لم یفت ذاکرتنا ما ورد قبل عدّة آیات أنّ القرآن (تبیاناً لکلّ شیء ) ثمّ تمّ البحث عن قسم من أهم الأوامر الإلهیّة فی القرآن.
وتبیّن الآیات مورد البحث طریقة الاستفادة من القرآن وتتطرق إلى کیفیة تلاوته، فکثافة المحتوى القرآنی لا تکفی وحدها لتوجیهنا، ولابد من رفع الحجب المخیّمة على وجودنا وإزالتها عن محیط فکرنا وروحنا، کی نتمکن من تحصیل هذا المحتوى الثّر الغنی.
ولهذا یقول القرآن: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشّیطان الرجیم ).
ولا یقصد من الإستعاذة الاکتفاء بالذکر، بل ینبغی لها أنْ تکون مقدمة لتحقیق وإیجاد الحالة الروحیة المطلوبة.. حالة: التوجّه إلى اللّه عزَّ وجلّ، الإنفصال عن هوى النفس والعناد المانع للفهم والدرک الصحیح للإنسان، البعد عن التعصبات والغرور وحبّ الذات ومحوریة الذات التی تضغط على الإنسان لیسخر کلّ شیء (حتى کلام اللّه) فی تحقیق رغباته المنحرفة.
وإنْ لم تتحقق للإنسان هذه الحالة فسیتعذر علیه إدراک الحقائق القرآنیة، وربّما سیجعل القرآن وسیلة لتبریر آرائه ورغباته الملوّثة بالشرک بواسطة «التفسیر بالرأی».
وتأتی الآیة التالیة لتکون دلیلا على ما جاء فی الآیة التی قلبها: (إنّه لیس له سلطان على الذین آمنوا وعلى ربّهم یتوکّلون ).
(إنّما سلطانه على الذین یتولّونه والذین هم به مشرکون )، لأنّهم یعتبرون أمر الشیطان واجب الطاعة دون أمر اللّه!