أوّلاً: فی عصرنا الحاضر، وبعد أن أصبحت الرحلات الفضائیة بالاستفادة مِن معطیات العلوم أمراً عادیاً، فإنَّ خمساً مِن المشاکل الست الآنفة تنتفی، وتبقى ـ فقط ـ مشکلة الزمن. وهذه المشکلة تثار فقط عند الحدیث عن المناطق الفضائیة البعیدة جداً.
ثانیاً: إنَّ المعراج لم یکن حدثاً عادیاً، بل أمرٌ إعجازی خارق للعادة تمّ بالقدرة الإلهیّة. وکذلک الحال فی کافة معجزات الأنبیاء وهذا یعنی عدم استحالة المعجزة عقلا، أمّا الاُمور الاُخرى فتتم بالاستناد إلى القدرات الإلهیّة.
وإذا کانَ الإنسان قد استطاع باستثمار معطیات العلوم الحدیثة أن یوفِّر حلولا للمشکلات الآنفة الذکر، مثل مشکلة الجاذبیة والأشعّة وانعدام الوزن وما إلى ذلک، حتى أصبح بمستطاعه السفر إلى الفضاء الخارجی... فألا یمکن لله ـ خالق الکون، صاحب القدرات المطلقة ـ أن یوفِّر وسیلة تتجاوز المشکلات المذکورة؟!
إنّنا على یقین من أنَّ اللّه تبارک وتعالى وضع فی مُتناول رسوله (صلى الله علیه وآله) مرکباً مناسباً صانهُ فیه عن کلّ المخاطر والأضرار فی معراجه نحو السماوات، ولکن ما اسم هذا المرکب هل هو «البُراق» أو «رفرف»؟ وعلى أىّ شکل وهیئة کان؟ کلّ هذه اُمور غامضة بالنسبة لنا، ولکنّها لا تتعارض مع یقیننا بما تمَّ، وإذا أردنا أن نتجاوز کلّ هذه الاُمور فإنَّ مشکلة السرعة التی بقیت ـ لوحدها ـ تحتاج إلى حل، فإنَّ آخر معطیات العلم المعاصر بدأت تتجاوز هذه المشکلة بعد أن وجدت لها حلولا مناسبة بالرغم ممّا یُؤکّده «أنشتاین» فی نظریته من أنّ سرعة الضوء هی أقصى سرعة معروفة الیوم.
إنّ علماء الیوم یُؤکّدون أنَّ الأمواج الجاذبة لا تحتاج إلى الزمن، وهی تنتقل فی آن واحد من طرف من العالم إلى الطرف الآخر منه وهناک احتمال مطروح بالنسبة للحرکة المرتبطة بتوسّع الکون (مِن المعروف أنَّ الکون فی حالة اتساع وأنّ النجوم والمنظومات السماویة تبتعد عن بعضها البعض بحرکة سریعة) إذ یلاحظ أنَّ الأفلاک والنجوم والمنظومات الفضائیة تبتعد عن بعضها البعض وعن مرکز الکون إلى أطرافه، بسرعة تتجاوز سرعة الضوء!
إذن، بکلام مُختصر نقول: إنَّ المشکلات الآنفة لیس فیها ما یحول عقلا دون وقوع المعراج، ودون التصدیق به، والمعراج بذلک لا یعتبر مِن المحالات العقلیة، بل بالإمکان تذلیل المشکلات المثارة حوله بتوظیف الوسائل والقدرات المناسبة.
وبذلک فالمعراج لا یعتبر أمراً غیر ممکن لا مِن وجهة الأدلة العقلیة، ولا مِن وجهة معطیات وموازین العلوم المعاصرة، وهو بالإضافة إلى ذلک أمرٌ إعجازی خارق للعادة. لذلک، إذا قام الدلیل النقلی السلیم علیه فینبغی قبوله والإیمان به(1) .
وأخیراً... هناک إشارات اُخرى حول المعراج سنقف علیها أثناء الحدیث عن سورة النجم إن شاء اللّه.