إنّ جملة (نزغ الشّیطان بینی وبین إخوتی) مع ملاحظة أنّ (نزغ) بمعنى الدخول فی أمرّ ما بقصد الفساد أو الإفساد تدلّ على أنّ لوساوس الشیطان فی مثل هذه الحوادث أثراً مهمّاً دائماً، إلاّ أنّنا نوّهنا من قبل بأنّ هذه الوساوس لوحدها لا تعمل شیئاً، فالمصمّم الأخیر هو الإنسان نفسه، بل هو الذی یفتح أبواب قلبه للشیطان ویسمح له بالدخول.
فبناءً على ذلک فلیس فی الآیة ـ محلّ البحث ـ أمر خلاف أصل حریّة الإرادة أساساً. غایة ما فی الأمر أنّ یوسف (علیه السلام) بما لدیه من حلم وسعة صدر لم یرغب أن یحرج إخوته ویزید فی خجلهم، فهم کانوا خجلین إلى درجة کافیة، ولهذا لم یشر إلى المصمّم النهائی وإنّما ذکر وساوس الشیطان التی تعدّ العامل الثانوی فحسب.