الأدعیاء مشرکون غالباً!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة یوسف / الآیة 102 ـ 107 سورة یوسف / الآیة 108 ـ 111

بعد ما انتهت قصّة یوسف (علیه السلام) بکلّ دروسها التربویة ونتائجها الغزیرة والقیّمة والخالیة من جزاف القول والخرافات التاریخیة... إنتقل الکلام إلى النّبی (صلى الله علیه وآله) حیث یقول القرآن الکریم: (ذلک من أنباء الغیب نوحیه إلیک وما کنت لدیهم إذ أجمعوا أمرهم وهم یمکرون).

إنّ هذه المعلومات الدقیقة لا یعلمها إلاّ الله، أو واحدٌ من الذین کانوا حاضرین هناک، وبما أنّک لم تکن حاضراً لدیهم فالوحی الإلهی فقط هو الذی جاءک بهذه الأخبار.

ومن هنا یتّضح أنّ قصّة یوسف بما أنّها وردت فی التوراة فأهل الحجاز عندهم معلومات تقریبیّة عنها، ولکن کلّ هذه الحوادث لم تطرح بهذه الدقّة فی جزئیاتها أبداً، وحتى فی المحافل الخاصّة السابقة لم تکن تُعرف بدون إضافة وخرافة.

وعلى أی حال کان لزاماً على الناس أن یؤمنوا بعد مشاهدتهم لعلائم الوحی وسماعهم لهذه النصائح الإلهیّة، وأن یتراجعوا عن طریق الغیّ، ولکن یاأیّها النّبی: (وما أکثر الناس ولو حرصت بمؤمنین).

إنّ الوصف بـ (الحرص) هنا دلیل على شوق ولهفة النّبی (صلى الله علیه وآله) لأن یؤمن الناس، ولکن ما الفائدة، فإصراره وشوقه لم یکونا کافیین، فمن شرط الإیمان الإستعداد والقابلیة فی نفس الشخص.

إنّ أبناء یعقوب (علیه السلام) کانوا یعیشون فی بیت الوحی والنبوّة، ومع ذلک نرى کیف عصفت بهم الأهواء حتى کادوا أن یقتلوا أخاهم، فکیف نتوقّع من جمیع الناس أن یتغلّبوا على أهوائهم وشهواتهم مرّةً واحدة وبشکل جماعی ویؤمنوا بالله؟

وهذه الآیة بالإضافة إلى ما ذکرنا هی تسلیةً لقلب النّبی (صلى الله علیه وآله) حتى لا ییأس أبداً من إصرارهم على الکفر والذنوب ولا یستوحش الطریق لقلّة أصحابه، کما نقرأ فی آیات اُخرى من القرآن الکریم کسورة الکهف الآیة 6: (فلعلّک باخع نفسک على آثارهم إن لم یؤمنوا بهذا الحدیث أسف) وقوله تعالى: (وما تسألهم علیه من أجر) فهؤلاء فی الواقع لیس لهم أی عذر أو مبرّر لعدم قبول الدعوة بالإضافة إلى ما اتّضح من علامات الحقّ أنّک لم تسألهم أجراً حتى یکون مبرّراً لمخالفتک: (إن هو إلاّ ذکر للعالمین).

وهذه الدعوة عامّة للجمیع، ومائدة واسعة للعام والخاص وکلّ البشریة.

(وکأین من آیة فی السّماوات والأرض یمرّون علیها وهم عنها معرضون).

فهذه الدلائل یرونها بأعینهم کلّ یوم! تشرق الشمس عند الصباح لتنشر أشعتها الذهبیة على الجبال والودیان والصحاری والبحار، وتغرب عند المساء ویعمّ اللیل بستاره المظلم کلّ مکان.

إنّ أسرار هذا النظام العجیب وهذا الشروق والغروب وحیاة النباتات والحشرات والإنسان، وهدیر المیاه، وحرکة النسیم، وکلّ هذا الفن العجیب للوجود هو من الوضوح بحیث إن لم یتدبّر أحد فیه وفی خالقه سیکون کالخشبة المسنّدة.

کثیرة هی الدلائل التی نعتبرها صغیرة وغیر مهمّة، فنحن نمرّ علیها کلّ یوم ولا نعیر لها أهمیّة، وفجأةً یظهر عالم ذو بصیرة فیکتشف بعد دراسة أشهر وسنین أسرار هذه الدلائل ویُذِهَل العالم بها.

المهمّ أن نعلم أنّ کلّ ما فی العالم لیس زخرفاً وبدون فائدة، لأنّها من مخلوقات الله الذی لا نهایة لعلمه ولا حدّ لحکمته، وإنّما الساذج والزخرف فهم اُولئک الذین یعتقدون بأنّ وجود العالم عبث ولیس له غایة وفائدة، ولهذا فلا تعجب لعدم إیمانهم بالآیات المنزلة علیک، لأنّهم لم یؤمنوا بالآیات المحیطة بهم من کلّ مکان (وما یؤمن أکثرهم بالله إلاّ وهم مشرکون).

قد یتصوّر هؤلاء أنّهم من المؤمنین المخلصین ولکن غالباً ما توجد جذور الشرک فی أفکارهم وأقوالهم وضمائرهم.

لیس الإیمان هو الاعتقاد بوجود الله فقط، فالمؤمن المخلص هو الذی لا یعتقد بأیّ معبود سوى الله، فتکون أقواله وأعماله وکلّ أفعاله خاضعة له. ولا یعترف بغیر قانون الله، ولا یضع طوق العبودیّة فی رقبته لغیره، ویمتثل بقلبه وروحه لکلّ الأوامر الإلهیّة ولو کانت مخالفة لهواه، ویُقدّم دائماً الإله على الهوى، هذا هو الإیمان الخالص من الشرک فی العقیدة والقول والعمل، فلو حسبنا حساباً دقیقاً فی هذا المجال لوجدنا أنّ الموحّدین الصادقین والمخلصین قلیلون جدّاً.

ولهذا السبب نقرأ فی الرّوایات الإسلامیة ما جاء عن الإمام الصادق (علیه السلام): «الشرک أخفى من دبیب النحل» (1) .

أو نقرأ: «إنّ أخوف ما أخاف علیکم الشرک الأصغر، قالوا: وما الشرک الأصغر یارسول الله؟ قال: الریاء، یقول الله تعالى یوم القیامة إذا جاء الناس بأعمالهم: «اذهبوا إلى الذین کنتم تراؤون فی الدنیا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء» (2) .

ونُقل عن الإمام الباقر (علیه السلام) فی تفسیر الآیة أعلاه حیث یقول «شرک طاعة ولیس شرک عبادة، والمعاصی التی یرتکبون هی شرک طاعة أطاعوا فیها الشیطان فأشرکوا بالله فی الطاعة لغیره» (3) .

وفی بعض الرّوایات نقرأ أنّ المقصود من (شرک النعمة) بهذا المعنى أنّ الله یهب الإنسان شیئاً فیقول: إنّ فلاناً قد جاءنی به فلو لم یکن فلان لکنتُ من الهالکین! وکانت حیاتی هباءاً منثوراً، (4) فهنا قد اعتبر الشریک مع الله الشخص الذی جرت على یده نعمة الله!

الخلاصة: إنّ ما یُفهم من الشرک لیس الکفر وإنکار الإله وعبادة الأصنام فقط، کما جاء فی حدیث عن الإمام الرض (علیه السلام) «شرک لا یبلغُ به الکفر» (5) ولکن الشرک بمعناه الواسع یشمل جمیع هذه الاُمور.

وفی آخر آیة یحذّر القرآن الکریم اُولئک الذین لم یؤمنوا بعد ویمرّوا على الآیات الواضحة مرّ الکرام ویشرکون فی أعمالهم حیث یقول: (أفأمنوا أن تأتیهم غاشیة من عذاب الله أو تأتیهم الساعة بغتةً وهم لا یشعرون).

«الغاشیة»: الغطاء أو الستار، ویقال للثوب الکبیر الذی یغطّی سرج الجواد، ومعناه هنا البلاء والجزاء الذی یعمّ المفسدین (6) .

«والساعة»: القیامة، وقد وردت بهذا المعنى فی کثیر من الآیات.

ویحتمل أن تکون کنایة عن الوقائع العظیمة التی تحدث قبل یوم القیامة مثل الزلازل والعواصف والصواعق، أو إشارة إلى ساعة الموت، ولکن التّفسیر الأوّل أقرب إلى المعنى کما نرى.


1. سفینة البحار، ج 1، ص 697.
2. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 5، ص 53.
3. تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 475; تفسیر البرهان، ج 2، ص 274.
4. تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 475.
5. تفسیر نورالثقلین، ج 2، ص 475.
6. غاشیة مؤنثة لأنّها صفة «للعقوبة» التی هی مقدّرة.
سورة یوسف / الآیة 102 ـ 107 سورة یوسف / الآیة 108 ـ 111
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma