مرّ علینا فی الآیة الشریفة قوله تعالى: (إنّکم سارقون) وهذه فی الواقع تهمة موجّهة إلى الجمیع وهی تهمة کاذبة، فما المسوغ والمجوّز الشرعی لمثل هذا الإتّهام الباطل؟
یمکن الإجابة على هذا السؤال فی عدّة نقاط وهی:
أوّلا: إنّ قائل هذه الجملة غیر معلوم، حیث ورد فی القرآن إنّه (قالوا...) ولعلّ القائلین هم بعض الموظفین من عمّال یوسف والمسؤولین عن حمایة خزائن الحبوب، فهم حینما إفتقدوا صواع الملک، اطمأنّوا بأنّ السارق هو أحد أفراد القافلة القادمة من کنعان، فوجّهوا الخطاب إلیهم جمیعاً، وهذا من الاُمور الطبیعیّة، فحینما یقوم شخص مجهول فی ضمن مجموعة معیّنة بعمل ما، فإنّ الخطاب یوجّه إلیهم جمیعاً ویقال لهم: إنّکم فعلتم هذا العمل، والمقصود إنّ أحد هذا المجموعة أو بعضها قد فعل کذا.
ثانیاً: الطرف الذی وجّهت إلیه التّهمة وهو بنیامین، کان موافقاً على توجیه هذه التهمة له، لأنّ التهمة کانت مقدّمة للخطّة المرسومة والتی کانت تنتهی ببقائه عند أخیه یوسف، وأمّا شمول الإتّهام لجمیع الاُخوة ودخولهم جمیعاً فی دائرة الظنّ بالسرقة، فإنّ کلّ ذلک کان إتّهاماً مؤقتاً حیث زالت بمجرّد التفتیش والعثور على الصواع وظهر المذنب الواقعی.
قال بعض المفسّرین: إنّه قصد بالسرقة ـ فیما نسبوه إلى اُخوة یوسف ـ هو ما اقترفوه سابقاً من سرقة الاُخوة یوسف من أبیه، لکن هذا التوجیه یتمّ إذا کانت التهمة قد وجهت إلیهم من قبل یوسف، لأنّه کان عالماً بالذنب الذی إرتکبوه، ولعلّ ما ورد فی ذیل الآیة الشریفة یدلّ على ذلک، حیث قال العمّال إنّنا: (نفقد صواع الملک) ومثل هذا الخطاب لا یتضمّن توجیه السرقة إلیهم، (ولکن الجواب الأوّل أصح ظاهراً).
