مثلان للمؤمن والکافر!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة النّحل / الآیة 75 ـ 77 1ـ الإنسان بین الحریّة والأسر

ضمن التعقیب على الآیات السابقة التی تحدثت عن: الإیمان، الکفر، المؤمنین، الکافرین والمشرکین، تشخّص الآیات مورد البحث حال المجموعتین (المؤمنین والکافرین) بضرب مثلین حیّین وواضحین.

یشبّه المثال الأوّل المشرکین بعبد مملوک لا یستطیع القیام بأیّة خدمة لمولاه، ویشبّه المؤمنین بإنسان غنی، یستفید الجمیع من إمکانیاته... (ضرب اللّه مثلا عبداً مملوکاً لا یقدر على شیء ).

والعبد لیس له قدرة تکوینیة لأنّه أسیر بین قبضة مولاه ومحدود الحال فی کلّ شیء، ولیس له قدرة تشریعیة أیضاً لأنّ حق التصرف بأمواله (إنْ کان له مال) وکلّ ما یتعلق به هو بید مولاه، وبعبارة اُخرى إنّه: عبد للمخلوق،ولا یعنی ذلک إلاّ الأسر والمحدودیة فی کلّ شیء.

أمّا ما یقابل ذلک فالإنسان المؤمن الذی یتمتع بأنواع المواهب والرزق الحسن: (ومَنْ

رزقناه منّا رزقاً حسن ) والإنسان الحر مع ما له من إمکانیات واسعة (فهو ینفق منه سرّاً وجهر ) فاحکموا: (هل یستوون ).

قطعاً، لا... فإذِنْ: (الحمد لله ). الذی یکون عبده حُرّ وقادر ومنفق، ولیس الأصنام التی یکون عبّادها أسرى وعدیمو القدرة ومحددون (بل أکثرهم لا یعلمون ) (1) .

ثمّ یضرب مثلا آخر لعبدة الأصنام والمؤمنین والصادقین، فیشبّه الأوّل بالعبد الأبکم الذی لا یقدر على شیء، ویشبّه الآخر بإنسان حر یأمر بالعدل وهو على صراط مستقیم: (وضرب اللّه مثلا رجلین أحدهما أبکم لا یقدر على شیء وهو کَلٌّ على مولاه ) (2) ولهذا.. (أینما یوجّهه لا یأتِ بخیر ).

وعلى هذا فیکون له أربع صفات سلبیة:

أبکم (لا ینطق ولا یسمع ولا یبصر منذ الولادة).

وعاجز لا یقدر على شیء.

وکَلٌّ على مولاه.

وأینما یوجهه لا یأتِ بخیر.

مع أنّ الصفات المذکورة ترتبط فیما بینها بعلاقة العلّة والمعلول ولکنّها ترسم صورة إنسان سلبی مائة فی المائة حیث إنّ وجوده لا ینمّ عن أی خیر أو برکة إضافة لکونه «کلٌّ» على أهله ومجتمعه.

فـ (هل یستوی هو ومَنْ یأمر بالعدل وهو على صراط مستقیم )؟!

وأمّا الرجل الآخر فی مثل الآیة فهو صاحب دعوة مستمرّة إلى العدل وسائر على الصراط المستقیم، وما هاتان الصفتان إلاّ مفتاح لصفات اُخرى متضمنة لها، فصاحب هاتین الصفتین: لسانه ناطق، منطقه محکم، إرادته قویّة، شجاع وشهم، لأنّه لا یمکن أن یتصور لداعیة العدل أن یکون: أبکم، جباناً وضعیفاً! ولا یمکن أن یکون من هو على صراط مستقیم إنساناً عاجزاً أبله وضعیف العقل، بل ینبغی أن یکون ذکیّاً، نبیهاً، حکیماً وثابتاً.

وتظهر المقایسة بین هذین الرجلین، ذلک البون الشاسع بین الإتجاهین الفکریین المختلفین لعبدة الأصنام من جهة، وعباد اللّه عزَّ وجلّ من جهة اُخرى، وما بینهم من تفاوت تربوی وعقائدی.

کما رأینا من ربط القرآن فی بحوثه المتعلقة بالتوحید ومحاربة الشرک مع بحث المعاد ومحکمة القیامة الکبرى، نراه هنا یتناول الإجابة على إشکالات المشرکین فیما یخص المعاد، فیقول لهم: (ولله غیب السماوات والأرض ).

وکأنّ الآیة جواب على الإشکال العالق فی أذهان وألسنة منکری المعاد الجسمانی بقولهم: إنّنا إذا متنا وتبعثرت ذرات أجسامنا بین التراب، فمن یقدر على جمعها؟! وإذا ما افترضنا أنّ هذه الذرات قد جمعت وعدنا إلى الحیاة، فَمَنْ سیعلم بأعمالنا التی طوتها ید النسیان فنحاسب علیها؟!

وبعبارة مختصرة تجیب الآیة على کلّ أبعاد السؤال، فالله عزَّوجلّ «یعلم غیب السماوات والأرض» فهو حاضر فی کلّ زمان ومکان، وعلیه فلا یخفى علیه شیء أبداً، ولا مفهوم لقولهم إطلاقاً، وکلّ شیء یعلمه تعالى شهوداً، وأمّا تلک العبارات والأحوال فإنّما تناسب وجودنا الناقص لا غیر.

ثمّ یضیف قائلا: (وما أمر الساعة إلاّ کلمح البصر أو هو أقرب ) (3) .

وهذا المقطع القرآنی یشیر إلى رد إشکال آخر کان یطرحه منکرو المعاد بقولهم: مَنْ له القدرة على المعاد ومن یتمکن من انجاز هذا الأمر العسیر؟!

فیجیبهم القرآن، بأنّ هذا الأمر یبدو لکم صعباً لأنّکم ضعفاء، أمّا لصاحب القدرة المطلقة فهو من السهولة والسرعة بحیث یکون أسرع ممّا تتصورون، وإنْ هو (إلاّ کلمح البصر ) منکم.

وبعد أن شبّه قیام الساعة بلمح البصر، قال: (أو هو أقرب )، أیْ: إنّ التشبیه بلمح البصر جاء لضیق العبارة واللغة، وإنّما هو من السرعة بما لا یلحظ فیه الزمان أساساً، وما ذلک الوصف إلاّ لتقریبه لأذهانکم من حیث إنّ لمح البصر هو أقصر زمان فی منطقکم.

وعلى أیّة حال، فالعبارتان إشارة حیّة لقدرة اللّه عزَّوجلّ المطلقة، وبخصوص مسألتی المعاد والقیامة، ولهذا یقول الباری فی ذیل الآیة: (إنّ اللّه على کلّ شیء قدیر ).


1. المثال المذکور عبارة عن تشبیه للمؤمن والکافر (على ضوء تفسیرنا)، إلاّ أنّ جمعاً من المفسّرین ذهب إلى أنّ العبد المملوک یرمز إلى الأصنام، وأنّ المؤمن الحر المنفق إشارة إلى اللّه سبحانه وتعالى (ویبدو لنا أنّ هذا التشبیه بعید).
2. یقول الراغب فی مفرداته: «الأبکم» هو الذی یولد أخرس، فکل أبکم أخرس ولیس کل أخرس أبکم، ویقال: بکم عن الکلام، إذا أضعف عنه لضعف عقله فصار کالأبکم.
3. «لمح» على وزن «مسح» بمعنى ظهور البرق، ثمّ جاءت بمعنى النظر السریع، وینبغی الإنتباه إلى أنّ «أو» هنا بمعنى «بل».
سورة النّحل / الآیة 75 ـ 77 1ـ الإنسان بین الحریّة والأسر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma