا فقد قال: (قال ذلک ما کُنّا نبغ ).

وهُنا رجعا فی نفس الطریق: (فارتدّا على آثارهما قصص ).

السؤال: وهنا قد یُطرح هذا السؤال: هل یمکن لنبی مثل موسى (علیه السلام) أن یُصاب بالنسیان حیث یقول القرآن (نسیا حوتهم ) ثمّ لماذا نَسَبَ صاحب موسى (علیه السلام) نسیانهُ إلى الشیطان؟

فی الجواب نقول: إنَّهُ لا یوجد ثمّة مانع مِن الإصابة بالنسیان فی المسائل والموارد التی لا ترتبط بالأحکام الإلهیّة والاُمور التبلیغیة، أی فی مسائل الحیاة العادیة (خاصّة فی المواقع التی لها طابع اختبار، کما هو الحال فی موسى هنا، وسوف نشرح ذلک فیما بعد).

أمّا ربط نسیان صاحبه بالشیطان، فیمکن أن یکون ذلک بسبب أنّ قضیة السمکة ترتبط بالعثور على ذلک الرجل العالِم، وبما أنَّ الشیطان یقوم بالغوایة، لذا فإنَّه أراد مِن خلال هذا العمل (النسیان) أن یصلا مُتأخِرَینَ إلى ذلک العالم، وقد تکون مقدمات النسیان قد بدأت مِن (یوشع) نفسهُ حیثُ إنَّهُ لم یُدقق ویهتم بالأمر کثیراً.


1. «سَرَب» على وزن «جَرَب» کما یقول الراغب فی مفرداته، وهی تعنی السیر فی الطریق المنحدر، وَ«سرب» على وزن «حرب» تعنی الطریق المنحدر.
2. إنّ جملة (وما أنسانیه إلاّ الشیطان أن أذکره) جملة اعتراضیة تقع فی وسط الکلام، ولأنَّ هذه الجملة  تذکرـ فی الواقع ـ سبب النسیان، لذا فقد وقعت فی وسط الکلام، وهذا الأسلوب شائع خصوصاً للأشخاص الذین یکونون موضع عتاب شخص أکبر، حیث إنّهم یذکرون العلة الأصلیة ضمن الکلام بشکل اعتراضی، حتى یکون الاعتراض علیهم أقل.
سورة الکهف / الآیة 60 ـ 64 سورة الکهف / الآیة 65 ـ 70
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma