جواب المؤمن:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الکهف / الآیة 37 ـ 41 سورة الکهف / الآیة 42 ـ 44

هذه الآیات هی ردّ على ما نسجهُ من أوهام ذلک الغنی المغرور العدیم الإیمان، نسمعها تجری على لسان صاحبه المؤمن.

لقد بدأ الکلام بعد أن ظلَّ صامتاً یستمع إلى کلام ذلک الرجل ذی الأفق الضیّق والفکر المحدود، حتى ینتهی مِن کلامه، ثمّ قال له: (قالَ لهُ صاحبهُ وهو یحاوره أکفرت بالذی خلقک مِن تراب ثمّ مِن نطفة ثمّ سوّاک رجل ).

السؤال: وهُنا قد یُثار هذا السؤال، وهو: إنَّ کلام ذلک الرجل المغرور المتکبّر الذی مرَّ ذکره فی الآیات الآنفة، لم یصرّح فیه بإنکار الحق جلَّ وعلا، فی حین أنَّ جواب الإنسان المؤمن رکزَّ فیه أوّلا على إنکاره للخالق!؟ لذلک فإنَّهُ وجَّه نظره أوّلا إلى قضیة خلق الإنسان التی هی من أبرز أدلة التوحید والتوجّه نحو الخالق العالم القادر، الله الذی خلق الإنسان مِن تراب، حیثُ امتصّت جذور الأشجار المواد الغذائیة الموجودة فی الأرض، والأشجار بدورها أصبحت طعاماً للحیوانات، والإنسان إستفاد مِن هذا النبات ولحم الحیوان، وانعقدت نطفته مِن هذه المواد، ثمّ سلکت النطفة طریق التکامل فی رحم الاُم حتى تحوَّلت إلى إنسان کامل، الإنسان الذی هو أفضل مِن جمیع موجودات الأرض، فهو یُفکِّر ویُصَمِّم ویُسَخِّر کلَّ شیء لأجله.

نعم، إنَّ هذا التراب عدیم الأهمّیة یتحوَّل إلى هذا الموجود العجیب، مع هذه الأجهزة المعقّدة الموجودة فی جسم الإنسان وروحه، وهذا مِن الدلائل العظیمة على التوحید.

الجواب: وفی الجواب على السؤال المُثار ذکر المفسّرون تفاسیر مُتعدّدة نجملها فیما یلی:

قالت مجموعة مِنهم: بما أنَّ هذا الرجل المغرور أنکر بصراحة المعاد والبعث أو شکّکَ فیه، فإنَّهُ یلزم من ذلک إنکار الخالق، لأنَّ مُنکر المعاد الجسمانی یُنکر فی الواقع قدرة الله، ولا یصدّق بأنَّ هذا التُراب المتلاشی سوف تعود لهُ الحیاة مرّة اُخرى، لذا فإنَّ الرجل المؤمن مع ذکره للخلق الأوّل مِن تُراب، ثمّ من نطفة ـ ثمّ بإشارته للمراحل الاُخرى ـ أراد أن یُلفت نظره إلى القدرة غیر المتناهیة للخالق حتى یعلم بأنَّ قضیة المعاد یُمکن مشاهدتها هُنا وتمثّلها بأعیننا فی واقع هذه الأرض.

وقال آخرون: إنَّ شرکهُ وکفرهُ کانا بسبب ما رَآه لِنفسه مِن إستقلال فی المالکیة وما تصوّره مِن دوام وأبدیة هذه الملکیة.

الإحتمال الثّالث أنّه لا یبعد أن یکون الرجل قد أنکر الخالق فی بعض کلامه ولم یذکر القرآن هذا المقطع من کلامه. وقد یتوضّح الأمر بقرینة جواب الرجل المؤمن، لذا نرى فی الآیة التی بعدها أنَّ الرجل المؤمن قالَ لصاحب البستان ما مضمونه: إن کنت أنکرت وجود خالقک وسلکت طریق الشرک، إلاَّ أنّنی لا أفعل ذلک أبداً.

على أی حال، ثمّة علاقة واضحة تربط بین الاحتمالات الثلاثة، ویُمکن أن یکون کلام الرجل المؤمن المُوَحِّد إشارة الى هذه الإحتمالات جمیعاً.

ثمّ عَمِد الرجل الموحِّد المؤمن إلى تحطیم کُفر وغرور ذلک الرجل (صاحب البستان) فقال: (لکنّا هو الله ربّی ) (1) . وإنّی أفتخر بهذا الإعتقاد وأتباهى به، إنّک تفتخر بأنّک تملک بستاناً ومزرعة وفواکه وماءاً کثیراً; إلاَّ أنّنی أفتخر بأنَّ الله ربّی، إنَّهُ خالقی ورازقی; إنّک تتباهى بدنیاک وأنا أفتخر بعقیدتی وإیمانی وتوحیدی: (ولا أشرک بربّی أحد ).

وبعد أن أشار إلى قضیة التوحید والشرک اللذّین یُعتبران مِن أهم المسائل المصیریّة، جدَّد لومه لصاحبه قائلا: (ولولا إذ دَخلت جنّتک قلت ما شاء الله ) (2) .

فلماذا لا تعتبر کلّ هذه النعم مِن الخالق جلَّ وعلا؟ ولماذا لم تشکره علیها؟ ولماذا لم تقل: (لا قوة إلاَّ بالله

فإذا کُنت قد هیَّأت الأرض وبذرت البذور وزرعت الغرس وربّیت الأشجار، وفعلت کلَّ شیء فی وقته المناسب حتى وصل الأمر إلى ما وصل إلیه; فإنَّ کلّ هذه الاُمور هی مِن قدرة الخالق جلَّوعلا، وقد وَضع سبحانه وتعالى الوسائل والإمکانات تحت تصرّفک، حیث إنّک لا تملک شیئاً من عندک، وبدونه تکون لا شیء!

ثمّ یقول له: لیسَ مِن المهم أن أکون أقل مِنک مالا وولداً: (إن ترن أنا أقلّ منک مالا وولد ).

(فعسى ربّی أن یُؤتین خیراً مِن جنّتک ).

ولیسَ فقط أن یُعطینی أفضل ممّا عندک، بل ویرسل صاعقة من السماء على بُستانک، فتصبح الأرض الخضراء أرض محروقة جرداء: (ویرسل علیها حسباناً مِن السماء فتصبح صعیداً زلق ).

أو أنَّهُ سبحانه وتعالى یُعطی أوامره إلى الأرض کی تمنعک الماء: (أو یصبح ماؤها غوراً فلن تستطیع لهُ طلب ).

«حُسبان» على وزن «لقمان» وهی فی الأصل مأخوذة مِن کلمة «حساب»، ثمّ وردت بعد ذلک بمعنى السهام التی تُحَسب عندَ رمیها، وتأتی أیضاً بمعنى الجزاء المرتبط بحساب الأشخاص، وهذا هو ما تشیر إلیه الآیة أعلاه.

«صعید» تعنی القشرة التی فوق الأرض، وهی فی الأصل مأخوذة مِن کلمة صَعود.

«زلق» بمعنى الأرض الملساء بدون أی نباتات بحیث إنَّ قدم الإنسان تنزلق علیها (الطریف ما یقوم به الإنسان الیوم حیث تتمّ عملیة تثبیت الأرض والرمال المتحرکة، ومنع القرى مِن الإندثار تحت هذه الرمال عند هبوب العواصف الرملیة، وذلک مِن خلال زراعتها بالنباتات والأشجار، أو ـ کما یُصطلح علیه ـ إخراجها مِن حال الزلق والإنزلاق).

فی الواقع، إنَّ الرجل المؤمن والموحِّد حذَّر صدیقه المغرور أن لا یطمأن لهذه النعم، لأنَّها جمیعاً فی طریقها إلى الزوال وهی غیر قابلة للإعتماد.

إنَّهُ أراد أن یقول لصاحبه: لقد رأیت بعینیک ـ أو على الأقل سمعت بأذنک ـ کیف أنَّ الصواعق السماویة جعلت مِن البساتین والبیوت والمزروعات ـ وخلال لحظة واحدة ـ تلاًّ مِن التراب والرماد وأصبحت أرضهم یابسة عدیمة الماء والکلأ.

وأیضاً سمعت أو رأیت بقیام هزّة أرضیة تطمس الأنهار وتُجفِّف العیون، بحیث تکون غیر قابلة للإصلاح والترمیم.

وبمعرفتک لکلّ هذ الاُمور فَلِمَ هذا الغرور؟!

أنت الذی شاهدت أو سمعت کلّ هذا، فَلِمَ هذا الإنشداد للأرض والهوى؟

ثمّ لماذا تقول: لا أعتقد أن تزول هذه النعم وأنّها باقیة وخالدة; فلماذا هذا الجهل والبلاهة!!!؟


1. کلمة «لکنّا» فی الأصل کانت «لکن إنَّ» ثمّ دمجت وأصبحت هکذا.
2. جملة (ما شاء الله) لها محذوف إذ تکون مع التقدیر: (ما شاء الله کان)، أو: (ما شاء الله)، فإنَّ هذا هو الشیء الذی یریدهُ الله.
سورة الکهف / الآیة 37 ـ 41 سورة الکهف / الآیة 42 ـ 44
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma