القصّة المفصَّلة لأصحاب الکهف:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الکهف / الآیة 13 ـ 161ـ الفتوة والإیمان

بعد أن ذکرت الآیات بشکل مُختصر قصّة أصحاب الکهف، بدأت الآن مرحلة الشرح المفصَّل لها ضمن 14 آیة وکان المنطلق فی ذلک قوله تعالى: (نحن نقصّ علیک نبأهم بالحق )کلامٌ خال مِن أىّ شکل مِن أشکال الخرافة والتزویر. (إنّهم فتیة آمنوا بربّهم وزدناهم هُدىً ). وکما قُلنا فإنَّ (فتیة) جمع (فتى) وهی تعنی الشاب الحدث. وبما أنَّ الجسم یکون قویّاً فی مرحلة الشباب، فهو على استعداد لقبول نور الحق، ومنبع للحب والسخاء والعفة. ولذا کثیراً ما تُستخدم کلمة (الفتى والفتوة) للتدلیل على مجموع هذه الصفات حتى لو کانَ أصحابها من المسنّین.

وتشیر الآیات القرآنیة ـ وما هو ثابت فی التاریخ ـ إلى أنَّ أصحاب الکهف کانوا یعیشون فی بیئة فاسدة وزمان شاعت فیه عبادة الأصنام والکفر، وکانت هُناک حکومة ظالمة تحمی مظاهر الشرک والکفر والإنحراف.

مجموعة أهل الکهف ـ الذین کانوا على مستوى مِن العقل والصدق ـ أحسّوا بالفساد وقرروا القیام ضدَّ هذا المجتمع، وفی حال عدم تمکنهم مِن المواجهة والتغییر فإنّهم سیهجرون هذا المجتمع والمحیط الفاسد.

لذا یقول القرآن بعد البحث السابق: (وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربّنا ربّ السماوات والأرض لن ندعو مِن دونه إله ).

فإذا عبدنا غیره: (لقد قُلنا إذاً شطط ).

نستفید مِن تعبیر (ربطنا على قلوبهم ) أنَّ بذرة التوحید وفکرته کانت مُنذ البدایة مرتکزة فی قلوبهم، إلاَّ أنّهم لم تکن لدیهم القدرة على إظهارها والتجاهر بها. ولکن الله بتقویة قلوبهم أعطاهم القدرة على أن ینهضوا ویعلنوا علانیة نداء التوحید.

ولیس مِن الواضح فیما إذا کانَ هذا الإعلان قد تمَّ أوّلا أمام ملک زمانهم الظالم (دقیانوس) أو أنَّهُ تمَّ أمام الناس، أو أمام الاثنین معاً (الحاکم الظالم والناس) أو أنّهم تجاهروا به فیما بینهم أنفسهم؟

لکن یظهر مِن کلمة (قامو) أنَّ إعلانهم کان وسط الناس، أو أمام السلطان الظالم.

(شطط) على وزن (وسط) تعنی الخروج عن الحد والإفراط فی الإبتعاد لذا فإنَّ (شطط) تُقال للکلام البعید عن الحق، ویقال لحواشی وضفاف الأنهار الکبیرة (شط) لکونها بعیدة عن الماء، وکونها ذات جدران مُرتفعة.

وفی الواقع، إنَّ هؤلاء الفتیة المؤمنین ذکروا دلیلا واضحاً لإثبات التوحید ونفی الآلهة، وهو قولهم: إنّنا نرى وبوضوح أنَّ لهذه السماوات والأرض خالقاً واحداً، وأنَّ نظام الخلق دلیل على وجوده، وما نحنُ إلاَّ جزء مِن هذا الوجود، لذا فإنَّ ربّنا هو نفسهُ ربّ السماوات والأرض.

ثمّ ذکروا دلیلا آخر وهو: (هؤلاء قومنا اتّخذوا مِن دونه آلهة ).

فهل یُمکن الإعتقاد بشیء بدون دلیل وبرهان؟: (لولا یأتون علیهم بسلطان بیِّن ).

وهل یمکن أن یکون الظن أو التقلید الأعمى دلیلا على مثل هذا الإعتقاد؟ ما هذا الظلم الفاحش والإنحراف الکبیر: (فمن أظلم ممّن افترى على الله کذب ).

وهذا الإفتراء هو ظلم للنفس، لأنَّ الإنسان یستسلم حینئذ لأسباب السقوط والشقاء، وهو أیضاً ظلم بحق المجتمع الذی تسری فیه هذه الانحرافات، وأخیراً هو ظلم لله وتعرّض لمقامه العظیم سبحانهُ وتعالى.

هؤلاء الفتیة الموحّدون قاموا بما یستطیعون لإزالة صدأ الشرک عن قلوب الناس، وزرع غرسة التوحید فی مکانها، إلاَّ أنَّ ضجة عبادة الأصنام فی ذلک المحیط الفاسد، وظلم الحاکم الجبّار کانتا مِن الشدّة بحیث حبستا أنفاس عبادة الله فی صدورهم وانکمشت همهمات التوحید فی حناجرهم.

وهکذا اضطروا للهجرة لانقاذ أنفسهم والحصول على محیط أکثر استعداداً وقد تشاوروا فیما بینهم عن المکان الذی سیذهبون إلیه ثمّ کان قرارهم: ( وإذ اعتزلتموهم وما یعبدون إلاَّ الله فأووا إلى الکهف ). حتى: (ینشر لکم ربّکم مِن رحمته ویُهیّئ لکم مِن أمرکم مرفق ).

«یُهیِّئ» مُشتقة مِن «تهیئة» بمعنى الإعداد.

«مرفق» تعنی الوسیلة التی تکون سبباً للّطف والرفق والراحة، وبذا یکون معنى الجملة (ویهیِّئ لکم مِن أمرکم مرفق ) أنَّ الخالق سبحانهُ وتعالى سیرتب لکم وسیلة للرفق والراحة.

ولیس مِن المستبعد أن یکون (نشر الرحمة) الوارد فی الجملة الاُولى إشارة إلى الألطاف المعنویة لله تبارک وتعالى، فی حین أنَّ الجملة الثّانیة تشیر إلى الجوانب المادیة التی تؤدّی إلى خلاصهم ونجاتهم.

سورة الکهف / الآیة 13 ـ 161ـ الفتوة والإیمان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma