إلاّ أنّ القائلین بفرضیّة ثبوت الأنواع لدیهم جوابٌ واحد لجمیع أدلة القائلین بالتکامل وهو: أنّ القرائن المذکورة لا تملک قوّة الإقناع، والذی لا یمکن إنکاره أنّ الأدلة الثلاثة توجد فی الذهن احتمالا ظنیّاً لمسألة التکامل، إلاّ أنّها لا تقوى أن تصل إلى حال الیقین أبداً.
وبعبارة أوضح: إنّ إثبات فرضیّة التکامل وانتقالها من صورة فرض علمی إلى قانون علمی قطعی.. إمّا أن یکون عن طریق الدلیل العقلی، أو عن طریق الحسّ والتجربة والإختبار، ولا ثالث لها.
أمّا الأدلة العقلیة والفلسفیة فلیس لها طریق إلى هذه المسائل کما نعلم، وأمّا ید التجربة والإختبار فأقصر من أن تمتد إلى مسائل قد امتدت جذورها إلى ملایین السنین.
إنّ ما ندرکه بالحس والتجربة لا یتعدى بعض الحالات السطحیة، ولفترة زمنیة متباعدة، على شکل طفرة وراثیة (موتاسیون) فی کلّ من الحیوان والنبات.
فمثلا.. نرى أحیاناً فی نسل الأغنام العادیة ولادة مفاجئة لخروف ذی صوف یختلف عن صوف الخراف العادیة، فیکون أنعم وأکثر لیناً من العادیة بکثیر، فیکون بدایة لظهور نسل جدید یسمّى (أغنام مرینوس).
أو أنّ حیوانات تحصل فیها الطفرة الوارثیة فیتغیر لون عیونها أو أظفارها أو شکل جلودها وما شابه ذلک.. لکنّه لم یشاهد لحدّ الآن طفرة تؤدّی إلى حصول تغییر مهم فی الأعضاء الأصلیة لبدن أیّ حیوان، أو یتبدل نوع منها إلى نوع آخر.
بناء على ذلک.. یمکننا أنْ نتخیّل أنّ نوعاً من الحیوان یتحوّل إلى نوع آخر بطریق تراکم الطفرة الوراثیة، کأن تتحول الزواحف إلى طیور ولکنّ ذلک لیس سوى حدس ومجرّد تخیّل لا غیر، ولم نر الطفرات الوارثیة قد غیّرت عضواً أصلیاً لحیوان ما إلى صورة اُخرى.
نخلص ممّا تقدم إلى النتیجة التالیة: إنّ الأدلة التی یطرحها أنصار فرضیة (الترانسفور میسم) لا تتجاوز کونها فرضاً لا غیر، لذا نرى أنصارها یعبّرون عنها بـ (فرضیة تطوّر الأنواع) ولم یجرأ أیٌ منهم من تسمیتها بالقانون أو الحقیقة العلمیة.
