مراحل العقاب الإلهی:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة الإسراء / الآیة 16 ـ 17 سورة الإسراء / الآیة 18 ـ 21

إنَّ موضوع البحث فی هذه الآیات یُکمِّل ما کُنّا بصددِ بحثه فی نهایة الآیات السابقة، ولکن بصورة اُخرى، إذ تقول الآیة الکریمة: (وإذا أردنا أن نهلک قریةً أمرنا مُترفیها ففسقوا فیها فحق علیها القول فدمّرناها تدمیر ) (1) . إنَّ الآیات التی کُنّا قبل قلیل بصدد بحثها، کانت تتحدَّث عن أنَّ العقاب الإلهی لا یمکن أن ینزل بساحة شخص أو مجموعة أو اُمّة، مِن دون أن تکون هناک حجّة وبیان للتکلیف مِن قبل الرسل والأنبیاء (علیهم السلام)، والآیة التی نحنُ بصددها الآن، تتحدث عن نفس هذا الأصل، ولکن بطریقة اُخرى.

صحیح أنَّ المفسّرین وضعوا إحتمالات متعددة لتفسیر هذه الآیة، إلاّ أنّنا نعتقد بأنَّه لا یوجد سوى تفسیرٌ واحد واضحٌ لهذه الآیة، یمکن تبیانه من مؤدّى ظاهرها، وهذا التّفسیر هو: إنَّ اللّه لا یُعاقب أو یؤاخذ أحداً بالعذاب، قبل أن یتمَّ الحجّة علیه، وقبل أن یتّضح ویستبین تکلیفه، ففی البدایة یضع اللّه تعلیماته وأوامره أمام الناس، فإذا التزموا بها وأطاعوا فستنالهم سعادة الدنیا والآخرة. أمّا إذا عصوا وخالفوا ولم یلتزموا الأوامر والنواهی الربانیة، فسیحیق بهم العذاب، ویؤدّی إلى هلاکهم.

وإذا تأملنا الآیة، ودققنا النظر فیها بشکل صحیح، فسنرى أنَّ هناک أربع مراحل لهذا البرنامج الربانی، هی:

مرحلة الأوامر والنواهی.

مرحلة الفسق والمخالفة.

مرحلة استحقاق المجازاة.

مرحلة الهلاک.

والملاحظ هنا، أنَّ المراحل الأربع هذه، معطوفة على بعضها البعض بواسطة «فاء» التفریع.

السؤال: هنا یُطرح هذا السؤال: لماذا کان المأمورون فی الآیة الکریمة هم المترفین دون غیرهم؟(2) .

الجواب: فی الإجابة على السؤال المثار، لابدَّ مِن الإشارة إلى ملاحظة تعتبر مهمّة فی توضیح المعنى، وهی أنَّ المترفین هم وجهاء القوم، ورؤساء المجتمع ـ طبعاً هذه القاعدة تخص المجتمعات المریضة ـ والآخرون تبع لهم.

إضافة إلى ذلک، فإنَّ التعبیر فی الآیة الکریمة ینطوی على إشارة مهمّة، هی أنَّ أغلب المفاسد الاجتماعیة تنبع مِن المترفین، أصحاب الأموال، البعیدین عن اللّه تعالى، والذین یعیشون حیاةً مترفة بعیدة عن الشرع مملوءة بالأهواء والمفاسد، وهم بذلک لا یفقهون شیئاً عن تلک المفردات التی تتحدث عن الأخلاق والإنسانیة والإصلاح، ولهذا السبب بالذات، وبحکم موقعهم، کان المترفون دائماً فی الصفوف الاُولى، فی مُواجهة دعوات الأنبیاء والرسل، وکانوا یعتبرون دعوات الأنبیاء ـ القائمة على أساس العدل وحمایة المستضعفین ـ ضدّهم.

لهذه الأسباب ذکر هؤلاء بالخصوص لأنّهم أساس الفساد، على أیّة حال، هذه الآیة بمثابة تحذیر لکلّ المؤمنین کی ینتبهوا، ولا یسلّموا زمام اُمورهم وحکوماتهم بید المترفین والأغنیاء الغارقین بالشهوات، وألاّ یتبعونهم، لأنَّ هؤلاء یجرّون مجتمعهم نحو الهلاک.

الآیة التی بعدها تشیر إلى نماذج بهذا الخصوص، على أنّها أصلٌ عام، وقاعدة ساریة، إذ تقول: (وکم أهلکنا من القرون مِن بعد نوح ) وفقاً لهذه القاعدة والسنّة، ثمّ تضیف بعد ذلک: (وکفى بربّک بذنوب عباده خبیراً بصیر ) أی إنَّ ظلم وذنوب فرد أو مجموعة لا یمکنها أن تکون خافیة على العین البصیرة التی لا تنام لربِّ العالمین.

«قرون» جمع «قرن» وهی تعنی الجماعة التی تعیش فی عصر واحد، ثمّ أطلقت فیما بعد على مجموع العصر الواحد.

أمّا بصدد عدد سنین القرن الواحد، فهناک آراء مختلفة، فقسم إعتبر القرن 40 سنة، وآخرون قالوا: ثمانین، والبعض الثالث، قال: إنَّ القرن مائة عام، أخیراً فقد اعتبر البعض أنَّ القرن هو مائة وعشرون عاماً. وفی کلِّ الأحوال لابدَّ مِن الإشارة هنا إلى أنّ الحکم فی هذه القضیة یخضع لطبیعة الإتفاق العرفی الذی ینعقد حولها، ومِن هُنا فقد اتفق فی عصرنا الراهن على أنَّ کلّ مائة سنة تعتبر قرناً واحد(3) .

أمّا لماذا أکّدت الآیة على القرون مِن بعد نوح (علیه السلام)؟ فقد یکون ذلک بسبب أنَّ الحیاة قبل نوح (علیه السلام) کانت حیاة بسیطة، والاختلافات التی تقسِّم المجتمعات إلى مُترف ومستضعف، کانت بسیطة وضئیلة، لذلک فالعذاب الإلهی لم یشملهم بکثرة.

أمّا عن سبب ذکر کلمتی «خبیر» و«بصیر» معاً، فإنّ ذلک یعود إلى المعنى المراد، إذ «الخبیر» تعنی العلم والإحاطة بالنیّة والعقیدة; أمّا «بصیر» فتشیر إلى رؤیة الأعمال، لذلک فإنَّ اللّه تبارک وتعالى یعلم بواطن الأعمال والنیّات، ویحیط بنفس الأعمال، ومثل هذه القدرة لا یمکنها بحال أن تظلم أحداً، ولا أن یضیع حق أحد فی ظل حکومتها.


1. بالرغم مِن أنّ کلمة «قول» لها معنى واسع، ولکنّها هُنا تعنی إعطاء الأمر بالعذاب.
2. «مُترفون»، مِن مادة «ترفه»، وتعنی المتنعمین وذوی الأموال الکثیرة الناسین لله تعالى.
3. أشرنا إلى هذا الموضوع فی ذیل الآیة 13 مِن سورة یونس.
سورة الإسراء / الآیة 16 ـ 17 سورة الإسراء / الآیة 18 ـ 21
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma