تحدثت الآیات أعلاه عن الطرق الأرضیة بکونها إحدى النعم الإلهیّة باعتبارها من أهم وسائل الإرتباط فی طریق التمدّن الإنسانی.
ولهذا عند وضع الخطط العمرانیة لابد معها من رسم وبناء خطوط الطرق المناسبة للمکان المقصود، وإلاّ لا یمکن أن یقام عمران.
ومع هذا، فلا یمکننا حصر البیان القرآنی بهذا الجانب فحسب، بل یمکننا القول بأنّه یشمل حتى جوانب الحیاة المعنویة للبشریة أیضاً، لأنّ الوصول إلى هدف مقدّس یستلزم سلوک الطریق الصحیح لذلک الهدف.
بالإضافة إلى الأهمیّة الحیویّة لوجود العلامات فی تشخیص السبیل من بین کثرة السبل وتشابکها، فإضاعة السبیل الأصلی ممکن فی حال عدم وجود ما یدل علیه من «علامات».
وخصوصاً، ورود تسمیة المؤمنین فی الآیات القرآنیة بالمتوسمین للتأکید على ضرورة الإنتباه إلى هذه العلامات.
فلکی یستطیعوا تشخیص الحق من الباطل لابدّ من معرفة المذاهب والسنن والدعوات المختلفة، بل حتى الأشخاص، وذلک من خلال (العلامات).
وأمّا مسألة وجود القائد فلا تحتاج لتوضیح وبیان (الموضّح لا یوضّح).
وقد فسّرت «النجم» برسول اللّه (صلى الله علیه وآله) و«العلامات» بالأئمّة (علیهم السلام) فی روایات کثیرة وردت عن أهل البیت (علیهم السلام)... وفی بعضها فسّر «النعم» و«العلامات» کلاهما بالأئمّة (علیهم السلام)، ونشیر هنا إلى نماذج من الرّوایات:
1ـ فی تفسیر علی بن إبراهیم عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «النجم رسول اللّه،
والعلامات الأئمّة (علیهم السلام)» (1) وورد مثله عن الإمام علی بن موسى الرض (علیه السلام).
2ـ وروی عن الإمام الباقر (علیه السلام) فی تفسیر الآیة أعلاه أنّه قال: «نحن النجم» (2) .
3ـ وروی کذلک عن الإمام الرض (علیه السلام) أنّ رسول اللّه (صلى الله علیه وآله) قال لعلی (علیه السلام): «أنت نجم بنی هاشم» (3) .
4ـ وفی روایة اُخرى: «أنت أحد العلامات» (4) .
وکلّ ذلک یشیر إلى التّفسیر المعنوی لهذه الآیات.
1. تفسیر نور الثقلین، ج3، ص45.
2. المصدر السابق.
3. المصدر السابق.
4. المصدر السابق.
