المرتدون عن الإسلام:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سبب النّزول 1ـ التقیّة وفلسفتها

تکمل هذه الآیات ما شرعت به الآیات السابقة من الحدیث عن المشرکین والکفّار وما کانوا یقومون به، فتتناول الآیات فئة اُخرى من الکفرة وهم المرتدون.

حیث تقول الآیة الاُولى: (مَنْ کفر بالله من بعد إیمانه إلاّ مَنْ اُکره وقلبه مطمئنّ بالإیمان ولکن من شرح بالکفر صدراً فعلیهم غضب من اللّه ولهم عذاب عظیم ).(1)

تشیر الآیة إلى نوعین من الذین کفروا بعد إیمانهم:

النوع الأوّل: هم الذین یقعون فی قبضة العدو الغاشم ویتحملون أذاه وتعذیبه، ولکنّهم لا یصبرون تحت ضغط ما یلاقوه من أعداء الإسلام، فیعلنون براءتهم من الإسلام وولاءهم للکفر، على أنّ ما یعلنوه لا یتعدى حرکة اللسان، وأمّا قلوبهم فتبقى ممتلئة بالإیمان.

فهذا النوع یکون مشمولا بالعفو الإلهی بلا ریب، بل لم یصدر منهم ذنب، لأنّهم قد مارسوا التقیة التی أحلّها الإسلام لحفظ النفس وحفظ الطاقات للاستفادة منها فی طریق خدمة دین اللّه عزَّوجلّ.

النوع الثّانی: هم الذین یفتحون للکفر أبواب قلوبهم حقیقةً، ویغیّرون مسیرتهم ویتخلّون عن إیمانهم، فهؤلاء یشملهم غضب اللّه عزَّ وجلّ وعذابه العظیم.

ویمکن أن یکون «غضب اللّه» إشارة إلى حرمانهم من الرحمة الإلهیّة والهدایة فی الحیاة الدنیا، و«العذاب العظیم» إشارة إلى عقابهم فی الحیاة الاُخرى.. وعلى أیَّةِ حال، فما جاء فی الآیة من وعید للمرتدین هو فی غایة الشدّة.

وتتطرق الآیة التالیة إلى أسباب ارتداد هؤلاء، فتقول: (ذلک بأنّهم استحبّوا الحیاة الدنیا على الآخرة وأنّ اللّه لا یهدی القوم الکافرین ) الذین یصرّون على کفرهم وعنادهم.

وخلاصة المقال: حین أسلم هؤلاء تضررت مصالحهم المادیة وتعرضت للخطر المؤقت، فندموا على إسلامهم لشدّة حبّهم لدنیاهم، وعادوا خاسئین إلى کفرهم.

وبدیهی أنّ من لا یرغب فی الإیمان ولا یسمح له بالدخول إلى أعماق نفسه، لا تشمله الهدایة الإلهیّة، لأنّ الهدایة تحتاج إلى مقدمات کالسعی للحصول على رضوانه سبحانه والجهاد فی سبیله، وهذا مصداق لقوله عزَّوجلّ فی الآیة 69 من سورة العنکبوت: (والذین جاهدوا فینا لنهدینّهم سبلن ).

وتأتی الآیة الاُخرى لتبیّن سبب عدم هدایتهم، فتقول: (اُولئک الذین طبع اللّه على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ) بحیث إنّهم حُرموا من نعمة الرؤیة والسمع وإدراک الحقائق: (واُولئک هم الغافلون ).

وکما قلنا سابقاً فإنّ ارتکاب الذنوب وفعل القبائح یترک أثره السلبی على إدراک الإنسان للحقائق وعلى عقله ورؤیته السلیمة، وتدریجیاً یسلب منه سلامة الفکر، وکلّما إزداد فی غیّه کلّما اشتدت حجب الغفلة على قلبه وسمعه وبصره، حتى یؤول به المآل إلى أن یصبح ذا عین ولکنْ لا یرى بها، وذا اُذن وکأنّه لا یسمع بها، وتغلق أبواب روحه من تقبّل أیّة حقیقة، فیخسر حسّ التشخیص والقدرة على التمییز، والتی تعتبر من النعم الإلهی العالیة.

«الطبع» هنا: بمعنى «الختم»، وهو إشارة إلى حالة الإحکام المطلق، فلو أراد شخص مثلا أنْ یغلق صندوقاً معیّناً بشکل محکم کی لا تصل إلیه الأیدی فإنّه یقوم بربطه بالحبال وغیرها، ومن ثمّ یقوم بوضع ختم من الشمع على باب الصندوق للإطمئنان من عبث العابثین.

ثمّ تعرض الآیة التالیة عاقبة أمرهم، فتقول: (لا جَرَمَ أنّهم فی الآخرة هم الخاسرون ).

وهل هناک من هو أتعس حالا من هذا الإنسان الذی خسر جمیع طاقاته وإمکاناته لنیل السعادة الدائمة بإتباعه هوى النفس.

وبعد ذکر الفئتین السابقتین، أی الذین یتلفظون بکلمات الکفر وقلوبهم ملأى بالإیمان، والذین ینقلبون إلى الکفر مرّة اُخرى بکامل اختیارهم ورغبتهم، فبعد ذلک تتطرق الآیة التالیة إلى فئة ثالثة وهم البسطاء المخدوعون فی دینهم، فتقول: (ثمّ إنّ ربّک للذین هاجروا من بعد ما فُتنوا ثمّ جاهدوا وصبروا إنّ ربّک من بعدها لغفور رحیم ) (2) .

فالآیة دلیل واضح على قبول توبة المرتد، ولکنّ الآیة تشیر إلى مَن کان مشرکاً فی البدایة ثم أسلم، فعلیه یکون المقصود به هو (المرتد الملّی) ولیس (المرتد الفطری)(3) .

وتأتی الآیة الأخیرة لتقدّم تذکیراً عاماً بقولها: (یوم تأتی کلّ نفس تجادل عن نفسه ) (4) لتنقذها من العقاب والعذاب.

فالمذنبون أحیاناً ینکرون ما ارتکبوه من ذنوب إنکاراً تاماً فراراً من الجزاء والعقاب، والآیة 23 من سورة الأنعام تنقل لنا قولهم: (واللّه ربّنا ما کنّا مشرکین )، وعندما لا یلمسون أیّة فائدة لإنکارهم یتّجهون بإلقاء اللوم على أئمتهم وقادتهم، ویقولون: (ربّنا هؤلاء أضلّونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النّار ) (5) .

ولکنْ... لا فائدة من کلّ ذلک... (وتوفّى کلُّ نفس ما عملت وهم لا یُظْلَمُون ).

 


1. اختلف المفسّرون بخصوص جملة (مَنْ کفر بالله... )، فاعتبرها بعضهم: شرحاً وتوضیحاً للجملة السابقة لها وأنّها بدل لعبارة (الذین لا یؤمنون بآیات اللّه )، فیما اعتبرها آخرون: بدلا لکلمة (کاذبون )، وقال بعضهم: أنّها مبتدأ محذوف الخبر ویقدروها بـ (مَن کفر بالله مِن بعد إیمانه فعلیهم غضب من اللّه ولهم عذاب عظیم)، فجزاء الشرط محذوف لدلالة الجملة التالیة على ذلک.
وثمّة احتمال رابع (ویبدو أفضل الإحتمالات) وهو: أنّها مبتدأ، وخبرها فی نفس الآیة وغیر محذوف، أمّا عبارة (لکنْ من شرح للکفر صدر ) فهی توضیح جدید للمبتدأ لوقوع جملة استثنائیة بینها وبین خبرها، وهذا النوع من التعبیر کثیر الاستعمال حتى فی غیر اللغة العربیة ـ فتأمل.
2. ضمیر (بعده) ـ وکما یقول کثیر من المفسّرین ـ یعود إلى «الفتنة»، فی حین ذهب البعض من المفسّرین إلى أنّه یعود إلى الهجرة والجهاد والصبر المذکورة سابقاً.
3. «المرتد الفطری» هو الذی یولد من أبوین مسلمین ثمّ یرتد عن الإسلام بعد قبوله إیاه، و«المرتد الملّی» یطلق على مَن انعقدت نطفته من أبوین غیر مسلمین ثمّ قبل الإسلام، وارتَّد عنه بعد ذلک.
4. اختلاف القول بخصوص متعلق «یوم» جار بین المفسّرین..فبعضهم یذهب إلى أنّه متعلق بفاعل مستتر والتقدیر هو «ذکرهم یوم القیامة»، واعتبره آخرون متعلقاً بفعل الغفران والرحمة المأخوذان من (الغفور الرحیم) فی الآیة السابقة، (ولکنّنا نرجح الاحتمال الأوّل لشموله).
5. الأعراف، 38.
سبب النّزول 1ـ التقیّة وفلسفتها
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma