بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
مؤامرة اُخرى: سورة یوسف / الآیة 35 ـ 38

کما رأینا من قبلُ فإنّ امرأة العزیز ونسوة مصر، استفدن من اُمور مختلفة فی سبیل الوصول إلى مرادهن، فمرّة بإظهار العشق والعلاقة الشدیدة والتسلیم المحض، ومرّة بالترغیب والطمع، ثمّ بالتهدید، أو بتعبیر آخر: توسلن بالشهوة والمال والقوّة!!

وهذه اُصول متّحدة المآل یتوسّل بها الطغاة والمتجبرون فی کلّ عصر وزمان، حتى لقد رأینا کراراً ومراراً أنّهم ومن أجل أن یجبروا رجال الحقّ على الإستسلام، یظهرون لهم فی مجلس واحد لیناً للغایة ویلوّحون بالمساعدات وأنواع الإمداد ترغیباً، ثمّ یتوسلون فی نهایة المجلس بالتهدید والوعید، ولا یلتفتون إلى ما فی هذا من التناقض فی مجلس واحد وما فیه من دناءة وخسّة ولؤم فاضح.

والسبب واضح... فهم یریدون الهدف ولا تهمّهم الوسیلة، وبتعبیر آخر: یستسیغون للوصول إلى أهدافهم أی اُسلوب وأیّة وسیلة کانت.

وفی هذا المحیط یستسلم الأفراد الضعاف، سواء فی أوّل المرحلة أو وسطها أو نهایتها، إلاّ أنّ أولیاء الحقّ لا یکترثون بهذه الأسالیب بما لدیهم من شهامة وشجاعة ونور الإیمان ویرفضون التسلیم بضرس قاطع حتى ولو أدّى ذلک إلى الموت... وعاقبتهم الإنتصار طبعاً، إنتصار أنفسهم وإنتصار مبادئهم، أو على الأقل إنتصار مبادئهم.

کثیرون هم مثل نسوة مصر، فطالما هم جالسون حول الحمى یظهرون أنفسهم منزّهین وأتقیاء ویلبسون ثیاب العفّة ویعدّون الانحراف ـ کما هو فی امرأة العزیز ـ فی ضلال مبین.

ولکن حین یتعرّضون لأدنى صدمة ینکشف أنّ أقوالهم لا تصدّق أفعالهم... فإذا کانت امرأة العزیز بعد سنین من معاشرة یوسف قد وقعت فی شرک حبّه وعشقه، فإنّهم فی أوّل مجلس یبتلون بمثل هذا المصیر ویقطّعون «الأیدی» مکان «الأترنج».

هنا قد یرد سؤال وهو: لِمَ وافق یوسف على طلب امرأة العزیز وخرج على النسوة فی المجلس؟ المجلس الذی ترتّب من أجل الإثم، أو لتبرئة امرأة آثمة؟!

ولکن مع ملاحظة أنّ یوسف کان بحسب الظاهر غلاماً مشترى وعلیه أن یخدم فی القصر، فلعلّ امرأة العزیز إستغلّت هذه الفرصة والحیلة لیأتی بالطعام مثلا دون أن یعرف بهذه الخطّة ومکر النسوة.

وخاصّة أنّنا قلنا أنّ تعبیر القرآن (أخرج علیهن) کما یظهر منه أنّه لم یکن خارجاً، بل کان فی إحدى الغرف المجاورة للمجلس کالمطبخ مثلا.

جملة (یدعوننی إلیه) وجملة (تصرف عنّی کیدهن) تدلاّن جیّداً على أنّ نسوة مصر ـ ذوات الهوى ـ بعد ما جرى لهنّ من تقطیع الأیدی والإنبهار بجمال یوسف، وردن هذا المیدان أیضاً وطلبن من یوسف أن یستسلم لهنّ أو لامرأة العزیز، ولکن یوسف أبى علیهنّ جمیعاً، (1) وهذا یعنی أنّ امرأة العزیز لم تکن وحدها فی الجریمة بل کان لها شریکات فی ذلک.

حین یقع الإنسان أسیراً بقبضة الشدائد والحوادث وتجرّه إلى شفى الهاویة، فعلیه أن یتوکّل على الله ویلتجىء إلیه ویستمدّ منه فقط، فإذا لم یحظ بلطفه وعونه فإنّه لا یستطیع أن یقوم بأی عمل، وهذا درس علّمنا إیّاه یوسف العظیم الطاهر الذیل، فهو القائل: (وإلاّ تصرف عنّی کیدهن أصبُ إلیهن وأکن من الجاهلین) فأنت یاربّ الحافظ لی، ولا أعتمد على قوای وقدرتی وتقوای.

هذه الحالة «التعلّق المطلق بلطف الله» بالإضافة إلى أنّها تمنح عباد الله قدرة وإستقامة غیر محدودة، فهی تشملهم بألطافه الخفیّة... تلک الألطاف التی لا یمکن وصفها والتصدیق بها إلاّ عند رؤیتها ومشاهدتها.

فهؤلاء هم الذین یسکنون فی ظلّ الله ورحمته فی الدنیا والآخرة... فقد ورد حدیث عن النّبی (صلى الله علیه وآله) فی هذا الشأن یقول: «سبعة یظلّهم الله فی ظلّ عرشه یوم لا ظلّ إلاّ ظلّه: إمام عادل، وشابّ نشأ فی عبادة الله عزّوجلّ، ورجل قلبه متعلّق بالمسجد إذا خرج منه حتى یعود إلیه، ورجلان کانا على طاعة الله عزّوجلّ فاجتمعا على ذلک وتفرّقا، ورجل ذکر الله عزّوجلّ خالیاً ففاضت عیناه، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال: إنّی أخاف الله تعالى، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تصدّق بیمینه» (2) .


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; بحارالانوار، ج 12، ص 276.
2. وسائل الشیعة، ج 5، ص 199، ح 6323; بحارالانوار، ج 26، ص 261، ح 42.
مؤامرة اُخرى: سورة یوسف / الآیة 35 ـ 38
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma