1ـ کیف یطمئن القلب بذکر الله؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
(ألا بذکر الله تطمئنّ القلوب): 2ـ الطمأنینة والخوف من الله

إنّ الاضطراب والقلق من أکبر المصاعب فی حیاة الناس، والنتائج الحاصلة منهما فی حیاة الفرد والمجتمع واضحة للعیان، والاطمئنان واحد من أهمّ إهتمامات البشر، وإذا حاولنا أن نجمع سعی وجهاد الإنسانیة على طول التاریخ فی بحثهم للحصول على الاطمئنان بالطرق الصحیحة وغیر الصحیحة، فسوف تتکوّن لدینا کتب کثیرة ومختلفة تعرض تلک الجهود.

یقول بعض العلماء: عند ظهور بعض الأمراض المُعدیة ـ کالطاعون ـ فإنّ من بین عشرة أفراد یموتون بسبب المرض ـ ظاهراً ـ أکثرهم یموت بسبب القلق والخوف، وعدّة قلیلة منهم تموت بسبب المرض حقیقة، وبشکل عام «الإطمئنان» و«الإضطراب» لهما دور مهمّ فی سلامة ومرض الفرد والمجتمع وسعادة وشقاء الإنسانیة، وهذه مسألة لا یمکن التغافل عنها، ولهذا السبب اُلّفت کتب کثیرة فی موضوع القلق وطرق التخلّص منه، وکیفیّة الحصول على الراحة، والتاریخ الإنسانی ملیء بالمواقف المؤسفة لتحصیل الراحة، وکیف أنّ الإنسان یتشبّث بکلّ وسیلة غیر مشروعة کأنواع الإعتیاد على المواد المخدّرة لنیل الإطمئنان النفسی.

ولکن القرآن الکریم یبیّن أقصر الطرق من خلال جملة قصیرة ولکنّها کبیرة المعنى حیث یقول: (ألا بذکر الله تطمئنّ القلوب)!

ولتوضیح هذا المعنى ومعرفة عوامل القلق والإضطراب لابدّ من ملاحظة ما یلی:

أوّلا: یحدث الإضطراب مرّةً بسبب ما یجول فی فکر الإنسان عن المستقبل المظلم، فیحتمل زوال النعمة، أو الأسر على ید الأعداء، أو الضعف والمرض، فکلّ هذه تؤلم الإنسان، لکن الإیمان بالله القادر المتعال الرحمن الرحیم، الله الذی تکفّل برحمة عباده هذا الإیمان یستطیع أن یمحو آثار القلق والإضطراب ویمنحه الإطمئنان فی مقابل هذه الأحداث ویؤکّد له أنّک لست وحیداً، بل لک ربّ قادر رحیم.

ثانیاً: ومرّةً یشغل فکر الإنسان ماضیه الأسود فیمسی قلقاً بسبب الذنوب التی إرتکبها وبسبب التقصیر والزلاّت، ولکن بالنظر إلى أنّ الله غفّار الذنوب وقابل التوبة وغفور رحیم، فإنّ هذه الصفات تمنح الإنسان الثقة وتجعله أکثر اطمئناناً وتقول له: إعتذر إلى الله من سوالف أعمالک السیّئة واتّجه إلیه بالنیّة الصادقة.

ثالثاً: ضعف الإنسان فی مقابل العوامل الطبیعیّة، أو مقابل کثرة الأعداء یؤکّد فی نفسه حالة القلق وأنّه کیف یمکن مواجهة هؤلاء القوم فی ساحة الجهاد أو فی المیادین الاُخرى؟

ولکنّه إذا تذکّر الله، وإستند إلى قدرته ورحمته... هذه القدرة المطلقة التی لا یمکن أن تقف أمامها أیّة قدرة اُخرى، سوف یطمئنّ قلبه، ویقول فی نفسه: نعم إنّنی لست وحیداً، بل فی ظلّ القدرة الإلهیّة المطلقة!

فالمواقف البطولیة للمجاهدین فی ساحات القتال، فی الماضی أو الحاضر، وشجاعتهم النادرة حتى فی المنازلة الفردیة لهم، کلّها تبیّن حالة الإطمئنان التی تنشأ فی ظلّ الإیمان.

نحن نشاهد أو نسمع أنّ أحد الضبّاط المؤمنین فقد بصره مثلا أو أصابته جراحات کثیرة بعد قتال شدید مع أعداء الإسلام ولکن عندما یتحدّث کأنّه لم یکن به شیء، وهذه نتیجة الإستقرار والطمأنینة فی ظلّ الإیمان بالله.

رابعاً: ومن جانب آخر یمکن أن یکون أصل المشقّة هی التی تؤذی الإنسان، کالإحساس بتفاهة الحیاة أو اللاهدفیة فی الحیاة، ولکن المؤمن بالله الذی یعتقد أنّ الهدف من الحیاة هو السیر نحو التکامل المعنوی والمادّی، ویرى أنّ کلّ الحوادث تصبّ فی هذا الإطار، سوف لا یحسّ باللاهدفیّة ولا یضطرب فی المسیرة.

خامساً: ومن العوامل الاُخرى أنّ الإنسان مرّةً یتحمّل کثیراً من المتاعب للوصول إلى الهدف، ولکن لا یرى من یُقیّم أعماله ویشکر له هذا السعی، وهذه العملیة تؤلمه کثیراً فیعیش حالة من الإضطراب والقلق، وأمّا إذا علم أنّ هناک من یعلم بهذا السعی ویشکره علیه ویثیبه، فلیس للاضطراب والقلق هنا محل من الإعراب.

سادساً: سوء الظنّ عامل آخر من عوامل الاضطراب والذی یصب کثیراً من الناس فی حیاتهم ویبعث فیهم الألم والهمّ، ولکنّ الإیمان بالله ولُطفه المطلق وحُسن الظنّ به التی هی من وظائف الفرد المؤمن سوف تزیل عنه حالة العذاب والقلق وتحلّ محلّها حالة الإطمئنان والإستقرار.

سابعاً: الهوى وحبّ الدنیا من أهمّ عوامل القلق والاضطراب، وقد تصل الحالة فی عدم الحصول على لون خاص فی الملبس، أو أی شیء آخر من مظاهر الحیاة البرّاقة أن یعیش الإنسان حالة من القلق قد تستمر أیّاماً وشهوراً.

ولکن الإیمان بالله وإلتزام المؤمن بالزهد والإقتصاد وعدم الإستئسار فی مخالب الحیاة المادیة ومظاهرها البرّاقة ینهی حالة الاضطراب هذه، وکما قال الإمام علی (علیه السلام): «دُنیاکم هذه أهون عندی من ورقة فی فمّ جرادة تقضمها» (1) فمن کانت له مثل هذه الرؤیة کیف یمکن أن تحدث عنده حالة الخوف والقلق نتیجة لعدم الحصول على شیء من وسائل الحیاة المادیّة أو فقدانها؟!

ثامناً: من العوامل المهمّة الاُخرى الخوف من الموت، وبما أنّ الموت لا یحصل فقط فی السنّ المتأخّرة، بل فی کافّة السنین وخصوصاً أثناء المرض والحروب، والعوامل الاُخرى فالقلق یستوعب کافّة الأفراد، ولکن إذا إعتقدنا أنّ الموت یعنی الفناء ونهایة کلّ شیء (کما یعتقده المادّیون) فإنّ الاضطراب والقلق فی محلّه، ولابدّ أن یخاف الإنسان من هذا الموت الذی یُنهی کلّ الآمال والأمانی والطموحات. ولکن الإیمان بالله یمنحنا الثقة بأنّ الموت هو باب لحیاة أوسع وأفضل من هذه الحیاة، وبرزخ یمرّ منه الإنسان إلى دار فضاؤها رحب، فلا معنى للقلق حینئذ، بل إنّ مثل هذا الموت إذا ما کان فی سبیل الله یکون محبوباً ومطلوباً.

إنّ عوامل الاضطراب لا تنحصر بهذه العوامل، فهناک عوامل کثیرة اُخرى، ولکن کلّ مصادرها تعود إلى ما ذکرناه أعلاه.

وعندما رأینا أنّ کلّ هذه العوامل تذوب وتضمحلّ فی مقابل الإیمان بالله سوف نصدّق أنّه (ألا بذکر الله تطمئنّ القلوب) (2) .


1. نهج البلاغة، الخطبة 224.
2. للإستفادة أکثر راجع کتاب (طرق التغلّب على الإضطراب والقلق).
(ألا بذکر الله تطمئنّ القلوب): 2ـ الطمأنینة والخوف من الله
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma