وردت کلمة الإستکبار فی آیات کثیرة من القرآن الکریم باعتبارها إحدى الصفات الذمیمة الخاصّة بالکفّار، ولتعطی معنى التکبّر عن قبول الحق.
ففی الآیة 7 من سورة نوح: (وإنّی کلّما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فی آذانهم واستغشوا ثیابهم وأصرّوا واستکبروا استکبار ).
وفی الآیة 5 من سورة المنافقون: (وإذا قیل لهم تعالوا یستغفر لکم رسول اللّه لوّوا رؤوسهم ورأیتهم یصدّون وهم مستکبرون ).
وکذلک فی الآیة 8 من سورة الجاثیة: (یسمع آیات اللّه تتلى علیه ثمّ یصرّ مستکبراً کأن لم یسمعه ).
ومن أقبح ألوان التکبّر ذلک الذی یقف أمام الحق فیرفضه، لأنّه یغلق على الإنسان جمیع سبل الهدایة ویترکه یتخبط فی متاهات المعاصی والضلال.
ویصف أمیر المؤمنین (علیه السلام) الشیطان بأنّه: «سلف المستکبرین» (1) لأنّه أوّل مَنْ خطا فی طریق مخالفة الحق بعدم تسلیمه للحقیقة الرّبانیة التی تقول: إنّ آدم أکمل منه.
صحیح أنّ زهو المال قد یوقع الإنسان فی حالة الإستکبار، إلاّ أنّ المسألة أکبر من ذلک وأشمل، فکلّ رافض لقبول الحق مستکبر وإن کان فقیراً.
ونختم البحث بروایة عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «ومَنْ ذهب یرى أنّ له على الآخر فضلا فهو من المستکبرین، فقلت: إنّما یرى أن له علیه فضلا بالعافیة إذا رآه مرتکباً للمعاصی؟ فقال: هیهات هیهات! فلعله أن یکون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف تحاسب، أما تلوت قصّة سحرة موسى (علیه السلام)» (2) .
(حین وقف السحرة یوماً فی مقابل موسى (علیه السلام) إرضاءً لفرعون وطمعاً فی جوائزه، ولکنّهم انقلبوا فجأة لما تبیّن لهم الحق واعتنقوه وما هابوا تهدید فرعون، وبقوا على رفضهم فی عدم التسلیم للطاغیة، فکانت النتیجة أنْ عفا اللّه عنهم ورحمهم).
1. نهج البلاغة، الخطبة القاصعة.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 3، ص 48، ح 56، نقلاً عن روضة الکافی.
