فضیحة امرأة العزیز!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة یوسف / الآیة 25 ـ 29 1ـ من کان الشاهد؟!

المقاومة الشدیدة التی أبداها یوسف جعلت امرأة العزیز آیسة منه تقریباً... ولکن یوسف الذی إنتصر فی هذا الدور على تلک المرأة المعاندة أحسّ أنّ بقاءه فی بیتها ـ فی هذا المزلق الخطر ـ غیر صالح، وینبغی أن یبتعد عنه، ولذلک أسرع نحو باب القصر لیفتحه ویخرج، ولم تقف امرأة العزیز مکتوفة الأیدی، بل أسرعت خلفه لتمنعه من الخروج، وسحبت قمیصه من خلفه فقدّته (واستبقا الباب وقدّت قمیصه من دُبُر).

(الإستباق) فی اللغة هو المسابقة بین شخصین أو أکثر.

و (قدّ) بمعنى مَزّق طولا، کما أنّ «قطّ» بمعنى مَزّق عرضاً، ولذلک نقرأ فی الحدیث«کانت ضربات علی بن أبی طالب (علیه السلام) أبکاراً، إذا اعتلى قدّ، وإذا إعترض قطّ» (1) .

وعلى کلّ حال فقد أوصل یوسف نفسه نحو الباب وفتحه فرأیا «یوسف وامرأة العزیز» عزیز مصر خلف الباب فجأةً. یقول القرآن الکریم: (وألفیا سیّدها لدى الباب).

«ألفیا» من مادّة «الإلفاء» ومعناها العثور المفاجىء... والتعبیر عن الزوج بـ«السیّد» کما یقول بعض المفسّرین کان طبقاً للعرف السائد فی مصر، حیث کانت تخاطب المرأة زوجها بالسیّد.

فی هذه اللحظة التی رأت امرأة العزیز نفسها على أبواب الفضیحة من جهة، وشعلة الإنتقام تتأجّج فی داخلها من جهة اُخرى، کان أوّل شیء توجّهت إلیه أن تخاطب زوجها متظاهرة بمظهر الحقّ متّهمة یوسف إذ (قالت ما جزاء من أراد بأهلک سوءاً إلاّ أن یسجن أو عذاب ألیم).

من الطریف هنا أنّ هذه المرأة الخائنة نسیت نفسها أنّها امرأة العزیز حینما کانت لوحدها مع یوسف، ولکن عندما وجدت نفسها مشرفة على الإفتضاح، عبّرت عن نفسها بأنّها أهله لتثیر فیه إحساس الغیرة! فهی خاصّة به ولا ینبغی لأحد أن یلقی علیها نظرات الطمع!!

وهذا الکلام قریب الشبه بکلام فرعون مصر فی عصر موسى إذ قال: (ألیس لی ملک مصر)، (2) حیث کان جالساً على عرش السلطنة! ولکنّه حین وجد نفسه مشرفاً على السقوط، ووجد ملکه وتاجه فی خطر، قال عن موسى وأخیه: (یریدان أن یخرجاکم من أرضکم) (3) .

والأمر الآخر أنّ امرأة العزیز لم تقل إنّ یوسف کان یرید السوء بی، بل تحدّثت ]عن ما یستحقّه من الجزاء[ مع عزیز مصر، فکأنّ أصل المسألة مسلّم به!! والکلام عن کیفیة الجزاء.

وهذا التعبیر المدروس الذی کان فی لحظة إضطراب ومفاجأة للمرأة یدلّ على شدّة إحتیاله (4) .

ثمّ إنّ التعبیر عن السجن أوّلا، ثمّ عدم قناعتها بالسجن وحده، إذ تتجاوز هذا الحکم إلى العذاب الألیم أو «الإعدام» مثلا.

ولکن یوسف أدرک أنّ السکوت هنا غیر جائز... فأماط اللثام عن عشق امرأة العزیز (وقال هی راودتنی عن نفسی).

وطبیعی أنّ مثل هذا الحادث من العسیر تصدیقه فی البدایة، أی إنّ شابّاً یافعاً غیر متزوّج لا یُعدّ آثماً، ولکن امرأة متزوّجة ذات مکانة اجتماعیة ـ ظاهراً ـ آثمة! فلذلک کانت أصابع الإتّهام تشیر إلى یوسف أکثر من امرأة العزیز.

ولکن حیث إنّ الله حامی الصالحین والمخلصین فلا یرضى أن یحترق هذا الشاب المجاهد بشعلة الإتّهام، لذلک یقول القرآن فی هذا الصدد: (وشهد شاهد من أهلها إن کان قمیصه قدّ من قُبل فصدقت وهو من الکاذبین * وإن کان قمیصه قدّ من دُبر فکذبت وهو من الصادقین). وأی دلیل أقوى من هذا الدلیل، لأنّ طلب المعصیة إن کان من طرف امرأة العزیز فقد رکضت خلف یوسف وقدّت قمیصه من دُبر، لأنّه کان یرید الفرار فأمسکت بثوبه فقدّته، وإذا کان یوسف هو الذی هجم علیها وهی ترید الفرار أو وقفت أمامه للمواجهة والدفاع، فمن المسلّم أن یُقدّ قمیص یوسف من قُبل! وأیّ شیء أعجب من أن تکون هذه المسألة البسیطة «خرق الثوب» مؤشّراً على تغییر مسیر حیاة بریء وسنداً على طهارته ودلیلا على إفتضاح المجرم!.

أمّا عزیز مصر فقد قبل هذا الحکم الدقیق، وتحیّر فی قمیص یوسف ذاهلا: (فلمّا رأى قمیصه قُدّ من دُبر قال إنّه من کیدکنّ إنّ کیدکنّ عظیم).

فی هذه الحال، ولخوف عزیز مصر من إنتشار خبر هذا الحادث المؤسف على الملأ، فتسقط منزلته وکرامته فی مصر رأى أنّ من الصلاح کتمان القضیّة، فالتفت إلى یوسف وقال: (یُوسفُ أعرض عن هذ) أی اُکتم هذا الأمر ولا تخبر به أحداً... ثمّ التفت إلى امرأته وقال: (واستغفری لذنبک إنّک کنت من الخاطئین) (5) .

وذهب بعض المفسّرین إلى أنّ القائل لهذه الجملة لیس عزیز مصر، بل الشاهد نفسه، ولکن لا دلیل یؤیّد هذا الاحتمال وخاصّة مع وقوع هذه الجملة بعد قول العزیز.


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; شرح نهج البلاغة لابن أبی الحدید، ج 1، ص 50.
2. الزخرف، 51.
3. طه، 63.
4. فی المراد من «ما» من قولها «ما جزاء» أهی نافیة أم استفهامیة، هناک اختلاف بین المفسّرین، والنتیجة واحدة.
5. ورد التعبیر «بالخاطئین» وهو جمع مذکّر، ولم یرد التعبیر بالخاطئات الذی هو جمع مؤنث، لأنّ جمع المذکّر السالم یُغلّب فی کثیر من الموارد ویطلق على جماعة الذکور والإناث أی «إنّک فی زمرة الخاطئین».
سورة یوسف / الآیة 25 ـ 29 1ـ من کان الشاهد؟!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma