بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
نهایة کفران النعم: سورة إبراهیم / الآیة 31 ـ 34

یقال فی العبارات الدارجة: إنّ الشخص الفلانی کفر بنعمة الله، ولکن الآیة أعلاه تقول: (الذین بدّلوا نعمت الله کفر) إنّ هذا التعبیر الخاص یدلّ على أحد أمرین:

أ) المراد من تبدیل «النعمة» إلى «کفران» هو عدم شکرهم لهذه النعم، فبدّلوا الشکر بالکفران (فی الحقیقة کلمة الشکر مقدّرة، ففی التقدیر: الذین بدّلوا شکر نعمة الله کفراً).

ب) إنّ المقصود هو تبدیلهم نفس «النعمة» «کفراً»، وفی الحقیقة فإنّ النعم الإلهیّة وسائل، وطریقة استعمالها مرتبطة بإرادة الإنسان، فمثلما یمکن أن نستفید منها فی طریق السعادة والإیمان والعمل الصالح، یمکن أن نستعملها کذلک فی مسیر الکفر والظلم والفساد، فهی کالمواد الأوّلیة التی یمکن بمساعدتها الحصول على أنواع مختلفة من الإنتاج، إلاّ أنّها خُلقت فی الأصل للخیر والسعادة.

لیس «کفران النعم» عدم الشکر اللسانی فقط، بل کلّ استفادة غیر صحیحة ومنحرفة للنعم، تلک هی حقیقة الکفران، وأمّا عدم الشکر باللسان ففی الدرجة الثانیة، وکما قلنا سابقاً فإنّ شکر النعمة تعنی صرفها فی الهدف الذی خُلِقَت من أجله، والشکر علیها باللسان یأتی فی الدرجة الثانیة، فإذا قلنا آلاف المرّات: الحمد لله، ولکنّنا أسأنا عملیّاً الاستفادة من النعم، فذلک کفران للنعم.

وفی عصرنا الحاضر أفضل نموذج لتبدیل النعم بالکفران هو استخدام الإنسان لمواهب الطبیعة بفکره ومهارته التی منحها الله للإنسان لخدمة منافعه الخاصّة. فالإکتشافات العلمیّة والخبرات الصناعیة غیّرت وجه العالم ورفعت عن کاهل الإنسان عبئاً ثقیلا ووضعته على عجلات المعامل. فالمواهب والنعم الإلهیّة أکثر من أی زمن آخر، ووسائل نشر المعارف وإنتشار العلوم ومعرفة جمیع أخبار العالم متوفّرة فی أیدی الجمیع، فیجب على الناس فی هذا العصر أن یکونوا سعداء من الناحیة المادیّة والمعنویة.

ولکن بسبب تبدیل النعم الإلهیّة الکبیرة إلى کفران، وصرف القوى الطبیعیّة فی طریق الظلم والطغیان واستخدام الإختراعات والإکتشافات فی طریق الأهداف المخربة بحیث إنّ کلّ تطور صناعی یستخدم أوّلا فی عملیات التدمیر، وخلاصة القول: إنّ عدم الشکر هذا والذی هو بعید عن التعالیم الصالحة للأنبیاء أدّى إلى أن یجرّوا قومهم ومجتمعهم إلى دار البوار.

ودار البوار هذه هی مجموعة من الحروب الإقلیمیّة والعالمیّة بکلّ آثارها التخریبیّة، وکذلک عدم الأمن والظلم والفساد والاستعمار حیث یبتلى بها فی النهایة المؤسّسون لها أیضاً، کما رأینا فی السابق ونراه الیوم.

وما ألطف تصویر القرآن حیث جعل مصیر کلّ الأقوام والاُمم التی کفرت بأنعم الله إلى دار البوار.

«أنداد» جمع «ندّ» بمعنى «المثل» ولکن الراغب فی مفرداته والزبیدی فی تاج العروس قالا: إنّ «الندّ» یقال للشیء الذی یشابه الشیء الآخر جوهریاً، و«المثل» یطلق على کلّ شیء شبیه لشیء، ولذلک فالندّ له معنى أعمق وأدقّ من المثل.

وطبقاً لهذا المعنى نستفید من الآیة أعلاه أنّ أئمّة الکفر کانوا یسعون لأن یجعلوا لله شرکاء ویشبهوهم فی جوهر ذاتهم بالله عزّوجلّ، لکی یضلّوا الناس عن عبادة الله ویحصلوا على مقاصدهم الشریرة.

فتارةً یقرّبون لهؤلاء الشرکاء القرابین، واُخرى یجعلون قسماً من النعم الإلهیّة (کبعض الأنعام) مخصوصة للأصنام، ویعتقدون أحیاناً بعبادتها. وأوقح من ذلک کلّه کانوا یقولون أثناء حجّهم فی عصر الجاهلیة: (لبّیک لا شریک لک ـ إلاّ شریک هو لک ـ تملکه وما ملک) (1) .


1. التفسیر الکبیر، ذیل الآیة مورد البحث.
نهایة کفران النعم: سورة إبراهیم / الآیة 31 ـ 34
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma