لا تکون الهزائم هزائم دائماً، بل ـ فی کثیر من الأحیان ـ تعدّ الهزیمة هزیمةً فی الظاهر إلاّ أنّها فی الباطن نوع من الإنتصار المعنوی، وهذه هی الهزائم التی تکون سبباً لتیقّظ الإنسان، وتشقّ حجب الغفلة والغرور عنه، وتعدّ نقطة إنعطاف جدیدة فی حیاته.
فامرأة العزیز التی تدعى «زلیخا» أو «راعیل» وإن ابتُلیت فی عملها بأشدّ الهزائم، لکن هذه الهزیمة فی مسیر الذنب کانت سبباً لأن تنتبه ویتیقّظ وجدانها النائم، وأن تندم على ما فات من عملها... والتفتت إلى ساحة الله. وما ینقل من قصتها بعد لقائها بیوسف وهو عزیز مصر ـ آنئذ ـ شاهد على هذا المدّعى، إذ قالت: «الحمد لله الذی جعل العبید ملوکاً بطاعته وجعل الملوک عبیداً بمعصیته».
ونقرأ فی نهایة الحدیث أنّ یوسف تزوّج منها أخیر (1) .
السعداء هم اُولئک الذین یصنعون من الهزائم إنتصاراً، ومن سوء الحظّ حظّاً حسناً، ومن أخطائهم طریقاً صحیحاً للحیاة.
وبالطبع فلیس ردّ الفعل من قِبل جمیع الأفراد إزاء الهزائم هکذا... فالأشخاص الضعاف حین تصیبهم الهزیمة ییأسون ویکتنف القنوط جمیع وجودهم، وقد یؤدّی بهم إلى الإنتحار وهذه هی الهزیمة الحقیقیّة.
لکن الذین یشعرون بکرامتهم وشخصیّتهم، یسعون لأن یجعلوا الهزائم سلّماً لصعودهم وترقّیهم وجسراً لانتصارهم.