تعود هذه الآیات مرّة اُخرى إلى التوحید بادئةً بـ (أوَلم یروا إلى ما خلق اللّه من شیء یتفیّؤا ظلاله عن الیمین والشمائل سُجّداً للّه وهم داخرون ) (1) .
أی: ألم یشاهد المشرکون کیف تتحرک ظلال مخلوقات اللّه یمیناً وشمالا لتعبّر عن خضوعها وسجودها له سبحانه؟!
ویقول البعض: إنّ العرب تطلق على الظلال صباحاً اسم (الظل) وعصراً (الفیء)، وإذا ما نظرنا إلى تسمیة (الفیء) لقسم من الأموال والغنائم لوجدنا إشارة لطیفة لحقیقة.. إنّ أفضل غنائم وأموال الدنیا لا تلبث أنْ تزول ولا یعدو کونها کالظل عند العصر.
ومع ملاحظة ما اقترن بذکر الظلال فی هذه الآیة من یمین وشمال، وإنّ کلمة الفیء استعملت للجمیع... فیستفاد من ذلک: أنّ الفیء هنا ذو معنى واسع یشمل کلّ أنواع الظلال.
فعندما یقف الإنسان وقت طلوع الشمس متّجهاً نحو الجنوب فإنّه سیرى شروق قرص الشمس من الجهة الیسرى لأفق الشرق، فتقع ظلال جمیع الأشیاء المجسّمة على یمینه (جهة الغرب)، ویستمر هذا الأمر حتى تقترب الظلال نحو الجهة الیمنى لحین وقت الظهر، وعندها ستتحول الظلال إلى الجهة المعاکسة (الیسرى) وتستمر فی ذلک حتى وقت الغروب فتصبح طویلة وممتدة نحو الشرق، ثمّ تغیب وتنعدم عند غروب الشمس.
وهنا... یعرض الباری سبحانه حرکة ظلال الأجسام یمیناً وشمالا بعنوانها مظهراً لعظمته جلّ وعلا واصفاً حرکتها بالسجود والخضوع.