حمل أوزار الآخرین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 7
سبب النّزول 1ـ السُنّة سنتان... حسنة وسیئة

دار الحدیث فی الآیات السابقة حول عناد المستکبرین واستکبارهم أمام الحق، وسعیهم الحثیث فی التنصّل عن المسؤولیة وعدم التسلیم للحق.

أمّا فی هذه الآیات فیدور الحدیث حول منطق المستکبرین الدائم، فیقول القرآن: (وإذا قیل لهم ماذا أنزل ربّکم قالوا أساطیر الأوّلین ) فلیس هو وحی إلهی، بل أکاذیب القدماء.

وکانوا یقصدون بکلامهم هذا أمرین:

الأوّل: الإیحاء بأنّ مستوى تفکیرهم وعلمیتهم أرقى ممّا أنزل اللّه!

الثّانی: ما جاء به النّبی (صلى الله علیه وآله) إن هو إلاّ أساطیر الأولین قد صیغت بعبارات جذّابة لتنطلی على عوام الناس، وهذا لیس بالجدید، وما محمد (صلى الله علیه وآله) إلاّ معید لما جاء به الأوّلون من أساطیر.

«الأساطیر»(1) : جمع أسطورة، وتطلق على الحکایات والقصص الخرافیة والکاذبة، وقد وردت هذه الکلمة تسع مرّات فی القرآن الکریم نقلا عن لسان الکفّار ضدّ الأنبیاء تبریراً لمخالفتهم الدعوة إلى اللّه عزَّوجلّ.

وفی جمیع المواطن ذکروا معها کلمة «الأوّلین» لیؤکدوا أنّها لیست بجدیدة وأنّ الأیّام ستتجاوزها! حتى وصل بهم الحال لیغالوا فیما یقولون، کما جاء عن لسانهم فی الآیة 31 من سورة الأنفال: (قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذ ).

والملاحظ على مستکبری یومنا توسلهم بنفس تلک التهم الباطلة هروباً من الحق وإضلالا للآخرین، ووصلت بهم الحماقة لأنْ یعتبروا منشأ الدین من الجهل البشری، وما الآراء الدینیة إلاّ أساطیر وخرافات! حتى أنّهم أثبتوا ذلک فی کتب (علم الاجتماع ودوّنوه بصیاغة (علمیة) کما یدّعون).

أمّا لو نفذنا فی أعماق تفکیرهم لوجدنا صورة اُخرى: فهم لم یحاربوا الأدیان والمذاهب الخرافیة المجعولة أبداً، فهم مؤسسوها والداعون لنشرها، إنّما محاربتهم للأصالة والدین الحق الذی یوقظ الفکر الإنسانی ویحطّم الأغلال الاستعماریة ویقطع دابر المنحرفین عن جادة الصواب.

إنّهم یرون عدم انسجام دعوة الدین إلى الأخلاق الحمیدة مع مزاجهم، لأنّها تعارض أهواءهم الطائشة ورغباتهم غیر المشروعة.

لذلک یجدون فی دعوة الحق مانعاً أمام ما یطمحون الحصول علیه، ونراهم یستعملون مختلف الأسالیب لتوهین هذا الدین القیّم وإسقاطه من أنظار الآخرین کی تخلو الساحة لهم لیفعلوا ما یشاؤون.

ومن المؤسف أنّ طرح بعض الخرافات والأفکار الخاطئة فی قالب دینی من قبل الجهلة، کان بمثابة العامل المساعد فی تجرّی هؤلاء ودفعهم لإلصاق تهمة الخرافات بالدین. ولابدّ للمؤمنین الواعین أمام هذه الحال من الوقوف بکلّ صلابة أمام الخرافات لیبطلوا هذا السلاح فی أیدی أعدائهم ویذکروا هذه الحقیقة فی کلّ مکان وأنّ هذه الخرافات لا ترتبط بالدین الحق أبداً ولا ینبغی للداعیة المخلص أن یجعل الخرافات ذریعة لأعداء الدین فی محاربته ومحاربتنا، لأنّ عملیة انسجام التعلیمات الربانیة مع العقل بحدّ من المتانة والوضوح لا یفسح أیّ مجال لأن تُوجه إلیه هکذا أباطیل.

توضّح الآیة الاُخرى أعمالهم بالقول: (لیحملوا أوزارهم کاملة یوم القیامة ومن أوزار الذین یضلّونهم بغیر علم ألا ساء ما یزرون ).

لأنّ أقوالهم الباطلة لها الأثر السلبی بتضلیل أعداد کبیرة من الآخرین. فمن أسوأ ممن حُمِّلَ أوزار آلاف البشر إلى وزره! والأکثر من ذلک أنّ أقوالهم سترکد فی مخیّلة مَنْ یأتی بعدهم من الأجیال لتکون منبعاً لإضلالهم، ممّا یزید فی حمل الأوزار باطراد.

وقد جاءت عبارة «لیحملوا» بصیغة الأمر، أمّا مفهومها فلبیان نتیجة وعاقبة أعمال اُولئک المظلِلین، کما نقول لشخص ما: لکونک قمت بهذا العمل غیر المشروع فعلیک أن تتحمل عاقبة ما فعلت بتذوقک لمرارة عملک القبیح. (واحتمل بعض المفسّرین أنّ لام (لیحملوا، لام نتیجة).

«والأوزار»: جمع وزر، بمعنى الحمل الثقیل، وجاءت بمعنى الذنب أیضاً، ویقال للوزیر وزیر لعظم ما یحمل من مسؤولیة.

ویواجهنا السؤال التالی..لماذا قال القرآن: یحملون من أوزار الذین یضلّونهم ولم یقل کلّ أوزارهم، فی حین أنّ الرّوایات تؤکّد... أنّ «مَنْ سنّ سنّة سیئة فعلیه وزرها ووزر مَنْ عمل بها إلى یوم القیامة»؟

أجاب بعض المفسّرین بوجود نوعین من الذنوب عند المضلَّلین، نوع ناتج من إتّباعهم لأئمّة الضلال، والنوع الآخر من أنفسهم، فما یحمله أئمّتهم وقادتهم هو من النوع الأوّل دون الثّانی.

واعتبر البعض الآخر من المفسّرین أنّ «مِنْ» فی هذه الجملة لیست تبعیضیة، بل جاءت لبیان أنّ ذنوب الأتباع على عاتق المتبوعین.

وثمّة تفسیر آخر قد یکون أقرب إلى القبول من غیره، یقول: إنّ الأتباع الضالین لهم حالتان من التبعیة...

فتارةً یکونون أتباعاً للمنحرفین على علم وبیّنة منهم، والتاریخ حافل بهکذا صور، فیکون سبب الذنب أوامر القادة من جهة، وتصمیم الأتباع من جهة اُخرى فیقع على عاتق القادة قسم من المسؤولیة المترتبة على هذه الذنوب «ولا یقلل من وزر الأتباع شیء».

وتارةً اُخرى تکون التبعیة نتیجة الاستغفال والوقوع تحت شراک وساوس المنحرفین من دون وعی وإدراک لحقیقة الأمر لدی التابعین، وهو ما یشاهد فی عوام الناس عند الکثیر من المجتمعات البشریة، (وقد یسلک طریق الضلال بعنوان التقرّب إلى اللّه).. وفی هذه الحال یکون وزر ذنوبهم على عاتق مضلِّیهم بالکامل، ولا وزر علیهم إنْ لم یقصّروا بالتحقق من الأمر.

ولا شک أنّ المجموعة الاُولى التی سارت فی طریق الضلال عن علم وبیّنة من أمرها سوف لا یخفف من ذنوبهم شیء مضافاً إلى ما یلحق أئمّتهم من ذنوبهم.

وهنا یلزم ملاحظة أنّ التعبیر «بغیر علم» فی الآیة لیس دلیلا على الغفلة الدائمة للمضلَّلِین، ولا یُعبّر عن سقوط المسؤولیة ـ فی جمیع الحالات ـ على غیر المطلعین بحال وشأن أئمّة السوء والضلالة بل یشیر إلى سقوط عوام الناس لجهلهم بشکل أسرع من علمائهم فی شراک أو شباک المضلِّلِین.

ولهذا نرى القرآن فی آیات اُخرى لا یبرّیء هؤلاء الأتباع ویحمّلهم قسطاً من المسؤولیة کما فی الآیتین 47 و48 من سورة غافر: (وإذ یتحاجّون فی النّار فیقول الضعفاء للذین استکبروا إنّا کنّا لکم تبعاً فهل أنتم مغنون عنّا نصیباً من النّار * قال الذین استکبروا إنّا کلّ فیها إنّ اللّه قد حکم بین العباد ).

ثمّ تتحرک الآیة الاُخرى لتقرر أنّ تهمة وصف الوحی الإلهی بأساطیر الأوّلین لیست بالأمر المستجد: (قد مکر الذین من قبلهم فأتى اللّه بنیانهم من القواعد فخرّ علیهم السّقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حیث لا یشعرون ).

مع أنّ بعض المفسّرین قد ذهب بالآیة إلى قصّة «نمرود» وصرحه الذی أراد من خلاله

محاربة رب السماء! والبعض الآخر فسّرها بقصّة «بخت نصر».. إلاّ أنّ الظاهر من مفهوم الآیة شمول جمیع مؤامرات ودسائس المستکبرین وأئمّة الضلال.

ومن لطیف دقّة العبارة القرآنیة، أنّ الآیة أشارت إلى أنّ اللّه عزَّوجلّ لا یدمرّ البناء العلوی للمستکبرین فحسب، بل سیدمّره من القواعد لینهار بکلّه علیهم.

وقد یکون تخریب القواعد وإسقاط السقف إشارة إلى أبنیتهم الظاهریة، من خلال الزلازل والصواعق لتنهار على رؤوسهم، وقد یکون إشارة إلى قلع جذور تجمعاتهم وأحزابهم بأمر اللّه عزَّوجلّ، بل لا مانع من شمول الأمرین معاً.

وممّا یلفت النظر أنّ القرآن ذکر کلمة «السقف» بعد ذکر «من فوقهم»،  فـ «السقف» عادة فی الطرف الأعلى من البناء، فما الذی إستلزم ذکر «من فوقهم»؟ ویمکن حمله للتأکید، وکذلک لبیان أنّ السقوط سیتحقق بوجودهم أسفله لهلاکهم، حیث إنّ السقوط قد یحدث بوجود أصحاب الدار أو عدم وجودهم.

وقدّم لنا التاریخ قدیمه وحدیثه بوضوح صوراً شتى للعقاب الإلهی، فإحکام الطغاة والجبابرة لما یعیشون ویتمتعون فی کنفه من حصون وقلاع، إضافة لخططهم المحبوکة کی یستمر لهم ولنسلهم الحال، وما قاموا به من تهیئة وإعداد کل مستلزمات بقاء قدرة التسلط ودوام نظام الحکم... کلّ ذلک لا یعبّر فی الحقیقة إلاّ عن ظواهر خاویة من کل معانی القدرة والإقتدار والدوام، حیث تحکی لنا قصص التاریخ أنّ هؤلاء یأتیهم العذاب الإلهی وهم بذروة ما یتمتعون به، وإذا بالقلاع والحصون تتهاوى على رؤوسهم فیفنون ولا تبقى لهم باقیة.

وعذابهم فی الحیاة الدنیا لا یعنی تمام الجزاء، بل تکملته ستکون یوم الجزاء الأکبر (ثمّ یوم القیامة یخزیهم ).

فیسألهم اللّه تعالى: (ویقول أین شرکائی الذین کنتم تشاقّون فیهم ) أی تجادلون وتعادون فیهم(2) ، فلا یتمکنون من الإجابة، ولکنْ: (قال الذین اُوتوا العلم إنّ الخزى الیوم والسوء على الکافرین ).

ویظهر من خلال ذلک أنّ المتحدثین یوم القیامة هم العلماء، ولا ینبغی فی ذلک المحضر المقدّس الحدیث بالباطل.

وإذا رأینا فی بعض الرّوایات عن أهل البیت (علیهم السلام) التأکید على أنّ العلماء فی ذلک المحضر هم الأئمّة المعصومون (علیهم السلام) لأنّهم أفضل وأکمل مصداق لذلک(3) .

ونعاود الذکر لنقول: إنّ المقصود من السؤال والجواب فی یوم القیامة لیس لکشف أمر خفی، بل هو نوع من العذاب الروحی، وذلک إحقاقاً للمؤمنین الذین لاقوا اللوم والتوبیخ الشدیدین فی الحیاة الدنیا من المشرکین المغرورین.

ویصف ذیل الآیة السابقة حال الکافرین بالقول: (الذین تتوفّاهم الملائکة ظالمی أنفسهم ).

لأنّ ممارسة الظلم فی حقیقتها ظلم للنفس قبل الآخرین، لأنّ الظالم یتلف ملکاته الوجدانیة، ویهتک حرمة الصفات الفطریة الکامنة فیه.

بالإضافة إلى أنّ الظلم متى ما شاع وانتشر فی أىّ مجتمع، فالنتیجة الطبیعیة له أن یعود على الظالمین أنفسهم لیشملهم الحال.

أمّا حین تحین ساعة الموت ویزول حجاب الغفلة عن العیون (فألقوا السَّلَمَ ما کنّا نعمل من سوء ).

لماذا ینکرون عملهم القبیح؟ فهل إنّهم یکذبون وقد أصبح الکذب صفة ذاتیة لهم من کثرة تکراره، أم یریدون القول: إننا نعلم سوء أعمالنا، ولکننا اخطأنا ولم تکن لدینا نوایا سیئة فیه؟؟.

یمکن القول بإرادة کلا الأمرین.

ولکنّ الجواب یأتیهم فوراً: إنّکم تکذبون فقد ارتکبم ذنوباً کثیرة: (بلى إنّ اللّه علیم بما کنتم تعملون ) حتى بنیّاتکم.

ولیس المقام محلاًّ للإنکار أو التبریر.. (فادخلوا أبواب جهنّم خالدین فیها فلبئس مثوى المتکبّرین ).


1. یعتبرها البعض جمع الجمع، فالأساطیر جمع أسطار، والأساطیر جمع سطر.. ویعتبرها البعض الآخر جمعاً لیس له مفرد من جنسه.. إلاّ أنّ المشهور ما ذکرناه أعلاه.2. «تشاقون» من مادة «الشقاق»، بمعنى المخالفة والعداء، وأصلها من (شقَّ، أی قَطَّعَهُ نصفین).3. راجع تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 50، ح 71.
سبب النّزول 1ـ السُنّة سنتان... حسنة وسیئة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma