1ـ لوح المحو والإثبات واُمّ الکتاب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
الحوادث «الثّابتة» و«المتغیّرة»: 2ـ ما هو البداء؟

مع أنّ جملة (یمحو الله ما یشاء...) نزلت فی مجال المعاجز والکتب السّماویة إلى الأنبیاء، لکنّها تبیّن قانوناً عامّاً وشاملا وقد اُشیر إلیه فی مختلف المصادر الإسلامیة، وهو أنّ تحقّق وصیرورة الحوادث المختلفة للعالم لها مرحلتین: الاُولى المرحلة القطعیّة أو الثابتة، ولا سبیل للتغییر فیها (والتی أشارت إلیها الآیة أعلاه باُمّ الکتاب) والاُخرى المرحلة المتغیّرة أو بعبارة اُخرى «المشروطة» والتی یجد التغییر سبیلا إلیها، وقد عبّر عنها بالمحو والإثبات، وأحیاناً یُقال عن المرحلتین: «اللوح المحفوظ» و«لوح المحو والإثبات» کأنّ ما کُتب فی اللوح الأوّل محفوظ لا یتغیّر، أمّا الثّانی فمن الممکن محو ما کتب فیه وتغییره.

وأمّا حقیقة الأمر فإنّنا ـ أحیاناً ـ ننظر إلى الحوادث بأسباب وعلل ناقصة، فمثلا إذا أخذنا بنظر الإعتبار السمّ الذی بمقتضى طبعه یؤدّی إلى قتل الإنسان وکلّ من یتناوله سوف یموت، مع عدم علمنا بأنّ لهذا السمّ تریاق آخر ضدّه لو شربناه بعده سوف یبطل مفعول الأوّل (وقد نکون على علم به لکن لا نرید أن نتحدّث لسبب أو لآخر عن التریاق) لاحظوا هنا أنّ هذه الحادثة (الموت بسبب استعمال السمّ) لیس لها جانب قطعی، وببیان آخر إنّ مکانها فی (لوح المحو والإثبات) ویجد التغییر سبیلا إلیه بالنظر إلى الأسباب الاُخرى المرتبطة به.

ولکن لو نظرنا إلى الحادثة من خلال العلّة التامّة لها، یعنی توفّر الشروط اللازمة وإزالة الموانع (استعمال السمّ بدون استعمال التریاق) تکون الحادثة هنا قطعیّة وببیان آخر: إنّ مکانها فی ]اللوح المحفوظ واُمّ الکتاب[ ولا سبیل للتغییر فیها.

ویمکن أن نوضّح هذا الحدیث بشکل آخر، وهو: إنّ للعلم الإلهی مرحلتین (علم بالمقتضیات والعلل الناقصّة) و(علم بالعلل التامّة) فما إرتبط بالمرحلة الثانیة نعبّر عنها بـ(اُمّ الکتاب واللوح المحفوظ) وما إرتبط بالمرحلة الاُولى نعبّر عنها بـ(لوح المحو والإثبات) وإلاّ فلیس اللوح موضوعاً فی زاویة من السّماء حتى یکتبوا أو یمحوا فیه شیئاً ویثبتوا بدله شیئاً آخر.

ومن هنا تتضّح الإجابة على کثیر من الأسئلة فی ضوء ما ورد فی المصادر الأصلیّة فی الإسلام، لأنّنا نقرأ مرّةً فی الرّوایات أو بعض الآیات القرآنیة، أنّ العمل الفلانی له الأثر الکذائی، لکنّنا فی بعض الأحیان لا نرى هذه النتیجة، وذلک بسبب أنّ تحقّق تلک النتیجة یعتمد على شرائط أو موانع لم تتحقّق.

وهناک روایات کثیرة فی باب (اللوح المحفوظ) و(لوح المحو والإثبات) وعلم الأنبیاء والأئمّة (علیهم السلام)، وعلى سبیل المثال نذکر قسماً منها:

أخرج ابن مردویه وابن عساکر عن علی (علیه السلام) أنّه سأل رسول الله (صلى الله علیه وآله) عن هذه الآیة فقال له: «لأقرنّ عینیک بتفسیرها ولأقرنّ عین اُمّتی بعدی بتفسیرها، الصدقة على وجهها، وبرّ الوالدین، وإصطناع المعروف، یحول الشقاء سعادة ویزید فی العمر ویقی مصارع السوء» (1) .

وهذه إشارة إلى أنّ الشقاء والسعادة لیست اُموراً حتمیة، حتى إذا إرتکب الإنسان إثماً وعدّ من الأشقیاء فإنّ باستطاعته أن یُغیّر من سلوکه ویتّجه صوب الخیر، وخصوصاً مساعدة وخدمة عباد الله، لأنّ هذه الاُمور مکانها فی (لوح المحو والإثبات) لا (اُمّ الکتاب).

ویجب الإلتفات إلى أنّ ما جاء فی هذا الحدیث یبیّن قسماً من مفهوم الآیة.

عن الفضیل بن یسار قال: سمعت أبا جعفر (علیه السلام) یقول: «من الاُمور اُمور محتومة کائنة لا محالة، ومن الاُمور اُمور موقوفة عند الله یقدّم فیها ما یشاء ویمحو ما یشاء ویثبت ما یشاء» (2) .

وعن الإمام علی بن الحسین (علیه السلام) قال: «لولا آیة فی کتاب الله لحدثّتکم بما کان وما یکون إلى یوم القیامة، فقلت له: أیّة آیة؟ فقال: قال الله (یمحو الله ما یشاء ویثبت وعنده اُمّ الکتاب) (3) .

وهذا الحدیث دلیل على أنّ اللوح المحفوظ ولوح المحو والإثبات بکلّ خصوصیاتها مختصّة بالله جلّ وعلا، وهناک قسمٌ منها یُعلم بها الخواص من عباده إذا إقتضت الضرورة.

ونقرأ فی أدعیة لیالی شهر رمضان المبارک: «وإن کنت من الأشقیاء فاکتبنی عندک من السعداء».

وعلى أیّة حال فالمحو والإثبات بهذا الشکل الذی قلناه له معنىً جامع یشمل کلّ تغییر فی الحال بسبب تغییر الشروط وحدوث الموانع، وأمّا ما قاله بعض المفسّرین من أنّ هذه الجملة إشارة إلى مسألة محو الذنوب بسبب التوبة، أو زیادة ونقصان الرزق على أثر تغییر الشروط، لیس صحیحاً، إلاّ إذا اعتبروها واحداً من مصادیقها.


1. تفسیر المیزان، ج 11، ص 380.
2. المصدر السابق، ص 419.
3. تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 512، ح 160.
الحوادث «الثّابتة» و«المتغیّرة»: 2ـ ما هو البداء؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma