هَذِهِ الکلمة استخدمت فی موضعین فی القرآن الکریم، الموضع الأوّل فی هَذِهِ الآیة، والآخر فی الآیة 35 مِن سورة المائدة فی قوله تعالى: (یا أیّها الذین آمنوا اتقوا اللهَ وابتغوا إلیه الوسیلة وَجاهدوا فی سبیله لعلّکم تفلحون ). وَقد قُلنا هُناک: إنَّ (الوسیلة) تعنی (التقرّب) أو الشیء الذی یبعث على التقرُّب (أو النتیجة التی یمکن الحصول علیها مِن التقرُّب).
على هذا الأساس فإنَّ هُناک مفهوماً واسعاً جدّاً لکلمة (الوسیلة) یشمل کلّ عمل جمیل ولائق، وتدخل فی مفهومها کلّ صفة بارزة اُخرى، لأنَّ کلّ هَذِهِ الاُمور تکون سبباً فی التقرّب مِن الله.
ونقرأ فی الکلمات الحکیمة للامام علی (علیه السلام) فی الخطبة 110 مِن نهج البلاغة قوله (علیه السلام): «إنَّ أفضلَ ما توسلَ بِهِ المتوسلون إلى الله سبحانه وتعالى، الإیمان بِهِ وَبِرَسُولِهِ، والجهادُ فی سبیله، وإقام الصلاة، وإیتاء الزکاة، وَصومُ شهرِ رمضان، وَحج البیت واعتمارُه، وَصلة الرحم، وصدقة السّر، وصدقة العلانیة، وَصنائعُ المعروف فإنّها تقی مصارع الهوان» (1) .
شفاعة الأنبیاء والصالحین والمقرّبین التی تکون مقبولة فی حضرة الله تبارک وَتعالى، کما تصرّح بذلک الآیات القرآنیة، تعتبر أیضاً مِن وسائل التقرُّب.
وَینبغی هُنا عدم التباس الاُمور، إذ أنَّ التوسُّل بالمقرّبین مِن الله تعالى لا یعنی أنَّ الإنسان یرید شیئاً مِن النّبی أو الإمام بشکل مستقل، أو أنّهم یقومون بحل مشاکله بشکل مستقل عن الله، بل الهدف هو أن یضع الإنسان نفسه فی خطّهم وَیطبّق برامجهم، ثمّ یطلب مِن الله بحقهم، حتى یعطی الله إذن الشفاعة لهم. (لمزید مِن التفاصیل یُراجع التّفسیر الأمثل، الآیة 35 من سورة المائدة).