الفناء نهایة الباطل:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الإسراء / الآیة 78 ـ 81 1ـ صلاة اللّیل عبادة روحیة عظیمة

بعد سلسلة الآیات التی تحدّثت عن التوحید والشرک وعن مکائد المشرکین ومؤامراتهم، تبحث هذه الآیات عن الصلاة والدعاء والإرتباط بالله والتی تعتبر عوامل مؤثِّرة فی مجاهدة الشرک، ووسیلة لطرد إغواءات الشیطان مِن قلب وروح الإنسان، إذ تقول الآیات فی البدایة (أقم الصلاة لدلوک الشمس إلى غسق اللیل وقرآن الفجر إنَّ قرآن الفجر کانَ مشهود ).

«دلوک الشمس» یعنی زوال الشمس مِن دائرة نصف النهار والتی یتحدَّد معها وقت الظهر. وفی الأصل فإنَّ (دلوک) مأخوذة مِن (دَلکَ) حیثُ إنَّ الإنسان یقوم بِدَلک عینیه فی ذلک الوقت لشدّة ضوء الشمس، أو أنَّ کلمة (دلک) تعنی (المَیْل) حیثُ إنَّ الشمس تمیل مِن دائرة نصف النهار إلى طرف المغرب، أو أنّها تعنی أنَّ الإنسان یضع یده فی قبال الشمس حیث یقال بأنَّ الشخص یمنع النور عن عینیه ویمیله عنه.

على أی حال، فی الرّوایة التی وصلتنا عن أهلِ البیت (علیهم السلام) توضّح لنا أنّ معنى (دلوک) هُوَ زوال الشمس. فقد روى العاملی فی (وسائل الشیعة) أنَّ عُبید بن زُرارة سَأل الإمام الصادق (علیه السلام) عن تفسیر الآیة فقال (علیه السلام): «إنَّ الله افترض أربع صلوات أوَّل وقتها زوال الشمس إلى انتصاف اللیل، مِنها صلاتان أوّل وقتهما مِن عند زوال الشمس إلى غروب الشمس، إلاَّ أنَّ هذه قبل هذه، ومِنها صلاتان أوّل وقتهما مِن غروب الشمس إلى انتصاف اللیل إلاَّ أنَّ هذه قبل هذه» (1) .

وفی روایة اُخرى رواها المحدّث الکبیر (زرارة بن أعین) عن الإمام الباقر (علیه السلام)، فی تفسیر الآیة قال (علیه السلام): «دلوکها زوالها، وغسق اللیل إلى نصف اللیل، ذلک أربع صلوات وَضعهنَّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) وَوَقَّتَهُنَّ للناس، وقرآن الفجر صلاة الغداة» (2) .

لکن وضع بعض المفسّرین احتمالات اُخرى لمعنى (دلوک) إلاَّ أنّا آثرنا ترکها لأنّها لا تستحق الذکر.

وأمّا (غسق اللیل) فإنّها تعنی مُنتصف اللیل، حیثُ إنَّ (غسق) تعنی الظلمة الشدیدة، وأکثر ما یکون اللیل ظلمةً فی مُنتصفه.

أمّا (قرآن) فهی تعنی کلاماً یُقرأ. و(قرآن الفجر) هُنا تعنی صلاة الفجر.

وبهذا الدلیل تعتبر هذه الآیة مِن الآیات التی تُشیر بشکل إجمالی إلى أوقات الصلوات الخمس، ومع أخذ الآیات القرآنیة الاُخرى بنظر الاعتبار فی مجال وقت الصلوات والرّوایات الکثیرة الواردة فی هذا الشأن، یُمکن تحدید أوقات الصلوات الخمس بشکل دقیق.

ویجب الإنتباه هُنا إلى أنَّ بعض الآیات تشیر إلى صلاة واحدة فقط، کقوله تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) (3) . حیثُ (الصلاة الوسطى) وفقاً لأصح التفاسیر هی صلاة الظهر.

وفی بعض الأحیان تشیر الآیة إلى ثلاث صلوات من الصلوات الخمس کما فی الآیة 114 مِن سورة هود، فی قوله تعالى: (وأقم الصلاة طَرفی النهار وزلفاً مِن اللیل ). حیث یشیر تعبیر (طرفی النهار ) إلى صلاتی الصبح والمغرب، وأمّا (زُلفاً من اللیل ) فهی إشارة إلى صلاة العشاء.

وفی بعض الأحیان تشیر الآیة إلى الصلوات الخمس بشکل إجمالی، کما فی الآیة التی نبحثها (راجع للمزید من التوضیح نهایة تفسیر الآیة 114 مِن سورة هود).

على أی حال، لا یوجد ثمّة شک فی أنَّ هذه الآیات لم توضّح جزئیات أوقات الصلاة، بل تشیر إلى الکلیات والخطوط العامّة، مثلها مثل الکثیر مِن الأحکام الإسلامیة الاُخرى، أمّا التفاصیل فإنّها وردت فی سنّة رسول الله (صلى الله علیه وآله) والأئمّة الصادقین مِن أهل بیته (علیهم السلام).

الآیة بعد ذلک تقول: (إنّ قرآن الفجر کانَ مشهود ) وهُنا یطرح سؤال حول هویّة الذی یقوم بالمشاهدة، مَن هو یا ترى؟ الرّوایات الواردة فی تفسیر هذه الآیة تقول إنَّ ملائکة اللیل والنهار هی التی تُشاهد، لأنَّهُ فی بدایة الصباح تأتی ملائکة النهار لتحل محل ملائکة اللیل التی کانت تُراقب العباد، وحیثُ إنَّ صلاة الصبح هی فی أوّل وقت الطلوع، لذلک فإنَّ المجموعتین من الملائکة تشاهدها وتشهد علیها.

والرّوایات فی هذه المجال نقلها علماء الشیعة والسنّة.

فمثلا ینقل أحمد والنسائی وابن ماجه والترمذی والحاکم عن النّبی (صلى الله علیه وآله)، وفقاً لما نقله عنهم صاحب تفسیر (روح المعانی) أثناء تفسیر الآیة قولهم عَنهُ (صلى الله علیه وآله): «تشهده ملائکة اللیل وملائکة النهار» (4) .

أمّا البخاری ومسلم فقد نقلا نفس هذا المعنى فی صحیحیهما وفقاً لما نقلهُ عنهم صاحب تفسیر (روح المعانی) فی المجلد الخامس عشر، صفحة 126 مِن تفسیره.

ولمزید الإطلاع على الأحادیث المرویة عن أهل البیت (علیهم السلام) فی هذا المورد یمکن مُراجعة المجلد الثّالث مِن تفسیر (نور الثقلین) فی نهایة حدیثه عن الآیة الکریمة.

ومن هُنا یتّضح أنَّ أفضل وقت لأداء صلاة الصبح هی اللحظات الاُولى لطلوع الفجر.

وبعد أن تذکر الآیة أوقات الصلوات الخمس تنتقل الآیة التی بعدها إلى قوله تعالى: (ومِن اللیل فتهجَّد به ) (5) المفسّرون الإسلامیون المعروفون یعتبرون هذا التعبیر إشارة إلى نافلة اللیل التی وردت روایات عدیدة فی فضیلتها، وبالرغم مِن أنَّ الآیة لا تصرّح بهذا الأمر، إلاّ أنّ هُناک قرائن مُختلفة ترجّح هذا التّفسیر.

ثمّ تقول الآیة (نافلة لک ) أی برنامج إضافی علاوة على الفرائض الیومیة.

وهذا التعبیر اعتبرهُ الکثیر بأنَّهُ دلیل على وجوب صلاة اللیل على الرّسول (صلى الله علیه وآله)، حیث إنَّ هذه (النافلة) والتی هی بمعنى (زیادة فی الفریضة) تخصّک أنت دون غیرک یا رسول الله (صلى الله علیه وآله).

أمّا البعض الآخر فیعتقد بأنَّ صلاة اللیل کانت بالأصل واجبة على الرّسول (صلى الله علیه وآله) بقرینة آیات سورة المزمِّل، إلاَّ أنَّ هذه الآیة نسخت الوجوب وأبدلته بالإستحباب.

ولکن هذا التّفسیر ضعیف، لأنَّ النافلة لم تکن تعنی (الصلاة المستحبّة) کما نُسمّیها الیوم، بل تعنی الزیادة والإضافة، ونعلم أنَّ صلاة اللیل کانت واجبة على الرّسول (صلى الله علیه وآله)، لذلک فهی إضافیّة على الفرائض الیومیة.

على أیّةِ حال فی ختام الآیة تتوضّح نتیجة هذا البرنامج الإلهی الروحانی الرفیع حیث تقول: (عسى أن یبعثک ربّک مقاماً محمود ).

ولا ریب فإنَّ المقام المحمود هو مقام مرتفع جدّاً یستثیر الحمد، حیث إنّ (محمود) مأخوذة مِن (الحمد)، وبما أنَّ هذه الکلمة وردت بشکل مطلق، لذا فقد تکون إشارة إلى أنَّ حمد الأوّلین والآخرین یشملک.

الرّوایات الإسلامیة الواردة عن طریق أهل البیت (علیهم السلام) أو عن طریق أهل السنّة، تشیر إلى أنَّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة الکبرى. فالنّبی (صلى الله علیه وآله) هو أکبر الشفعاء فی ذلک العالم، وشفاعته تشمل الذین یستحقونها.

أمّا الآیة التی بعدها فإنّها تُشیر إلى أحد التعالیم الإسلامیة الأساسیة والذی ینبع مِن روح التوحید والإیمان: (وقل ربّ أدخلنی مدخل صدق وأخرجنی مخرج صدق ) (6) . فأىّ عمل فردی أو اجتماعی لا أبدؤهُ إلاَّ بالصدق ولا اُنهیه إلاَّ بالصدق، فالصدق والإخلاص والأمانة هی الخط الأساس لبدایة ونهایة مسیرتی.

بعض المفسّرین أراد تحدید المعنى الواسع لهذه الآیة فی مصداق أو مصادیق معیّنة، فمثلا قال بعضهم: إنَّ الآیة تعنی الدخول إلى المدینة والخروج مِنها إلى مکّة المکرَّمة، أو الدخول إلى القبر والخروج مِنهُ یوم البعث، وأمثال هذه الاُمور، ولکن مِن الواضح جدّاً أنَّ التعبیر القرآنی الجامع فی الآیة الکریمة  لا یمکن تحدیده، فهو طلب فی الدخول والخروج الصادق مِن جمیع الاُمور وفی کلّ الأعمال والمواقف والبرامج.

وفی الحقیقة فإنَّ سرّ الانتصار یکمن هُنا، وهذا هو طریق الأنبیاء والأولیاء الرّبانیین حیث کانوا یتجنّبون کلّ غش وخداع وحیلة فی أفکارهم وأقوالهم وأعمالهم وکلّ ما یتعارض معَ الصدق.

وعادة فإنَّ المصائب التی نشاهدها الیوم والتی تصیب الأفراد والمجتمعات والأقوام والشعوب، إنّما هی بسبب الانحرافات عن هذا الأساس، ففی بعض الأحیان یکون أساس عملهم قائماً على الکذب والغش والحیلة، وفی بعض الأحیان یدخلون إلى عمل معیّن بصدق ولکنّهم لا یستمرّون على صدقهم حتى النهایة. وهذا هو سبب الفشل والهزیمة.

أمّا الأصل الثّانی الذی یعتبر مِن ناحیة ثمرة لشجرة التوحید، وَمِن ناحیة اُخرى نتیجة للدخول والخروج الصادق فی الأعمال، فهو ما ذکرتهُ الآیة فی نهایتها: (واجعل لی مِن لدنک سلطاناً نصیر ) لماذا؟ لأنّنی وحید، والإنسان الوحید لا یستطیع أن یُنجز عملا، ولا یستطیع أن ینتصر فی مقابل جمیع هذه المشاکل فیما إذا اعتمد على قوّته وحدها، لذلک فسؤاله مِن الله تبارک وتعالى، هو انصرنی واجعل لی نصیراً.

أعطنی یا إلهی، لساناً ناطقاً، وأدلة قویّة فی مقابل الأعداء، وأتباعاً یضحّون بأنفسهم، وإرادة قویّة، وفکراً وَضّاءاً، وعقلا واسعاً بحیث تقوم کلّ هذه الاُمور بنصرتی، فغیرک لا یستطیع إعطائی هذه الأشیاء کلّها.

وبعد أن ذکرت الآیات (الصدق) و(التوکل) جاءَ بعدها الأمل بالنصر النهائی، والذی یعتبر بحدِّ ذاته عاملا للتوفیق فی الأعمال، إذ خاطبت الآیة الرّسول (صلى الله علیه وآله) بوعد الله تعالى: (وقل جاءَ الحق وزهق الباطل ) (7) ، لأنَّ طبیعة الباطل الفناء والدمار: (إنَّ الباطل کان زهوق ). فللباطل جولة، إلاَّ أنَّهُ لا یدوم والعاقبة تکون لانتصار الحق وأصاحبه وأنصاره.


1. وسائل الشیعة، ج 3، ص 115.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 3، ص 202.
3. بقرة، 238.
4. تفسیر روح المعانی، ج 15، ص 126.
5. «تهجَّد» مأخوذة مِن «هجود» وهی تعنی فی الأصل: النوم، حسبما یقول الراغب فی المفردات، ولکن عندما تکون على وزن (تفعل) فإنّها تعنی إزالة النوم والإنتقال إلى حالة الیقظة، أمّا الضمیر فی کلمة «تهجَّد به» فإنَّهُ یدل على القرآن، ولکن هذه الکلمة استخدمت عند أهل الشرع بمعنى صلاة اللیل. ویقال للذی یُصلّی اللیل (المتهجِّد).
6. «مدخل» و«مخرج» هی تعنی الإدخال والإخراج، تؤدّی هنا المعنى المصدری.
7. «زهق» مِن مادة «زهوق» بمعنى الإضمحلال والهلاک والإبادة، و«زهوق» على وزن «قبول» صیغة مُبالغة وهی تعنی الشیء الذی تمّت إبادتهُ بالکامل.
سورة الإسراء / الآیة 78 ـ 81 1ـ صلاة اللّیل عبادة روحیة عظیمة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma