برکات الرعد والبرق:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
قسمٌ آخر من دلائل عظمة الله: 1ـ ما هو المقصود من سجود الکائنات؟

نحن نعلم أنّ ظاهرة البرق فی المفهوم العلمی هی إقتراب سحابتین إحداهما من الاُخرى، وهما تحملان شحنات سالبة وموجبة، فیتمّ تفریغ الشحنات بین السحابتین فتحدث شرارة عظیمة، ویحدث مثل ذلک عند إقتراب سلکین أحدهما سالب والآخر موجب، وإذا کنّا قریبین منهما فإنّنا نسمع صوتاً خفیفاً، ولکن لإحتواء الغیوم على شحنات هائلة من الألکترونات فانّهما تحدثان صوتاً شدیداً یسمّى الرعد.

وإذا ما إقتربت سحابة تحمل الشحنة الموجبة من الأرض التی تحتوی على شحنات سالبة فستحدث شرارة تسمّى بالصاعقة، وخطورتها تکمن فی أنّ الأرض والمناطق المرتفعة تعتبر رأس السلک السالب، حتى الإنسان فی الصحراء یمکن أن یمثّل هذا السلک فیحدث تفریغ للشحنات یحوّل الإنسان إلى رماد فی لحظة واحدة، ولهذا السبب فعند وقوع البرق والرعد فی الصحراء ینبغی أن یلجأ الإنسان إلى شجرة أو حائط أو جبل أو إلى أی مرتفع آخر، أو أن یستلقی فی أرض منخفضة.

وعلى أیّة حال فإنّ للبرق ـ الذی یسمّى فی بعض الأحیان مزاح الطبیعة ـ فوائد جمّة عُرِفت من خلال ما کشفه العلم الحدیث. ونشیر هنا إلى ثلاثة منها:

السقی: من الطبیعی أنّ البرق تتولّد منه حرارة عالیة جدّاً قد تصل بعض الأحیان إلى 15 ألف درجة مئویة، وهذه الحرارة کافیة لأن تحرق الهواء المحیط بها، وفی النتیجة یقلّ الضغط الجوی، فیسبّب سقوط الأمطار، ولهذا السبب نرى هطول الأمطار الغزیرة بعد حدوث البرق.

وهذه فی الواقع واحدة من وظائف البرق (السقی).

التعقیم: ونتیجةً للحرارة العالیة التی یسبّبها البرق فسوف یزداد مقدار الأوکسجین فی قطرات الماء، ویسمّى هذا الماء بالماء الثقیل أو الماء المؤکسد (H2O2) ومن آثاره قتل المکروبات، ولهذا السبب یستعمل لغسل الجروح، فعند نزول هذه القطرات إلى الأرض سوف تُبید بیوض الحشرات والآفات الزراعیة، ولهذا السبب یقال أنّ السنة الکثیرة الآفات الزراعیة هی السنة القلیلة البرق والرعد.

التغذیة والتسمید: تتفاعل قطرات الماء مع الحرارة العالیة للبرق لتنتج حامض الکاربون، وعند نزولها إلى الأرض وترکیبها مع محتویاتها تضع نوعاً من السّماد النباتی، فتتمّ تغذیة النبات من هذا الطریق.

یقول بعض العلماء: إنّ مقدار ما ینتجه البرق من الأسمدة فی السنة یصل إلى عشرات الملایین من الأطنان، وهذه کمیّة کبیرة جدّاً.

وعلى أیّة حال نرى من خلال ظاهرة طبیعیّة صغیرة کلّ هذه المنافع والبرکات، فهی تقوم بالسقی ورشّ السموم والتغذیة، فیمکن أن تکون دلیلا واضحاً لمعرفة الله، کلّ ذلک من برکات البرق. کما أنّه یمکن أن یکون البرق عاملا مهمّاً فی إشعال الحرائق من خلال الصاعقة، وقد تحرق الإنسان أو الأشجار، ومع أنّها نادرة الحدوث ویمکن الوقایة منها، فهی مع ذلک عامل خوف للناس، فمفهوم الخوف والطمع للبرق قد یکون إشارة إلى جمیع هذه الاُمور.

ویمکن أن تکون الجملة (وینشىء السحاب الثقال) لها علاقة بالبرق الذی یصنع هذه الغیوم الملیئة بالمیاه.

الآیة الاُخرى تشیر إلى صوت الرعد الذی یتزامن مع البرق (ویسبّح الرعد بحمده) (1) .

نعم، فهذا الصوت المدوّی فی عالم الطبیعة یُضرب به المثل، فهو مع البرق فی خدمة هدف واحد ولهما منافع متعدّدة کما أشرنا إلیها، ویقومان بعملیة التسبیح، وبعبارة اُخرى فالرعد لسان حال البرق یحکی عن عظمة الخالق وعن نظام التکوین. فهو کتاب معنوی، وقصیدة غرّاء، ولوحة جمیلة وجذّابة، نظام محکم ومنظّم ومحسوب بدقّة، وبلسان حاله یتحدّث عن علم ومهارة وذوق الکاتب والرسام والمعمار ویحمده ویثنی علیه، کلّ ذرّات هذا العالم لها أسرار ونظام دقیق. وتحکی عن تنزیه الله وخلوّه من النقص والعیوب (وهل التسبیح غیر ذلک؟!).

وتتحدّث عن قدرته وحکمته (وهل الحمد غیر بیان صفات الکمال؟!).

وقد احتمل بعض الفلاسفة أنّ لکلّ ذرّات هذا العالم نوعاً من العقل والشعور، فهی من خلال هذا العقل تسبّح الله وتقدّسه، لیس بلسان الحال فقط، بل بلسان المقال أیضاً.

ولیس الرعد وسائر أجزاء العالم تسبّح بحمده تعالى، بل حتى الملائکة (والملائکة من خیفته) (2) فهم یخافون من تقصیرهم فی تنفیذ الأوامر الملقاة على عاتقهم، وبالتالی فهم یخشون العقاب الإلهی، ونحن نعلم أنّ الخوف یُصیب اُولئک الذین یحسّون بمسؤولیاتهم ووظائفهم... خوف بنّاء یحثّ الشخص على السعی والحرکة.

وللتوضیح أکثر فی مجال البرق والرعد تشیر الآیة إلى الصاعقة (ویرسل الصّواعق فیصیب بها من یشاء) ومع کلّ ذلک ـ وبمشاهدة آیات العظمة الإلهیّة فی عالم التکوین من السّماء والأرض والنباتات والأشجار والبرق والرعد وأمثالها، وفی قدرة الإنسان الحقیرة تجاه هذه الحوادث، حتى فی مقابل واحدة منها مثل شرارة البرق ـ نرى أنّ هناک جماعة جاهلة تجادل فی الله (وهم یجادلون فی الله وهو شدید المحال).

«المحال» فی الأصل «الحیلة» بمعنى التدبیر السرّی وغیر الظاهر، فالذی له القدرة على هذا التدبیر یمتلک العلم والحکمة العالیة، ولهذا السبب یستطیع أن ینتصر على أعدائه ولا یمکن الفرار من حکومته.

وذکر المفسّرون وجوهاً عدیدة فی تفسیر (شدید المحال) فتارةً بمعنى «شدید القوّة»، أو «شدید العذاب»، أو «شدید القدرة» أو «شدید الأخذ» (3) .

الآیة الأخیرة تشیر إلى مطلبین:

الأوّل: قوله تعالى: (له دعوة الحقّ) فهو یستجیب لدعواتنا، وهو عالم بدعاء العباد وقادرٌ على قضاء حوائجهم، ولهذا السبب یکون دعاؤنا إیّاه وطلبنا منه حقّاً، ولیس باطلا.

ولکن دعاء الأصنام باطل (والذین یدعون من دونه لا یستجیبون لهم بشیء) نعم هکذا فی دعوة الباطل لیست أکثر من وهم، لأنّ ما یقولونه من علم وقدرة الأصنام ما هو إلاّ أوهام وخیال، أو لیس الحقّ هو عین الواقع وأصل الخیر والبرکة؟ والباطل هو الوهم وأصل الشرّ والفساد؟ ولتصویر هذا الموضوع یضرب لنا القرآن الکریم مثالا حیّاً ورائعاً یقول: (إلاّ کباسط کفّیه إلى الماء لیبلغ فاه وما هو ببالغه). فهل یستطیع أحد أن یجلس على بئر ویطلب الماء بإشارة ید لیبلغ الماء فاه؟ هذا العمل لا یصدر إلاّ من إنسان مجنون!

وتحتمل الآیة تفسیراً آخر، فهی تُشبّه المشرکین کمن بسط کفّه فی الماء لیتجمع فوقها الماء، وعند خروجها من الماء لم یجد فیها شیئاً منه لأنّ الماء یتسرّب من بین أصابع الکفّ المفتوحة.

وهناک تفسیر ثالث وهو أنّ المشرکین ـ لحلّ مشاکلهم ـ کانوا یلجأون إلى الأصنام، فمثلهم مثل الذی یحتفظ بالماء فی یده، هل یُحفظ الماء فی ید؟! وهناک مثل معروف بین العرب لمن یسعى بدون فائدة یقال له: هو کقابض الماء بالید، ویقول الشاعر:

فأصبحت فیما کان بینی وبینها *** من الودّ مثل القابض الماء بالید (4)

ولکنّنا نعتقد أنّ التّفسیر الأوّل أوضح!

وللتأکید على هذا الحدیث یأتی فی نهایة الآیة قوله تعالى: (وما دعاء الکافرین إلاّ فی ضلال) وأیّ ضلال أکبر من أن یسعى الإنسان ویجتهد فی السبیل الضالّ... ولکنّه لا یصل إلى مقاصده، ولا یحصل على شیء نتیجة تَعبه وجهده.

الآیة الأخیرة من هذه المجموعة، ولکی تُبرهن کیف أنّ المشرکین ضلّوا الطریق تقول: (ولله یسجد من فی السّماوات والأرض طوعاً وکرهاً وظلالهم بالغدو والآصال).


1. للتوضیح أکثر فی معنیی التسبیح والتقدیس للکائنات سیأتی فی ذیل الآیة (وإن من شیء إلاّ یسبّح بحمده ولکن لا تفقهون تسبیحهم) الإسراء، 44.
2. یقول الشیخ الطوسی (رحمه الله) فی تفسیره التبیان، ج 6، ص 230، «الخیفة» بیان لحالة الشخص أمّا «الخوف» فمصدر.
3. فسّر البعض «المحال» من «المحلّ، الماحل» بمعنى المکر والجدال والتصمیم على العقوبة، ولکن ما أشرنا إلیه أعلاه هو الصحیح، والتّفسیران قریبا المعنى.
4. تفسیر القرطبی، ج 5، ص 3529.
قسمٌ آخر من دلائل عظمة الله: 1ـ ما هو المقصود من سجود الکائنات؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma