ممّا لا شکّ فیه أنّ الحسنات والسیئات لها أثر متقابل فی النفس ونحن نرى فی حیاتنا الیومیّة کثیراً من النماذج بخصوص هذا الموضوع، فمرّةً یتحمّل الإنسان مشاق سنین کثیرة ویسعى للحصول على الثروة، ولکن یفقدها بعمل بسیط ناتج عن اللامبالاة، أو لیس هذا إحباطاً للحسنات المادیة؟! ومرّةً اُخرى على العکس حیث یرتکب الإنسان کثیراً من الأخطاء فی حیاته ویتحمّل الخسارة الکبیرة، ولکن یسترجعها من خلال عمل شجاع ومحسوب.
والآیة (ویدرئون بالحسنة السیّئة) إشارة إلى هذا الموضوع، لأنّ الإنسان غیر معصوم، وهو معرّض للخطأ والمعصیة، فعلیه أن یفکّر بإصلاح ما فسد، فأعمال الخیر لا تمحو الآثار الاجتماعیة للذنوب، بل کذلک تمحو من قلبه الظلمة وتعیده إلى النّور والصفاء الفطری. وهذه الحالة تسمّى فی القرآن الکریم بـ«التکفیر» (کما تقدّم فی ذیل الآیة 217 من تفسیر سورة البقرة إشارات کثیرة فی هذا المجال).
ولکن کما قلنا ـ فی تفسیر الآیة أعلاه ـ یمکن أن تکون إشارة إلى الفضیلة الأخلاقیة لاُولی الألباب، وذلک أنّهم لا یواجهون السیّئة بالسیّئة، بل العکس یقابلون الإنتقام بالإحسان والسیّئة بالحسنة.