لقد ذکر المفسّرون فی معنى الحیاة الطیّبة تفاسیر عدیدة:
فبعض فسّرها بـ : الرّزق الحلال.
وبعض بـ : القناعة والرضا بالنصیب.
وبعض بـ : الرزق الیومی.
وبعض بـ : العبادة مع الرزق الحلال.
وبعض بـ : التوفیق لطاعة أوامر اللّه...وما شابه ذلک.
ولعلّه لا حاجة بنا للتذکیر بأنّ مفهوم الحیاة الطیّبة من السعة بحیث یشمل کلّ ما ذکروه وغیره، فالحیاة الطیّبة بجمیع جهاتها، وخالیة من التلوّثات والظلم والخیانة والعداوة والذل وکلّ ألوان الآلام والهموم، وفیها ما یجعل حیاة الإنسان صافیة کماء زلال.
وبملاحظة تعبیر الآیة عن الجزاء الإلهی وفق أحسن الأعمال، لیفهم من ذلک أنّ الحیاة الطیّبة ترتبط بعالم الدنیا بینما یرتبط الجزاء بالأحسن بعالم الآخرة.
وعندما سئل أمیر المؤمنین (علیه السلام) عن قوله تعالى: (فلنحیینّه حیاة طیّبة )، قال: «هی القناعة» (1) .
ولا شکّ أنّ هذا التّفسیر لا یعنی حصر معنى الحیاة الطیّبة بالقناعة، بل هو بیان لأحد مصادیقها الواضحة جدّاً، حیث إنّ الإنسان لو أعطیت له الدنیا بکاملها وسلبت منه روح القناعة فإنّه ـ والحال هذه ـ سیعیش دائماً فی عذاب وألم وحسرة، وبعکس ذلک، فإذا امتلک الإنسان القناعة وترک الحرص والطمع، فإنّه سیعیش مطمئناً راضیاً على الدوام.
وقد ورد فی روایات اُخرى تفسیر الحیاة الطیّبة بمعنى الرضا بقسم اللّه، وهذا المعنى قریب الاُفق مع القناعة.
وینبغی أنْ لا نعطی لهذه المفاهیم صفة تخدیریة أبداً، وإنّما الهدف الواقعی من بیان الرضا والقناعة هو القضاء على الحرص والطمع واتّباع الهوى فی نفس الإنسان، التی تعتبر من العوامل المؤثّرة فی إیجاد الإعتداءات والإستغلال والحروب وإراقة الدماء، والمسببة للذل والأسر.