ذکرت الآیات فی بیان عاقبة الکافرین بنعم اللّه، قائلةً: (فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف ) فمن جهة: شبّهت الجوع والخوف باللباس، ومن جهة اُخرى: عبّرت بـ «أذاقها» بدلا من (ألبسه).
وحمل هذا التفاوت فی التعبیر، المفسّرین إلى التوقف والتأمل فی الآیة...
فالتعبیر یحمل بین طیّاته إشارة لطیفة، فمثلا:
قال ابن الراوندی لابن الأعرابی الأدیب: هل یذاق اللباس؟
قال ابن الأعرابی: لا بأس ولا لباس یا أیُّها النسناس، هب أنّک تشکّ أنّ محمّداً ما کان نبیّاً، أما کان عربیاً؟!(1) .
وعلى أیّةِ حال، فالتعبیر إشارة إلى أنّ القحط والخوف کانا من الشدّة وکأنّهما لباس قد أحاط بأبدانهم من کلّ الجهات، وأبدانهم فی تماس معه، ومن جهة اُخرى فقد وصلت حالة لمسهم للخوف والقحط کأنّهم یتذوقونه بألسنتهم.
وهو تعبیر عن أشدّ حالات الخوف ومنتهى حالات الفقر والذی یمکن أن یصیب جمیع وجود الإنسان.
فکما أنّ نعمة الأمن والرفاه قد غطّت کامل وجودهم فی البدایة، فها هم وقد حال بهم الأمر لأنْ یحلّ الفقر والخوف محلّها فی آخر مطافهم نتیجة لکفرانهم بنعم اللّه سبحانه.