کل عالم الوجود یدور حول محور العدد والحساب، ولا نظام فی هذا العالم بدون حساب، وطبیعی أنَّ الإنسان الذی هو جزء مِن هذه المجموعة لا یستطیع العیش مِن دون حساب وکتاب.
لهذا السبب تعتبر الآیات القرآنیة وجود الشمس والقمر أو اللیل والنهار واحدة مِن نعم اللّه تعالى، لأنّها الأساس فی تنظیم الحساب فی حیاة الإنسان، إنَّ شیوع الفوضى وفقدان الحیاة للإتساق والنظم یؤدّی إلى دمار الحیاة وفنائها. والظریف أنَّ الآیة تتحدّث عن فائدتین لنعمة اللیل والنهار: الاُولى: ابتغاء فضل اللّه والتی تعنی التکسّب والعمل المفید المثمر. والثّانیة: معرفة عدد السنین والحساب.
وقد یکون الهدف مِن ذکر الإثنین إلى جنب بعضهما البعض یعود إلى أنَّ (إبتغاء فضل اللّه) لا یتم بدون الاستفادة مِن (الحساب والکتاب) وقد لا یکون هذا المعنى واضحاً فی العصور الماضیة، أمّا فی عصرنا فهو واضح کالشمس.
إنَّ عالمنا الیوم، هو عالم الأرقام والأعداد والإحصاء; فإلى جانب کلّ مُؤسسة ومنظّمة اقتصادیة أو اجتماعیة أو سیاسیة أو عسکریة أو علمیّة أو ثقافیة، ثمّة مؤسسة إحصائیة.
وَهکذا نستفید من الإشارة القرآنیة أنّ القرآن لا یبلى بالزمان، بل کُلّما مرَّ علیه الزمان تجددت معانیه وتجلّت آفاقه(1) .