قد یتقلّب الإنسان فی طول عمره فی أشکال مختلفة متعدّدة، إلاّ أنّ من المسلّم به أنّ الصفحات الأخیرة من حیاته أهمّ من جمیع ما مضى علیه، لأنّ سجل عمره ینتهی بانتهائها ویتعلّق بها الحکم النهائی علیه، لذا فإنّ الرجال المؤمنین یطلبون من الله دائماً أن تکون هذه الصفحات من العمر مشرقة نیّرة، وأن یختم لهم بالخیر.
ونجد یوسف (علیه السلام) یطلب من الله ـ هنا ـ هذا الأمر نفسه فیقول: (توفّنی مسلماً وألحقنی بالصالحین).
ولیس معنى هذا الکلام طلب الموت من الله، کما تصوّره ابن عبّاس فقال: لم یطلب أحد من الأنبیاء الموت من الله إلاّ یوسف، فعندما توفّرت له أسباب حکومته تأجّج العشق (والتعلّق بالله) فی نفسه فتمنّى لقاء الله.
بل طلب یوسف إنّما کان الشرط والحالة فحسب، أی أنّه طلب أن یکون عند الوفاة مؤمناً مسلماً، وقد کان إبراهیم ویعقوب یوصیان أبناءهما بهذه الوصیّة أیضاً بقولهما لهم: (فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون). (1)
وقد إختار کثیر من المفسّرین هذا المعنى.