1ـ کیف إستجاب یوسف لطلب طاغوت زمانه؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
یوسف أمیناً على خزائن مصر: 2ـ أهمیّة المسائل الإقتصادیة والإداریة

بالنسبة للآیات المتقدّمة فإنّ أوّل ما یجلب إلیها النظر هو أنّه کیف لبّى یوسف ـ هذا النّبی العظیم ـ طلب طاغوت زمانه وتعاون معه وتحمّل منصب الوزارة أو الإشراف على خزینة الدولة؟

جواب هذا السؤال ـ فی الحقیقة ـ یکمن فی نفس الآیات السابقة، فإنّه قد تحمّل هذه المسؤولیة بعنوان أنّه (حفیظ علیم) کی یحفظ بیت المال المتضمّن لأموال الشعب ویستثمره فی سبیل منافعهم، وبخاصّة حقوق الطبقة المحرومة والتی غالباً ما یستولی علیها المستکبرون.

إضافةً إلى هذا فإنّه عن طریق معرفته بتعبیر الرؤیا ـ کما ذکرنا ـ کان على علم بالأزمة الاقتصادیة الشدیدة التی سوف تعصف بالشعب المصری، بحیث لولا التخطیط الدقیق والإشراف المباشر علیها لماتت جماعات کثیرة من الشعب... فبناءً على هذا فإنّ إنقاذ حیاة الاُمّة والاحتفاظ بأرواح شعب بریء یقتضی أن یستفید یوسف من هذه الفرصة التی اُتیحت له ویستغلّها لأجل خدمة جمیع أفراد الشعب، وبخاصّة المحرومین منهم حیث إنّهم عادةً ما یکونون أوّل ضحایا الأزمة الاقتصادیة وأکثر المتضرّرین من الغلاء.

وقد ورد کلام مفصّل حول هذا الموضوع فی بحث إستجابة طلب الظالم وقبول الولایة فی علم الفقه، وإنّ إستجابة طلب الظالم والتصدّی لمناصب الحکم لا یکون حراماً دائماً، بل تارةً یکون مستحبّاً، وقد یکون فی بعض الأحیان واجباً شرعاً، وذلک إذا کانت منفعة التصدّی ومرجّحاته الدینیّة أکثر من الأضرار الناتجة عن التصدّی من دعم حکم الظالم وغیره.

ونلاحظ فی روایات عدیدة أنّ أئمّة أهل البیت (علیهم السلام) کانوا یجوّزون لبعض خلّص شیعتهم وأصحابهم أمثال علی بن یقطین ـ الذی کان من أصحاب الکاظم (علیه السلام) ـ حیث تصدّى لمنصب الوزارة لفرعون زمانه ـ هارون الرشید ـ وذلک بأمر من الإمام (علیه السلام)، غایة ما فی الأمر أنّ الإستجابة والتصدّی لمناصب الحکم أو ردّها تابعان لقانون «الأهم والمهم».

فلابدّ من ملاحظة المنافع الدینیّة والاجتماعیة ومقارنتها مع الأضرار الناتجة، إذ لعلّ الذی یتصدّى للمنصب قد یستطیع فی نهایة المطاف أن یزیح الظالم عن الحکم (کما حدث لیوسف بناءً على مضمون بعض الرّوایات الواردة) أو یکون المعین الذی تنبثق منه الحرکات والثورات، لأنّه یقوم بتهیئة مقدّمات الثورة من داخل أجهزة الحکم القائم (ویمکن أن یکون مؤمن آل فرعون من هذا القبیل) أو یکون على الأقل ملجأً وملاذاً للمظلومین والمحرومین ومخفّفاً عن آلامهم والضغوط الواردة علیهم من قبل أجهزة النظام.

وکلّ واحد من هذه الاُمور یمکن أن یکون مبرّراً للتصدّی للمناصب وقبولها من الحاکم الظالم، وللإمام الصادق (علیه السلام) روایة معروفة فی حقّ هؤلاء الأشخاص یقول (علیه السلام) (کفّارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان) (1) .

لکن هذا الموضوع ـ التعاون مع الظالم ـ من الاُمور التی یقترب فیها حدود الحلال من الحرام، وکثیراً ما یؤدّی تهاون صغیر من الشخص المتصدّی إلى وقوعه فی أشراک النظام وإرتکاب جریمة تعدّ من أکبر الجرائم وأفظعها ـ وهی التعاون مع الظالم ـ فی حین یتصوّر أنّه یقوم بعبادة وخدمة إنسانیة مشکورة.

وقد یستفید بعض الإنتهازیین من حیاة (یوسف) أو (علی بن یقطین) ویتّخذه ذریعة للتعاون مع الظالم وتغطیة لأعمالهم الشریرة، فی حین أنّه یوجد بون شاسع بین تصرّفاتهم وتصرّفات یوسف أو علی بن یقطین (2) .

سؤال: هنا سؤال آخر یطرح نفسه وهو أنّه کیف رضخ سلطان مصر الظالم لهذا الأمر ـ وإستجاب لطلب یوسف ـ مع علمه بأنّ یوسف لا یسیر بسیرة الظالمین والمستثمرین والمستعمرین، بل یکون على العکس من ذلک معادیاً لهم؟

والجواب: الإجابة على هذا السؤال لا تکون صعبة مع ملاحظة أمر واحد وهو أنّه تارةً تحیط الأزمات الاقتصادیة والاجتماعیة بالظالم بحیث تزلزل أرکان حکومته الظالمة، فیرى الخطر محدقاً بحکومته وبکلّ شیء یتعلّق بها... فی هذه الحالة وتجنّباً من السقوط التامّ لا یمانع، بل یدعم قیام حکومة شعبیة عادلة لکی یحافظ على حیاته وبجزء من سلطته.


1. وسائل الشیعة، ج12، 139; وبهذا المعنى جاء عن الامام الکاظم (علیه السلام) حول علی بن یقطین فی سفینة البحار، ج 2، ص 252.
2. نطالع فی روایات عدیدة عن الإمام علی بن موسى الرضا (علیه السلام) إنّ بعض الجاهلین بالمعاییر الإسلامیة کانوا یعترضون على الإمام أحیاناً، بأنّه لماذا قبلت ولایة عهد المأمون مع کلّ زهدک فی الدنیا وإعراضک عنها؟ فکان الإمام (علیه السلام) یجیبهم: «یاهذا أیّما أفضل النّبی أم الوصی»؟ فقالوا: لا بل النّبی، فقال: أیّهما أفضل مسلم أم مشرک»؟ فقالوا: لا بل مسلم فقال: «فإنّ العزیز ـ عزیز مصر ـ کان مشرکاً، وکان یوسف (علیه السلام) نبیّاً، وإنّ المأمون مسلم» وأنا وصی، ویوسف سأل العزیز أن یولّیه حین قال: (اجعلنی على خزائن الأرض إنّی حفیظ علیم)، وأنا اُجبرت على ذلک» وسائل الشیعة، ج12، ص146.
یوسف أمیناً على خزائن مصر: 2ـ أهمیّة المسائل الإقتصادیة والإداریة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma