قرأنا فی الآیات المتقدّمة أنّ الله یعفو ویغفر للذین ظلموا، وهذا الغفران غیر لازم لمن یصرّ على ظلمه، ولکنّه من باب إعطاء الفرصة لهم لأن یصلحوا أنفسهم، وإلاّ فهو تعالى شدید العقاب.
ویمکن أن نستفید من هذه الآیة أنّ الذنوب الکبیرة ـ ومن جملتها الظلم ـ قابلة للغفران (ولکن بتحقّق شروطها)، وهو ردّ على قول المعتزلة بأنّ الذنوب الکبیرة لا یغفرها الله أبداً.
وعلى أیّة حال فـ«المغفرة الواسعة» و«العقاب الشدید» فی الواقع تجعل کل المعترفین بوجود الله بین «الخوف» و«الرجاء» الذی یعتبر من العوامل المهمّة لتربیة الإنسان، فلا ییأس من رحمة الله لکثرة الذنوب، ولا یأمن من العذاب لقلّتها.
ولهذا جاء فی الحدیث عن الرّسول الأعظم (صلى الله علیه وآله) «لولا عفو الله وتجاوزه ما هنىء أحد العیش، ولولا وعید الله وعقابه لإتّکل کلّ واحد» (1) .
ومن هنا یتّضح أنّ الذین یقولون ـ أثناء إرتکابهم المعاصی ـ إنّ الله کریم، یکذبون فی إتّکالهم على کرم الله، فهم فی الواقع یستهزؤون بعقاب الله.