3ـ الجوانب التربویة لقصّة أهل الکهف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
2ـ أین کانَ الکهف؟ 4ـ هل أنَّ قصّة أصحاب الکهف علمیّة؟

هذه القصّة التأریخیة العجیبة التی یذکرها القرآن خالیة مِن أىّ خرافة أو وضع، وفیها العدید مِن الدروس التربویة البنّاءة، تماماً کما فی قصص القرآن الاُخرى، وإذا کُنّا قد أشرنا إلى هذه الدروس ضمن تفسیر الآیات، فإنّنا نرى مِن الضروری الآن أن نشیر إلیها بشکل مجمل حتى نقترب أکثر مِن الهدف الأساس للقرآن، وفیما یلی أبرز هذه الدروس:

) إنَّ أوّل دروس هذه القصّة هو تحطیم حاجز التقلید، والإبتعاد عن التلوّن بلون المجتمع الفاسد. فهؤلاء الفتیة حافظوا ـ کما لاحظنا ـ على استقلالهم الفکری فی قبال الأکثریة المنحرفة المحیطة بهم، وهذا الأمر أصبح سبباً فی نجاتهم وتحرُّرهم.

وینبغی للإنسان أن یکون له تأثیر بنّاء على مجتمعه لا أن یکون مسایراً له.

ب) الهجرة مِن الأوساط المنحرفة درس آخر فی هذه القصّة ذات العبر، فهم قد ترکوا بیوتهم وحیاتهم المرفَّهة الملیئة بألوان النعم المادیة، وترکوا مَناصبهم، ورضوا بأنواع الصعوبات وأشکال الحرمان ـ فی الغار الذی کان یفتقد کلّ شیء ـ لکی یحفظوا إیمانهم، ولا یکونوا من عوامل وأعوان جهاز الظلم والجور والکفر والشرک(1) .

ج) التقیة بمعناها البنّاء درس آخر نستفیده مِن هذه القصّة، لقد کانوا یصرّون على عدم اطّلاع أهل المدینة على حالهم وخبرهم، واحتاطوا لیبقى أمرهم وحالهم مخفیّاً، حتى لا یخسروا أنفسهم بدون سبب، وکی یتجنّبوا أن یُجبروا على الرجوع إلى المحیط المنحرف الذی تخلّصوا منهُ.

ونحنُ نعرف أنَّ التقیة لیست سوى أن یتکتّم الإنسان على حقیقة أمره فی الأماکن والمواقف التی لا یرتجی منها فائدة فی ذکر الحقیقة، بل تکون سبباً للضرر، والتقیة وقایة للنفس واحتفاظ بقوّة الإنسان لوقت جهاد العدو حیث لاتقیة(2) .

د) عدم وجود تفاوت بین الناس وهم فی طریق الله، فالوزیر کانَ إلى جانب الراعی، بل کان الاثنان إلى جانب الکلب الذی کان یقوم بالحراسة، وهذا درس آخر یتّضح مِن خلاله أنَّ إمتیازات الدنیا المادیة، والمناصب الُمختلفة لیسَ لها أدنى نصیب أو تأثیر على تصنیف الناس مِن أهل الحق وسالکیه، إذ الکل فیه سواء... إنَّ طریق الحق هو طریق التوحید، وطریق التوحید هو طرق وحدة جمیع الناس.

هـ ) الإمدادات الإلهیّة العجیبة عند ظهور المشاکل، هی نتیجة اُخرى یجب الاعتبار بها، فقد رأینا کیف قامَ الخالق جلَّوعلا بإنامة أصحاب الکهف کلّ تلک المدّة الطویلة، مِن أجل إنقاذهم مِن تلک الظروف الاجتماعیة الصعبة التی کانت تحیط بهم.

وقد أیقظهم جلَّ وعلا فی الوقت المناسب، أی فی الوقت الذی أصبحوا رمزاً مِن رموز التوحید، وقد رأینا ـ کشکل مِن أشکال العنایة ـ کیف أنَّ الله تعالى حفظ أجسادهم خلال هذه المدَّة مِن تأثیرات الأحداث والعوامل المختلفة، وجعل مِن الرعب والخوف اُسلوباً للحفاظ علیهم فی قبال أعدائهم.

و) لقد تعلَّمنا مِن أصحاب الکهف قیمة (طهارة الطعام) حتى فی أصعب الظروف وأدقّها، لأنَّ طعام الإنسان لهُ آثار عمیقة فی روحه وفکره وقلبه، وعندما یختلط الطعام بالحرام والنجاسة، یبتعد الإنسان عن طریق الله; طریق التقوى.

ز) ضرورة الاعتماد على مشیئة الله وطلب العون مِن لطفه تعالى: وقول (إن شاء الله) فی کلّ ما یتعلق باُمور المستقبل... درس آخر نتعلّمه مِن قصّة أصحاب الکهف.

ح) لقد رأینا أنَّ القرآن سمّاهم: بـ (الفتیة) فی حین أنّهم ـ طبقاً للرّوایات ـ لم یکونوا شباباً مِن حیث العمر، وإذا عرفنا أنّهم کانوا فی البدایة وزراء الملک الجبّار، یتأکّد لنا أنّهم لم یکونوا صغاراً مِن حیث العمر. ولکن تسمیة القرآن لهم  بـ (الفتیة) للدلالة على صفات الشهامة والرشد والطُهر والفتوة والعفو والتسامح.

ط) ضرورة النقاش المنطقی مع المعارضین درسٌ آخر نستفیده مِن قصّة أصحاب الکهف، حیثُ إنّهم عندما أرادوا دحض الشرک الذی علیه مجتمعهم، ذکروا أدلة مَنطقیة قرأنا نماذج لها فی الآیات 15 و16 مِن هذه السورة.

إنَّ أساس عمل جمیع الأنبیاء والقادة الإلهیین مع أعدائهم ومعارضهم یستند ـ فی العادة ـ إلى قاعدة الحوار المنطقی والنقاش الحر، أمّا استخدام القوّة لأجل القضاء على الفتنة فهو أمرٌ یُلجأ إلیه عندما تفشل الحجة فی أداء وظیفتها، أو عندما یقوم الخصم بعرقلة النقاش المنطقی.

ی) وأخیراً، فإنَّ إمکانیة المعاد الجسمانی وعودة الناس إلى الحیاة مرّة اُخرى عند البعث، یُعتبر عاشر وآخر درس نستفیدهُ مِن هذه القصّة، وسنقرأ عنهُ تفصیلا فی بحوث قادمة إن شاء الله تعالى.

إنّنا لا نستطیع القول بأنَّ الدروس التربویة فی قصّة أصحاب الکهف تقتصر على ما ذکرناه، ولکنّا نعتقد أنَّهُ حتى لو کان هُناک درس واحد نستفیده مِن هذه القصّة لکفانا ذلک، فکیف بِنا وأمامنا هذه الدروس الکثیرة؟!

على أیّةِ حال، إنَّ هدف القرآن لیس قصّ القصص لغرض التسلیة، بل بناء الناس المقاومین المؤمنین الشجعان الواعین، وأحد الطرق لذلک هو ذکر نماذج أصیلة مما حدث طوال التاریخ البشری الملیء بالحوادث والمواقف.


1. مِن أجل المزید مِن التفاصیل حول مسألة الهجرة وفلسفتها فی الإسلام یمکن مُراجعة ما جاء فی تفسیر الآیة 100 مِن سورة النساء مِن تفسیرنا هذا.
2. حول کون «التقیة» اُسلوباً للدفاع والوقایة، یُمکن مُراجعة ما ذکرناه لدى تفسیر الآیة 62 من سورة یونس من تفسیرنا هذا، وکذلک ملاحظة الملاکات الفقهیة لهذه المسألة فی کتابنا «القواعد الفقهیة».
2ـ أین کانَ الکهف؟ 4ـ هل أنَّ قصّة أصحاب الکهف علمیّة؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma