3ـ العفّة والمتانة فی البیان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
2ـ ثواب الإخلاص سورة یوسف / الآیة 25 ـ 29

من عجائب القرآن وواحدة من أدلّة الإعجاز، أنّه لا یوجد فی تعبیره رکّة وإبتذال وعدم العفّة وما إلى ذلک، کما أنّه لا یتناسب مع اُسلوب الفرد العادی الاُمّی الذی تربّى فی محیط الجاهلیّة، مع أنّ حدیث کلّ أحد یتناسب مع محیطه وأفکاره!.

وبین جمیع قصص القرآن وأحداثه التی ینقلها توجد قصّة غرام وعشق واقعیة، وهی قصّة (یوسف وامرأة عزیز مصر).

قصّة تتحدّث عن عشق امرأة جمیلة والهة ذات أهواء جامحة لشاب جمیل طاهر القلب.

أصحاب المقالات والکتاب حین یواجهون مثل هذا الأمر. إمّا أن یتحدّثوا عن أبطال القصّة بأن یطلقوا للقلم أو اللسان العنان، حتى تظهر فی (البین) تعابیر مثیرة وغیر أخلاقیة کثیرة.

وإمّا أن یحافظوا على العفّة والنزاهة فی القلم واللسان، فیحوّلوا القصّة إلى القرّاء أو السامعین بشکل غامض ومبهم.

فالکاتب أو صاحب المقال مهما کان ماهراً یبتلى بواحد من هذین الإشکالین، ترى هل یعقل أنّ فرداً لم یدرس یرسم رسماً دقیقاً وکاملا لفصول مثل هذا العشق المثیر، دون أن یستعمل أقلّ تعبیر مهیّج وبعید عن العفّة؟!

ولکنّ القرآن یمزج فی رسم هذه المیادین الحسّاسة من هذه القصّة ـ باُسلوب معجب ـ الدقّة فی البیان مع المتانة والعفّة، دون أن یغضّ الطرف عن ذکر الوقائع، أو أن یظهر العجز، وقد استعمل جمیع الاُصول الأخلاقیة والاُمور الخاصّة بالعفّة.

ونعرف أنّ أخطر ما فی هذه القصّة ما جرى فی «خلوة العشق» وما أظهرته امرأة العزیز بإبتکارها وهواها.

والقرآن یتناول کلّ ما جرى من حوادث ویتحدّث عنها دون أن یظهر أقلّ انحراف من اُصول العفّة حیث یقول فی الآیة 23 من سورة یوسف: (وراودته الّتی هو فی بیتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هیت لک قال معاذ الله إنّه ربّی أحسن مثوای إنّه لا یُفلح الظالمون).

والمسائل التی تسترعی الإنتباه فی هذه القصّة ما یلی:

کلمة «راود» تستعمل فی مکان یطلب فیه أحد من الآخر شیئاً بإصرار ممزوجاً بالترغیب واللین، لکن ما الذی أرادته امرأة العزیز من یوسف؟!.. بما أنّه کان واضحاً فقد إکتفى القرآن بالکنایة والتلمیح دون التصریح!.

إنّ القرآن هنا لم یعبّر عن امرأة العزیز تعبیراً مباشراً، بل قال: (التی هو فی بیته)لیقترب من بیان العفّة وإسدال الحجاب، کما جسّد معرفة یوسف للحقّ وجسّد مشاکل یوسف أیضاً فی عدم التسلیم إزاء من کانت حیاته فی قبضتها.

(غلّقت الأبواب) التی تدلّ على المبالغة وأنّ الأبواب جمیعاً أوصدت بشدّة، (وهذا تصویر من هذا المیدان المثیر).

جملة (هیت لک) تشرح آخر کلام امرأة العزیز للبلوغ إلى وصال یوسف، ولکنّها فی عبارة متینة ذات مغزى کبیر ولیس فیها ما یشیر إلى تعبیر سیىء.

(معاذ الله إنّه ربّی أحسن مثوای) التی قالها یوسف لتلک المرأة الجمیلة، معناها کما یقول أکثر المفسّرین: إنّی ألتجىء إلى الله فإنّ عزیز مصر صاحبی وسیّدی وهو یجلّنی ویحترمنی ویعتمد علیّ، فکیف أخونه؟! وهذا العمل خیانة وظلم (إنّه لا یفلح الظالمون)وبهذا توضّح الآیة سعی یوسف إلى إیقاظ العواطف الإنسانیة فی امرأة العزیز.

جملة (ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه) ترسم ـ من جهة ـ تلک الخلوة بدقّة، بحیث لو أنّ یوسف لم یکن لدیه مقام العصمة أو العقل أو الإیمان لکان قد وقع فی «الفخّ».

ومن جهة اُخرى ترسم إنتصار یوسف أخیراً فی هذه الظروف على شیطان الشهوة الطاغی... باُسلوب رائع.

الطریف هنا أنّ الآیة استعملت کلمة «همّ» فحسب، أی إنّ امرأة العزیز صمّمت من جهتها ولو لم یَر یوسف برهان ربّه لصمّم من جهته أیضاً، ترى هل توجد کلمة أکثر متانةً للتعبیر عن (القصد والتصمیم) أفضل من هذه؟!

2ـ ثواب الإخلاص سورة یوسف / الآیة 25 ـ 29
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma