لا تتخذوا الشیاطین أولیاء:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الکهف / الآیة 50 ـ 53 1ـ هل کانَ الشیطان مَلَکاً؟

لقد تحدّثت الآیات مرّات عدَّة عن خلق آدم وسجود الملائکة له، وعدم انصیاع إبلیس. وقد قلنا: إنَّ هذا التکرار یتضمن دروساً مُتعدِّدة، وفی کلّ مقطع مکرَّر هناک دروس وعبرٌ جدیدة.

بعبارة اُخرى نقول: إنَّ للحادثة المهمّة عدَّة أبعاد، وفی کلّ مرَّة تذکر فیها یتجلى واحد مِن أبعادها.

ولأنَّ الآیات السابقة ذکرت مثالا واقعیاً عن کیفیة وقوف الأثریاء المستکبرین والمغرورین فی مقابل الفقراء المستضعفین وتجسُّد عاقبة عملهم، ولأنَّ الغرور کانَ هو السبب الأصلی لإنحراف هؤلاء وانجرارهم إلى الکفر والطغیان، لذا فإنَّ الآیات تعطف الکلام على قصّة إبلیس وکیف أبى السجود لآدم غروراً مِنهُ وعلوّاً، وکیف قاده هذا الغرور والعلو إلى الکفر والطغیان.

إضافة إلى ذلک، فإنَّ هذه القصّة توضّح أنَّ الانحرافات تنبع مِن وَساوس الشیطان، کی تکشف أنَّ الإستسلام إلى وساوس الشیطان الذی أصرَّ على عناده وعداوته للحق تعالى یعدّ غایة الجنون والحمق.

فی البدایة تقول الآیات: تذکّروا ذلک الیوم الذی فیه: (وإذ قلنا للملائکة اسجدوا لآدَم فسجدوا إلاَّ إبلیس ). هذا الاستثناء یمکن أن یوهمنا بأنَّ إبلیس کانَ مِن جنس الملائکة، فی حین أنَّ الملائکة معصومون، فکیف سلک  إبلیس ـ إذاً ـ طریق الطغیان والکفر إذا کانَ مِن جملتهم؟

لذلک فإنَّ الآیات ـ منعاً لهذا الوهم ـ تقول مُباشرة إنَّهُ: (کانَ من الجنّ ففسق عن أمر ربّه ).

إنَّهُ إذاً لم یکن مِن الملائکة، لکنَّهُ ـ بسبب عبودیته وطاعته  للخالق جلَّوعلا ـ قُرِّب وکانَ فی صف الملائکة، بل وکان معلّماً لهم، إلاَّ  أنَّهُ ـ بسبب لحظة مِن الغرور والکبر ـ سقط سقوطاً بحیث إنَّهُ فقد معهُ کلّ ملاکاته المعنویة، وأصبح أکثر الموجودات نفرة وابتعاداً عن الله تبارک وتعالى.

ثمّ تقول الآیة: (أفتتّخذونه وذرّیّته أولیاء مِن دونی ).

والعجب أنّهم: (وهم لکم عدوّ ).

وهذا العدو، هو عدوّ صعب مُصَمِّم على ضلالکم وأن یوردکم سوء العاقبة، وقد أظهر عدوانه مُنذ الیوم الأوّل لأبیکم آدم (علیه السلام).

فاتّخاذ الشیطان وأولاده بدلا مِن الخالق المتعال أمرٌ قبیح: (بئس للظّالمین بدل ) (1) .

حقّاً إنَّهُ لأمر قبیح أن یترک الإنسان الإله العالم الرحیم العطوف ذا الفیوضات والرحمات والألطاف، ویتمسک بالشیطان وأصحابه، إنَّهُ أقبح اختیار، فأىّ عاقل یقبل أن یتخذ مِن عدوّه الذی ناصبهُ العداء ـ مُنذ الیوم الأوّل ـ ولیّاً وقائداً ودلیلا ومعتمداً؟!

الآیة التی بعدها هی دلیل آخر على إبطال هذا التصوّر الخاطیء، إذ تقول: عن إبلیس وابنائه أنّهم لم یکن لهم وجود حین خلق السماوات والأرض، بل لم یشهدوا حتى خلق أنفسهم: (ما أشهدتّهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ). حتى نطلب العون مِنهم فی خلق العالم، أو نطلعهم على أسرار الخلق.

لذا فإنَّ الشخص الذی لیسَ له أىّ دور فی خلق العالم، وحتى فی خلق مَن یقع على شاکلته ومَن هو مِن نوعه، ولا یعرف شیئاً مِن أسرار الخلق، کیف یکون مستحقاً للولایة، أو العبادة، وأىّ قدرة أو دور یملک؟

إنَّهُ کائن ضعیف وجاهل حتى بقضایاه الذاتیة، فکیف یستطیع أن یقود الآخرین، أو أن ینقذهم مِن المشاکل والصعوبات؟

ثمّ تقول: (وما کنت مُتّخذ المضلّین عضد ).

یعنی أنّ الخلق قائم على أساس الصدق والصحة والهدایة، أمّا الکائن الذی یقوم منهج حیاته على الإضلال والإفساد، فلیس لهُ مکان فی إدارة هذا النظام، لأنَّه یسیر فی إتجاه معاکس لنظام الخلق والوجود; إنَّهُ مخرّب ومدمِّر ولیسَ مُصلحاً متکاملا.

آخر آیة مِن الآیات التی نبحثها، تحذّر مرَّة اُخرى، وتقول: تذکّروا یوماً یأتی فیه النداء الإلهی: (ویوم یقول نادوا شرکائی الذین زعمتم ).

لقد کُنتم تنادونهم عمراً کاملا، وکنتم تسجدون لهم، والیوم وبعد أن أحاطت بکم أمواج العذاب فی ساحة الجزاء، نادوهم لیأتوا لمساعدتکم ولو لساعة واحدة فقط.

هناک ینادی الأشخاص الذین لا تزال ترسّبات أفکار الدنیا فی عقولهم: (فدعوهم فلم یستجیبوا لهم ). فلم یجیبوا على ندائهم، فکیف بمساعدتهم وانقاذهم!!

(وجعلنا بینهم موبق ) (2) .

ثمّ تقول الآیة التی بعدها موضّحة عاقبة الذین اتبعوا الشیطان والمشرکین: (ورءا المجرمون النار ).

لقد انکشفت لهم النّار التی لم یکونوا یُصدِّقون بها أبداً، وظهرت أمام أعینهم، وحینئذ یشعرون بأخطائهم، ویتیقّنون بأنّهم سیدخلون النّار: (فظنّوا أنّهم مُواقعوه ).

ثمّ یتیقّنون أیضاً أن لا منقذ لهم مِنها: (ولم یجدوا عنها مصرف ).

فلا تنقذهم الیوم مِنها لا معبوداتهم ولا شفاعة الشفعاء، ولا الکذب أو التوَسُّل بالذهب والقوّة، إنَّها النّار التی یزداد سعیرها بسبب أعمالهم.

ینبغی الإلتفات هنا إلى أنَّ جملة «ظنّوا» بالرغم مِن أنّها مُشتقّة مِن «الظن» إلاَّ أنّها فی هذا المورد، وفی موارد اُخرى تأتی بمعنى الیقین، لذا فإنَّ الآیة 249 مِن سورة البقرة تستخدم نفس التعبیر بالرغم مِن أنّها تتحدّث عن المؤمنین الحقیقیین والمجاهدین المرابطین الذین کانوا مع طالوت لقتال جالوت الجبّار الظالم، إذ تقول: (قالَ الذین یظنّون أنّهم مُلاقوا الله کم مِن فئة قلیلة غلبت فئة کثیرة بإذن الله ).

فإنَّ کلمة «مواقعوها» مُشتقّة مِن «مواقعة» بمعنى الوقوع على الآخرین، وهی إشارة إلى أنّهم یقعون على النّار، وأنَّ النّار تقع علیهم; فالنّار تنفذ فیهم وهم ینفذون فی النّار، وقد قرأنا فی الآیة 24 مِن سورة البقرة قوله تعالى: (فاتّقوا النّار التی وقودها الناس والحجارة ).


1. «بدلا» من حیث الترکیب اللغوی، تمییز. وفاعل «بئس» هو الشیطان وعصابته، أو عباد الشیطان وعصابته.
2. «موبق» مِن «وبوق» على وزن «نبوغ» وهی تعنی الهلاک، وَ(موبق) تقال للمهلکة.
سورة الکهف / الآیة 50 ـ 53 1ـ هل کانَ الشیطان مَلَکاً؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma