1ـ التقیّة وفلسفتها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
المرتدون عن الإسلام: 2ـ المرتد الفطری والملی و.. المخدوعین

إمتاز المسلمون الأوائل الذین تربّوا على ید النّبی (صلى الله علیه وآله) بروح مُقاومة عظیمة أمام أعدائهم، وسجلّ لنا التاریخ صوراً فریدة للصمود والتحدّی، وها هو «یاسر» لم یلن ولم یدخل حتى الغبطة الکاذبة على شفاه الأعداء، وما تلفّظ حتى بعبارة تافهة ممّا یطمح الأعداء أن یسمعوها منه، مع أنّ قلبه مملوءٌ ولاءً وإیماناً بالله تعالى وحبّاً وإخلاصاً للنّبی (صلى الله علیه وآله)وصبر على حاله رغم مرارتها فنال شرف الشهادة، ورحلت روحه الطاهرة إلى بارئها صابرة محتسبة تشکو إلیه ظلم وجور أعداء دین اللّه.

وها هو ولده «عمّار» الذی خرجت منه کلمةً بین صفیر الأسواط وشدّة الآلام تنمّ عن حالة الضعف ظاهراً، وبالرغم من اطمئنانه بإیمانه وتصدیقه لنبیّه (صلى الله علیه وآله)، إلاّ أنّه اغتمّ کثیراً وارتعدت فرائصه حتى طمأنه النّبی (صلى الله علیه وآله) بحلِّیّة ما فعل به حفظاً للنفس، فهدأ.

ویطالعنا تأریخ (بلال) عندما اعتنق الإسلام راح یدعو له ویدافع عن النّبی (صلى الله علیه وآله)، فشدَّ علیه المشرکون حتى أنّهم طرحوه أرضاً تحت لهیب الشمس الحارقة، وما اکتفوا بذلک حتى وضعوا صخرةً کبیرة على صدره وهو بتلک الحال، وطلبوا منه أنْ یکفر بالله ولکنّه أبى أنْ یستجیب لطلبهم وبقی یردد: أحدٌ أحد، ثمّ قال: اُقسم بالله لو علمتُ قولا أشدّ علیکم من هذا لقلته.(1)

ونقرأ فی تاریخ (حبیب بن زید) أنّه لمّا أسّره مسیلمة الکذاب فقد سأله: هل تشهد أنّ محمّداً رسول اللّه؟

قال: نعم.

ثمّ سأله: أتشهد أنّی رسول اللّه؟

فأجابه ساخراً: إنّی لا أسمع ما تقول! فقطّعوه إرباً إرب(2) .

والتاریخ الإسلامی حافل بصور کهذه، خصوصاً تاریخ المسلمین الأوائل وتاریخ أصحاب الأئمّة (علیهم السلام).

ولهذا قال المحققون: إنّ ترک التقیة وعدم التسلیم للأعداء فی حالات کهذه، عملٌ جائز حتى لو أدى الأمر إلى الشهادة، فالهدف سام وهو رفع لواء التوحید وإعلاء کلمة الإسلام، وخاصة فی بدایة دعوة النّبی (صلى الله علیه وآله)، حیث کان لهذا الأمر أهمّیة خاصّة.

ومع هذا، فالتقیة جائزة فی موارد، وواجبة فی موارد اُخرى، وخلافاً لما یعتقده البعض فإنّ التقیة (فی مکانها المناسب) لیست علامة للضعف، ولا هی مؤشّر للخوف من تسلط الأعداء، ولا هی تسلیم لهم، بقدر ما هی نوع من المراوغة المحسوبة لحفظ الطاقات الإنسانیة وعدم التفریط بالأفراد المؤمنین مقابل موضوعات صغیرة وقلیلة الأهمیة.

وممّا تعارف علیه کلّ الشعوب أنْ تلجأ الأقلیات المجاهدة والمحاربة إلى اُسلوب العمل السرّی غالباً، وذلک لحفظ حیاة الأفراد وتهیئة الظروف لإکثارهم، فتشکّل مجموعات سرّیة وتضع لأنفسها برامجاً غیر معلنة على غیرهم، حتى أنّ البعض من أفرادهم یحاول أن یتنکر حتى فی زیّه، وإذا ما تمَّ اعتقالهم من قبل السلطة المعادیة لمبادئهم فیحاولون جهد الإمکان إخفاء حقیقة أمرهم کی  لاتخسر المجموعة کلّ طاقاتها، ولتکون قادرة على مواصلة الطریق بالبقیة المتبقیة منهم.

والعقل لا یجیز فی ظروف کهذه أن تعلن المجموعة المجاهدة قلیلة العدد عن نفسها، لکی لا یعرفها العدو بسهولة وهو القادر على القضاء علیها بما یملک من بطش وتسلط.

فالتقیة قبل أنْ تکون برنامجاً إسلامیاً هی أسلوب عقلانی ومنطقی، ینفّذه ویعمل به مَن یعیش صراعاً مع عدو قوّی متمکن منه.

ولذا فقد ورد تعبیر (الترس) عن التقیة فی الأحادیث الشریفة، فعن الإمام الصادق (علیه السلام)أنّه قال: «التقیة ترس المؤمن، والتقیة حرز المؤمن» (3) .

(لاحظوا أنّ التقیة هنا شبّهت بالترس، والترس إنّما یستعمل فی میادین الحرب والقتال مع الأعداء لحفظ القوى الثائرة).

وإذا رأینا أنّ الأحادیث الشریفة تعتبر التقیة علامةً للدین والإیمان وتقدّرها بتسعة أعشار الدین، فإنّما هو للسبب المذکور.

والمجال ـ فی هذا الکتاب ـ لا یسع للخوض فی تفصیل موضوع التقیة، وکلّ ما أردنا بیانه هو أنّ مَنْ یستنکر التقیة ویذمّها إنّما هو جاهل بشروطها وفلسفتها.

وثمّة حالات تحرم فیها التقیة، حینما یکون حفظ النفس فیها سبباً لزوال الدین نفسه، أو قد تؤدّی التقیة لحدوث فساد عظیم، فیجب والحال هذه کسر طوق التقیة واستقبال کلّ خطر یترتب على ذلک(4) .


1. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 5، ص 284.
2. المصدر السابق.
3. وسائل الشیعة، ج 11، ص 460، ح 6.
4. لأجل المزید من الإیضاح فی مسألة التقیة وأحکامها وفلسفتها وأدلتها، راجعوا کتابنا القواعدالفقهیة، ج 3.
المرتدون عن الإسلام: 2ـ المرتد الفطری والملی و.. المخدوعین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma