لکلِّ ذنب عقابه:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سورة النّحل / الآیة 45 ـ 47 سورة النّحل / الآیة 48 ـ 50

ثمّة ربط فی کثیر من بحوث القرآن بین الوسائل الاستدلالیة والمسائل الوجدانیة بشکل مؤثّر فی نفوس السامعین، والآیات أعلاه نموذج لهذا الاُسلوب.

فالآیات السابقة عبارة عن بحث منطقی مع المشرکین فی شأن النّبوة والمعاد، فی حین جاءت هذه الآیات بالتهدید للجبابرة والطغاة والمذنبین.

فتبتدأ القول: (أفأمِنَ الذین مکروا السّیّئات ) من الذین حاکوا الدسائس المتعددة لإطفاء نور الحق والإیمان (أن یخسف اللّه بهم الأرض ).

فهل ببعید (بعد فعلتهم النکراء) أنْ تتزلزل الأرض زلزلة شدیدة فتنشق القشرة الأرضیة لتبتلعهم وما یملکون، کما حصل مراراً لأقوام سابقة؟!

«مکروا السیئات»: بمعنى وضعوا الدسائس والخطط وصولا لأهدافهم المشؤمة السیئة، کما فعل المشرکون للنیل من نور القرآن ومحاولة قتل النّبی (صلى الله علیه وآله) وما مارسوه من إیذاء وتعذیب للمؤمنین المخلصین.

«یخسف»: من مادة «خسف»، بمعنى الإختفاء، ولهذا یطلق على اختفاء نور القمر فی ظل الأرض اسم (الخسوف)، یقال (بئر مخسوف) للذی إختفى ماؤه، وعلى هذا یسمّى اختفاء الناس والبیوت فی شق الأرض الناتج من الزلزلة خسفاً.

ثمّ یضیف: (أو یأتیهم العذاب من حیث لا یشعرون * أو یأخذهم فی تقلّبهم ) أیْ عند

ذهابهم ومجیئهم وحرکتهم فی اکتساب الأموال وجمع الثروات. (فما هم بمعجزین ).

وکما قلنا سابقاً، فإنّ «معجزین» من الإعجاز بمعنى ازالة قدرة الطرف الآخر، وهی هنا بمعنى الفرار من العذاب ومقاومته.

أو أنّ العذاب الإلهی لا یأتیهم على حین غفلة منهم بل بشکل تدریجی ومقروناً بالإنذار المتکرر: (أو یأخذهم على تخوّف ).

فالیوم مثلا، یصاب جارهم ببلاء، وغداً یصاب أحد أقربائهم، وفی یوم آخر تتلف بعض أموالهم... والخلاصة، تأتیهم تنبیهات وتذکیرات الواحدة تلو الأخرى، فإنْ استیقظوا فما أحسن ذلک، وإلاّ فسیصیبهم العقاب الإلهی ویهلکهم.

إنّ العذاب التدریجی فی هذه الحالات یکون لاحتمال أن تهتدی هذه المجموعة، واللّه عزَّ وجلّ لا یرید أن یعامل هؤلاء کالباقین (فإنّ ربّکم لرؤوف رحیم ).

ومن الملفت للنظر فی الآیات مورد البحث، ذکرها لأربعة أنواع من العذاب الإلهی:

الأوّل: الخسف.

الثّانی: العقاب المفاجىء الذی یأتی الإنسان على حین غرّة من أمره.

الثّالث: العذاب الذی یأتی الإنسان وهو غارق فی جمع الأموال وتقلّبه فی ذلک.

الرّابع: العذاب والعقاب التدریجی.

والمسلّم به أنّ نوع العذاب یتناسب ونوع الذنب المقترف، وإنْ وردت جمیعها بخصوص (الذین مکروا السّیّئات ) لِعلْمنا أنّ أفعال اللّه لا تکون إلاّ بحکمة وعدل.

وهنا... لم نجد رأیاً للمفسّرین ـ فی حدود بحثنا ـ حول هذا الموضوع، ولکنْ یبدو أنّ النوع الأوّل من العقاب یختص باُولئک المتآمرین الذین هم فی صف الجبّارین والمستکبرین کقارون الذی خسف اللّه تعالى به الأرض وجعله عبرة للناس، مع ما کان یتمتع به من قدرة وثروة.

أمّا النوع الثّانی فیخص المتآمرین الغارقین بملذّات معاشهم وأهوائهم، فیأتیهم العذاب الإلهی بغتة وهم لا یشعرون.

والنوع الثّالث یخص عبدة الدنیا المشغولین فی دنیاهم لیل نهار لیضیفوا ثروة إلى ثروتهم

مهما کانت الوسیلة، حتى وإنْ کانت بارتکاب الجرائم والجنایات وصولا لما یطمحون له! فیعذبهم اللّه تعالى وهم على تلک الحالة(1) .

وأمّا النوع الرّابع من العذاب فیخص الذین لم یصلوا فی طغیانهم ومکرهم وذنوبهم إلى حیث اللارجعة، فیعذبهم اللّه بالتخویف، أیْ یحذرهم بإنزال العذاب الألیم فی أطرافهم فإنْ استیقظوا فهو المطلوب، وإلاّ فسینزل العذاب علیهم ویهلکهم.

وعلى هذا، فإنّ ذکر الرأفة والرحمة الإلهیّة ترتبط بالنوع الرّابع من الذین مکروا السیئات، الذین لم یقطعوا کل علائقهم مع اللّه ولم یخربوا جمیع جسور العودة.


1. مع أنّ «التقلب» لغةً، بمعنى التردد والذهاب والمجیء، مطلقاً ولکنْ فی هکذا موارد ـ کما قال أکثر المفسّرین وتأیید الرّوایات لذلک ـ بمعنى التردد فی طریق التجارة وکسب المال، فتأمل.
سورة النّحل / الآیة 45 ـ 47 سورة النّحل / الآیة 48 ـ 50
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma