3ـ العبادة والتکامل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
2ـ الأثر الرّوحی لذکر اللّه

وکما هو معلوم فإنّ الإنسان قد بدأ انطلاقته فی الحیاة من نقطة العدم ولا یزال یسیر نحو المطلق، ولن تتوقف عجلة تکامله (مادام مداوماً على الطریق) کما أنّه یمتلک مقوّمات السیر ویمتاز بقابلیّة فائقة وإستعداد کامل فی طلبه للتکامل، هذا من جهة.

ومن جهة اُخرى تعتبر العبادة مدرسة عالیة للتربیة، لأنّها توقظ عقل الإنسان، وتوجّه فکره نحو المطلق، وتغسل غبار الذنوب والغفلة من قلبه وروحه، وتنمّی فیه الصفات الإنسانیة الرفیعة، وتقوّی إیمانه وتجعله أکثر وعیاً واکبر مسؤولیة.

فلا یمکن للإنسان الواقعی أن یستغنی عن هذه المدرسة الراقیة، أمّا الذین یعتقدون بأنّ الإنسان قد یصل إلى درجة معیّنة لا یحتاج عندها إلى العبادة، فاُولئک إمّا أنّهم یعتبرون عملیة تکامل الإنسان محدودة وتنتهی بحدّ معین، أو أنّهم لم یدرکوا معنى العبادة حقّاً.

وللعلاّمة الطّباطبائی (رحمه الله) فی تفسیر المیزان بیان بهذا الشأن، إلیک ملخّصه: (إنّ کلّ نوع من أنواع الموجودات له غایة کمالیة، وکذلک الإنسان له غایة تکاملیة لا ینالها إلاّ بالاجتماع المدنی، ولهذا فهو اجتماعی بالطبع، ولو تحقق هذا الاجتماع فسیحتاج أفراد المجتمع إلى أحکام وقوانین یتنظم باحترامها والعمل بها شتات اُمورهم، وترتفع بها اختلافاتهم الضروریة، ویقف بها کلّ منهم فی موقفه الذی ینبغی له، ویحوز بها سعادته وکماله الوجودیة.

وبعبارة اُخرى: إن کان المجتمع الإنسانی صالحاً أمکن لأفراده الوصول إلى هدفهم النهائی فی الکمال، وإنْ فسد المجتمع تخلّف أفراده عن هذا التکامل.

وإنَّ هذه الأحکام والقوانین سواء کانت اجتماعیة أو عبادیة، لا تکون مؤثّرة إلاّ إذا أخذت من طریق النّبوة والوحی السماوی لا غیر.

ونعلم أیضاً أنّ الأحکام العبادیة تشکّل جزءاً من هذا التکامل الفردی والاجتماعی.

وبهذا یتبیّن أنّ التکلیف الإلهی یلازم الإنسان ما عاش فی هذه النشأة الدنیویة، وأنّ تجویز ارتفاع التکلیف ملازم لتجویز تخلّفه عن الأحکام والقوانین، وهذا یوجب فساد المجتمع!

ومن الجدیر بالملاحظة أنّ الأعمال الصالحة والعبادات منبع للملکات النفسانیة الفاضلة فإذا اُدّیت هذه الأعمال بقدر کاف، وقوّیت تلک الملکات الفاضلة فی نفس الإنسان، فستکون نفسها منبعاً جدیداً لأعمال صالحة أکثر وطاعات وعبادات أفضل.

ومن هنا یظهر فساد ما ربّما یتوهّم أنّ الغرض من التکلیف هو تکمیل الإنسان فإذا کَمُلَ لم یکن لبقاء التکلیف معنى، وما ذلک إلاّ مغالطة لیس أکثر، لأنّ الإنسان لو تخلّف عن التکلیف الإلهی فإنّ المجتمع سیسیر نحو الفساد فوراً، فکیف یتسنّى للفرد الکامل أن یعیش فی هکذا مجتمع!

وکذلک فرضیة تخلّف الإنسان عند امتلاکه الملکات الفاضلة عن العبادات وطاعة اللّه، فإنّها تعنی تخلّف هذه الملکات عن آثاره (1) ، فتأمل.


628. تفسیر المیزان، ج 12، ص 210.

 

نهایة سورة الحجر

2ـ الأثر الرّوحی لذکر اللّه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma