آیات الله فی السّماء والأرض وعالم النّبات:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة الرعد / الآیة 1 ـ 4 1ـ ما هی وجه العلاقة بین التوحید والمعاد؟

مرّةً اُخرى نواجه الحروف المقطّعة فی بدایة هذه السورة، والتی وردت فی 29 سورة اُخرى، ولکن الحروف المقطّعة المذکورة هنا تتکوّن من (الم) التی وردت فی بدایة عدّة سور، و(الر) والتی وردت فی بدایة سور اُخرى، وفی الواقع إنّ هذه السورة تنفرد عن غیرها من السور ب(المر).

ومن المعتقد فی تفسیر الحروف المقطّعة أنّ لها إرتباطاً مباشراً بمعانی نفس السورة، فمن المحتمل أنّ هذا الترکیب فی بدایة سورة الرعد یشیر إلى جمعها لمحتوى مجموعتین من السور التی تبتدىء بـ (الم) و(الر).

وإذا ما أمعنا النظر فی محتوى هذه السور نجدها مطابقة لما قلناه، وبخصوص تفسیر الحروف المقطّعة کانت لنا شروح مفصّلة عنها فی بدایة سورة البقرة وآل عمران والأعراف فلا ضرورة فی التکرار.

وعلى أیّة حال فالآیة الاُولى من هذه السورة تتحدّث عن عظمة القرآن (تلک آیات الکتاب والّذی اُنزل إلیک من ربّک الحقّ) (1) .

ولا یوجد أی شک أو تردید فی هذه الآیات، لأنّها تبیّن عین الحقیقة للکون ونظامه المرتبط بالإنسان، فهو حقّ لا یشوبه باطل، ولهذا السبب فإنّ علائم الحقّ واضحة فیه لا تحتاج إلى براهین (ولکنّ أکثر النّاس لا یؤمنون).

لأنّ الناس إذا ما تُرکوا وشأنهم ولم یتّبعوا معلماً صادقاً یهدیهم ویربیهم فی حیاتهم وکانوا أحراراً فی إتباع أهوائهم فانّهم سوف یتیهون فی الطریق ویضلّون عن الحقّ.

وأمّا إذا کان الرسل وهداة الحقّ همُ الأئمّة والقادة حیث یضع الفرد نفسه فی تصرّفهم، فإنّ الأکثریة تسیر فی طریق الحقّ.

ثمّ تتطرّق السورة إلى شرح القسم المهمّ من أدلّة التوحید وآیات الله فی الکون، وتتجوّل بالإنسان فی عرض السّماوات وتریه الکواکب العظیمة وأسرار هذا النظام وحرکته، حتى یؤمن بالقدرة المطلقة والحکمة اللامتناهیة (الله الّذی رفع السّماوات بغیر عمد ترونه) (2) .

الجملة (بغیر عمد ترونه) لها تفسیران:

فکما ترون أنّ السّماء مرفوعة بدون عمد (أی إنّها فی الأصل بلا عمد کما ترونها فعلا).

والثانیة إن (ترونها) صفة للعمد فیکون المعنى: إنّ السّماء مرفوعة بعمد ولکن لا ترونها لأنّها غیر مرئیة!

وهذا هو الذی یراه الإمام علی بن موسى الرض (علیه السلام)، ففی حدیث رواه الحسین بن خالد قال: سألت الإمام أبا الحسن الرض (علیه السلام): ما المقصود فی قوله تعالى: (والسّماء ذات الحبک) (3) قال: هذه السّماء لها طرق إلى الأرض، فقلت له: کیف تکون لها طرق إلى الأرض فی الوقت الذی یقول سبحانه وتعالى: (رفع السّماوات بغیر عمد) فأجابه الإمام: «سبحان الله، ألیس الله یقول بغیر عمد ترونها؟ قلت بلى، فقال: ثمّ عمد ولکن لا ترونها» (4) .

إنّ هذه الآیة بالرغم من وجود هذا الحدیث الذی یفسّرها، فإنّها تکشف عن حقیقة علمیة لم تکن معروفة عند نزول الآیات الکریمة، لأنّه فی ذاک الوقت کانت نظریة «بطلیموس» فی الهیئة تتحکّم بکلّ قواها فی المحافل العلمیة فی العالم وعلى أفکار الناس، وطبقاً لهذه النظریة فإنّ السّماوات عبارة عن أجرام متداخلة تشبه قشور البصل، وإنّها لم تکن معلّقة وبدون عمد، بل کلّ واحدة منها تستند إلى الاُخرى.

ولکن بعد نزول هذه الآیات بألف سنة تقریباً توصل علم الإنسان إلى أنّ هذه الفکرة غیر صحیحة، فالحقیقة أنّ الأجرام السّماویة لها مقرّ ومدار ثابت، ولا تستند إلى شیء، فالشیء الوحید الذی یجعلها مستقرّة وثابتة فی مکانها هو تعادل قوّة التجاذب والتنافر، فالاُولى تربط الأجرام فیما بینها، والاُخرى لها علاقة بحرکتها.

هذا التعادل للقوّتین الذی یشکّل أعمدة غیر مرئیّة یحفظ الأجرام السّماویة ویجعلها مستقرّة فی مکانها.

وفی الحدیث عن الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) بخصوص هذا الموضوع قال: «هذه النّجوم التی فی السّماء مدائن مثل المدائن التی فی الأرض مربوطة کلّ مدینة إلى عمود من نور» (5) .

وهل نجد أوضح من هذا الوصف «عمود غیر مرئی» أو «عمود من نور» فی أدب ذلک العصر لبیان أمواج الجاذبیة وتعادل قوّتی الجذب والدفع. وللإطلاع أکثر راجع کتاب ]القرآن وآخر الرسل[ صفحة 166 وما بعدها.

(ثمّ إستوى على العرش) فی خصوص معنى العرش والإستواء علیه هناک شرح واف عنه فی ذیل الآیة 54 من سورة الأعراف.

وبعد أن بیّن خلق السّماوات وهیمنة الخالق علیها، تحدّث عن تسخیر الشمس والقمر (وسخّر الشّمس والقمر).

ما أعظم هذا التسخیر الذی یقع تحت إرادة ومشیئة الخالق، وفی خدمة الوجود الإنسانی والکائنات الحیّة حیث یشعّ نورهما وتضیئان العالم، وتحافظان على دفء الکائنات وتساعدانها على النمو، وتخلقان ظاهرة الجزر والمدّ فی البحار، وخلاصة القول إنّهما منشأ لجمیع البرکات، ولکن هذا النظام المادّی لیس أبدیّاً، بل (کلّ یجری لأجل مسمّىً).

ثمّ یضیف بعد ذلک: إنّ هذه الحرکات والتغیّرات فی الأحوال لیست بدون حساب وکتاب، وبدون فائدة ونتیجة، بل (یدبّر الأمر یفصّل الآیات لعلّکم بلقاء ربّکم توقنون).

وتعقیباً للآیات السابقة التی نقلت الإنسان إلى السّماء لتریه الآیات الإلهیّة هناک، تنقله الآیة الثانیة من آیات التوحید إلى کتاب الکون أی الأرض والجبال والأنهار وأنواع الثمار وشروق الشمس وغروبها، حتى یتفکّر فی محلّ إستقراره فی البدایة ماذا کان؟ وکیف أصبح الآن بهذه الصورة؟

قوله تعالى: (وهو الذی مدّ الأرض) وبسطها بالشکل الذی تتهیّأ فیه لحیاة الإنسان ونمو النباتات والحیوانات، وملأ الأودیة والمنحدرات الصعبة بالتراب من خلال تفتّت الصخور الجبلیّة، وجعل الأرض مسطّحة وقابلة للسکن، بعد أن کانت التضاریس مانعة من سکن الإنسان علیها.

وقد یحتمل فی تفسیر هذه الجملة (مدّ الأرض) الإشارة إلى ما یقوله علماء الطبیعة من أنّ الأرض کانت مغطاة بالماء، ثمّ إستقرّت المیاه فی الودیان فظهرت الیابسة، وبمرور الوقت اتّسعت حتى أصبحت على ما نراه الیوم.

ثمّ یشیر القرآن الکریم إلى ظهور الجبال (وجعل فیها رواسی) فهی تلک الجبال التی عبّرت عنها فی آیات اُخرى بـ(الأوتاد) ولعلّ ذلک إشارة إلى أنّها متشابکة فیما بینها من الأسفل مثلها مثل الدرع الواقی وتغطّی سطح الأرض، فهی تبطل الضغوط الداخلیة فی الأسفل والضغط الخارجی المتمثّل بجاذبیة القمر والمدّ والجزر، وکذلک تقضی على الاضطرابات والزلازل، وتجعل الأرض مستقرّة وساکنة وصالحة لحیاة الإنسان.

إنّ ذکر القرآن الکریم الجبال بعد مدّ الأرض یُحتمل أن یکون المراد منه أنّ الأرض لیست منبسطة بشکل تامّ بحیث تنعدم فیها المرتفعات، ففی هذه الصورة لا تستقرّ فیها الأمطار والمیاه، أو تتحوّل إلى مستنقعات وتجری فیها السیول وتتعرّض للطوفانات الدائمة، فخلق الجبال لتأمن البشریة من هذین الأمرین.

ولیست الأرض کلّها جبالا وودیاناً فتکون غیر قابلة للسکن، بل تحتوی على مناطق منبسطة ومناطق جبلیة وودیان، وهذه أفضل صیغة لحیاة الإنسان والکائنات الحیّة، ثمّ تضیف الآیة بعد ذلک الأنهار (وأنهار).

رائع جدّاً نظام سقی الأرض بواسطة الجبال، وعلاقة الأنهار بالجبال، لأنّ کثیراً من الجبال تختزن المیاه بشکل ثلوج على قممها وفی شقوق الودیان، ثمّ تذوب تدریجیّاً، وطبقاً لقانون الجاذبیة تأخذ طریقها من المناطق المرتفعة إلى المناطق المنخفضة بدون أن تحتاج إلى قوّة اُخرى لمساعدتها، فهی تقوم بسقی کثیر من المناطق وبشکل طبیعی على مدار السنة.

فلو لم یکن للأرض إنحدار کاف ولم تختزن الجبال المیاه بهذا الشکل، لکان سقی کثیر من المناطق الیابسة صعباً، وفی حالة الإمکان کُنّا نحتاج إلى صرف مبالغ هائلة لإیصال الماء إلیها.

ثمّ یذکر القرآن بعد ذلک النباتات والأشجار التی تتکوّن من الأرض والمیاه وأشعّة الشمس، والتی هی أفضل وسیلة لإمرار الإنسان بالغذاء: (ومن کلّ الثمرات جعل فیها زوجین إثنین).

والآیة تشیر هنا إلى أنّ الفاکهة کائنات حیّة فیها الذکر والاُنثى، وبواسطة التلقیح تتکوّن الثمار.

فإذا کان العالم السویدی «لینه» المختص بعلم النبات هو الذی توصّل إلى هذه الحقیقة فی حوالی منتصف القرن الثامن عشر المیلادی وهی أنّ التزویج فی عالم النباتات یعتبر قانوناً عامّاً تقریباً کالحیوانات ولها نُطَف ذکریة واُنثویة وأنّ الثمرة تتکوّن من التلقیح، فالقرآن الکریم قبل ألف ومائة عام من ذلک کشف لنا عن هذه الحقیقة، وهذه واحدة من معاجز القرآن العلمیة التی تبیّن عظمة هذا الکتاب السّماوی الکبیر.

ولیس من شکّ أنّ ما قبل «لینه» کان کثیر من العلماء یعتقدون بوجود الذکور والإناث فی بعض الأشجار، حتى الناس العادیین کانوا یعلمون بذلک، ولکن لم یکن یعلم أی واحد أنّ هذا القانون عام، حتى کشفه «لینه» ومن قبله القرآن الکریم.

وبما أنّ حیاة الإنسان وکلّ الکائنات ـ وخصوصاً النباتات ـ لا یمکن لها الإستمرار إلاّ بوجود نظام دقیق للّیل والنهار، فإنّ القرآن یشیر إلى ذلک فی القسم الآخر من الآیة (یغشی اللیل النهار).

ولولا ظلمة اللیل وهدوؤه، لأحرقت الشمس بنورها المستمر کلّ النباتات، ولم تبق فاکهةً ولا أی کائن حی على وجه الأرض، فسطح القمر لیس له نهار دائم ومع هذا نجد أنّ حتى هذا المقدار من نهاره الذی یعادل خمسة عشر یوماً من أیّام الأرض، نرى أنّ الدرجة فیها مرتفعة جدّاً بحیث لو وضعنا هناک ماءاً أو أی سائل آخر فسوف یغلی ویتبخّر، ولا یمکن لأی موجود حیّ فی الأرض أن یتحمّل هذه الحرارة.

وتبیّن الآیة فی النهایة (إنّ فی ذلک لآیات لقوم یتفکّرون) اُولئک الذین یتفکّرون فی هذا النظام الرائع، فی نظام النّور والظلام، وحرکة الأجرام السّماویة، وتسخیر الشمس والقمر وجعلها فی خدمة الإنسان، وفی نظام مدّ الأرض وأسرار خلق الجبال والأنهار والنباتات، نعم! فهم یرون بوضوح فی هذه الآیات الحکمة المطلقة والقدرة اللامتناهیة للخالق العلاّم.

وفی الآیة الأخیرة من هذه المجموعة یشیر القرآن الکریم إلى عدّة نقاط حول علم الأرض وعلم النبات، والتی تعبّر عن النظام الدقیق للخلقة، یقول أوّلا (وفی الأرض قطع متجاورات) (6) فبالرغم من أنّ هذه القطع متصلة مع بعضها البعض، فإنّ لکلّ واحد منها بناءه وترکیبه الخاص به، فبعضها قوی والآخر ضعیف، وبعضها مالح والآخر حلو، وکلّ قطعة لها الإستعداد فی تربیة نوع خاص من النباتات وأشجار الفاکهة والزراعة، لأنّ احتیاجات الإنسان والحیوان کثیرة ومتفاوتة، وقد تکون لکلّ قطعة من الأرض المسؤولیة فی تلبیة إحدى هذه الحاجات، وأمّا إذا کانت فی مستوىً واحد، أو لم تکن إستعداداتها مقسّمة بالشکل المطلوب، لکان الإنسان یمرّ بأزمة ونقص فی مواده الغذائیة والطبیة وسائر الاحتیاجات الاُخرى، ولکن هذا التقسیم المناسب للمسؤولیة وتوزیعها على القطعات المختلفة للأرض سوف یسدّ الاحتیاجات اللازمة للإنسان.

قوله تعالى: (وجنّات من أعناب وزرع ونخیل (7) صنوان وغیر صنوان) (8) .

«صنوان» جمع «صنو» بمعنى الغصن الخارج من أصل الشجرة، وعلیه فالکلمة تعنی الأغصان المختلفة الخارجة من أصل الشجرة.

والملفت للنظر أنّه یمکن أن یکون لکلّ واحد من هذه الأغصان نوع خاصّ من الثمر، وهذه قد تشیر إلى قابلیة الأشجار للترکیب. ففی بعض الأحیان یتمّ ترکیب عدّة أغصان مختلفة على ساق واحدة، وبعد نمو هذه التراکیب تعطی کلّ واحدة منها نوعاً خاصاً من الثمر، فالتربة واحدة والساق والجذر واحد ولکن الثمر مختلف.

والأعجب من ذلک أنّها تسقى بماء واحد (یسقى بماء واحد ونفضّل بعضها على بعض فی الأکل).

وقد نرى کثیراً أنّه فی الشجرة الواحدة أو فی غصن واحد توجد ثمار من نفس الصنف ولکن لها أطعمة وألوان مختلفة، وفی العالم نشاهد أوراداً کثیرة، وقد یحمل الغصن الواحد أوراداً مختلفة الألوان.

أی مختبر للأسرار هذا الذی یعمل فی أغصان الأشجار، والذی ینتج من مواد قلیلة متحدة، ترکیبات مختلفة تؤمّن إحتیاجات الإنسان.

ألیست هذه الأسرار تدلّ على وجود من یقود هذا النظام بالعلم والحکمة؟! وهنا فی آخر الآیة یقول تعالى: (إنّ فی ذلک لآیات لقوم یعقلون).


1. استخدام تلک للبعید ـ وکما قلنا سابقاً ـ کنایة عن عظمة القرآن وإعجازه.
2. «عَمد» على وزن «صَمد» و«عُمد» على وزن «زُحل» والإثنان جمع عمود، فالأوّل جمع، والثّانی اسم الجمع (تفسیر مجمع البیان ذیل الآیة مورد البحث).
3. الذّاریات، 7.
4. الحدیث فی تفسیر البرهان، عن علی بن إبراهیم عن العیاشی (تفسیر البرهان، ج 2، ص 278).
5. سفینة البحار، ج 2، ص 574 نقلا من تفسیر علی بن إبراهیم القمّی.
6. «متجاور» بمعنى «الجار» وما یکون قریباً، فقوله: (قطع متجاورات) یقصد منه أنّ هذه القطع مختلفة ولیست متساویة، وإلاّ لم یکن للجملة معنى.
7. «أعناب» جمع «عنب» و«النخیل» جمع «نخلة»، ویحتمل أنّهما ذکرتا بصیغة الجمع للدلالة على الأنواع المختلفة للعنب والتمر والتی قد تصل إلى مئات الأنواع فی العالم.
8. وقد ذکروا معنىً آخر «لصنو»، وهو الشبیه، ولکن یحتمل أنّ هذا المعنى مأخوذ من نفس المعنى الذی ذکرناه آنفاً.
سورة الرعد / الآیة 1 ـ 4 1ـ ما هی وجه العلاقة بین التوحید والمعاد؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma