لقد أمر النّبی (صلى الله علیه وآله) أن ینذر الناس بهذا الیوم الذی ینزل علیهم فیه العذاب الإلهی، ولکن أی یوم هذا؟ ذکر المفسّرون له ثلاث احتمالات:
الأوّل: یوم القیامة.
الثّانی: یوم وقوع الموت، حیث تبدأ مقدّمة العذاب الإلهی للظالمین.
الثّالث: المقصود هو نزول جزء من العذاب والبلاء الدنیوی، کعذاب قوم لوط وعاد وثمود وقوم نوح وفرعون، والذی تمّ من خلال الطوفان أو الزلازل والعواطف والریح وغیرها.
ومع أنّ کثیر من المفسّرین رجّحوا التّفسیر الأوّل، إلاّ أنّ الآیات التی تلیها تشیر إلى قوّة الإحتمال الثّالث، والتی توضّح أنّ المقصود هو العقاب الدنیوی لأنّنا نقرأ بعد هذه الآیة (ربّنا أخّرنا إلى أجل قریب نجب دعوتک).
فالتعبیر «أخّرنا» قرینة واضحة فی الطلب لإستمرار الحیاة فی الدنیا، لأنّه لو کان فی الآخرة لقالوا: ربّنا ارجعنا إلى الدنیا، کما نقرأ فی الآیة 27 من سورة الأنعام (ولو ترى إذ وقفوا على النّار فقالوا یالیتنا نردّ ولا نکذّب بآیات ربّنا ونکون من المؤمنین) حیث یردّ علیهم القرآن الکریم ویقول: (ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لکاذبون). (1)
السؤال: وقد یسأل سائل: إذا کانت هذه الآیة تشیر إلى عذاب الدنیا، والآیة ما قبلها (ولا تحسبن الله غافل) تشیر إلى عذاب الآخرة، فکیف یمکن أن تتوافق هاتان الآیتان، بالنظر إلى أنّ کلمة «إنّما» دالّة على عقابهم فی الآخرة فقط ولیس فی الدنیا.
والجواب: ویتّضح الجواب بملاحظة أنّ العقاب الاُخروی الذی یشمل جمیع الظالمین، لیس له أی تبدیل وتغییر، بینما الجزاء الدنیوی ـ بالإضافة إلى أنّه غیر شامل ـ فهو قابل للتبدیل.
ولابدّ من ذکر هذه النقطة أیضاً وهو أنّ العقاب الدنیوی ـ کعقاب قوم نوح وفرعون وأمثالهم ـ إذا حلّ بهم سوف تُغلق أبواب التوبة کلیّاً ولیس لهم طریق للرجوع والتوبة، لأنّ أغلب المذنبین عندما یرون العذاب یندمون على ما فعلوا، وهذا الندم إضطراری ولیس له أی قیمة، ولذلک یجب علیهم أن یتوبوا قبل نزول العذاب (2) .