فی قصر عزیز مصر:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة یوسف / الآیة 21 ـ 22 1ـ ما هو اسم «عزیز» مصر؟

انتهت حکایة یوسف مع إخوته الذین ألقوه فی غیابة الجبّ وبیّناها تفصیلا، بدأ فصل جدید من حیاة هذا الغلام الحدث فی مصر... فقد جیء بیوسف إلى مصر وعرض للبیع، ولما کان تحفة نفیسة فقد صار من نصیب «عزیز مصر» الذی کان وزیراً لفرعون أو رئیساً لوزرائه، لأنّه کان یستطیع أن یدفع قیمة أعلى لغلام ممتاز من جمیع الجهات، والآن لنَر ما الذی حدث له فی بیت عزیز مصر.

یقول القرآن الکریم فی شأن یوسف: (وقال الذی اشتراه من مصر لامرأته أکرمی مثواه عسى أن ینفعنا أو نتّخذه ولد) (1) فلا ینبغی أن تنظری إلیه کما ینظرإلى العبید.

یستفاد من سیاق الآیة أنّ عزیز مصر لم یرزق ولداً وکان فی غایة الشوق للولد، وحین وقعت عیناه على هذا الصبیّ الجمیل والسعید تعلّق قلبه به لیکون مکان ولده.

ثمّ یضیف القرآن الکریم (وکذلک مکنّا لیوسف فی الأرض).

هذا «التمکین» فی الأرض إمّا أن یکون لمجیىء یوسف إلى مصر، وخاصّة أن خطواته فی محیط مصر مقدّمة لما سیکون علیه من الإقتدار والمکانة القصوى، وإمّا أنّه لا قیاس، بین هذه الحیاة فی مصر «العزیز» وبین تلک الحیاة فی غیابة الجبّ والوحدة والوحشة. فأین تلک الشدّة من هذه النعمة والرفاه!

ویضیف القرآن أیضاً (ولنعلّمه من تأویل الأحادیث).

المراد من «تأویل الأحادیث» ـ کما أشرنا سابقاً ـ هو علم تفسیر الأحلام وتعبیر الرؤیا حیث کان یوسف قادراً على أن یطلع على بعض أسرار المستقبل من خلاله، أو المراد منه الوحی لأنّ یوسف مع عبوره من المضائق الصعبة والشدائد القاسیة ونجاحه فی الاختبارات الإلهیّة فی قصر عزیز مصر، نال الجدارة بحمل الرسالة والوحی. ولکن الاحتمال الأوّل أقرب کما یبدو للنظر.

ثمّ یختتم القرآن هذه الآیة بالقول: (والله غالب على أمره ولکنّ أکثر النّاس لا یعلمون).

إنّ واحدة من مظاهر قدرة الله العجیبة وهیمنته على الاُمور کلها أن یدع ـ فی کثیر من الموارد ـ أسباب موفقیة الإنسان ونجاحه بید أعدائه کما حدث فی مسألة یوسف (علیه السلام)، فلو لا خطة إخوته لم یصل إلى الجبّ أبداً، ولو لم یصل إلى الجبّ لما وصل إلى مصر، ولو لم یصل إلى مصر لما ذهب إلى السجن ولما کان هناک أثر من رؤیا فرعون التی أصبح یوسف بسببها عزیزَ مصر!

ففی الحقیقة إن الله أجلس یوسف على عرش الإقتدار بواسطة إخوته الذین تصوروا أنّهم سیقضون علیه فی ترکهم إیّاه فی غیابة الجُبِّ.

لقد واجه یوسف فی هذا المحیط الجدید، الذی یعدّ واحداً من المراکز السیاسیة المهمّة فی مصر مسائل مستحدثة... فمن جهة کان یرى قصور الطغاة المدهشة وثرواتهم ومن جهة اُخرى کانت تتجسد فی ذهنه صورة أسواق النخاسین وبیع الممالیک والعبیدومن خلال الموازنة بین هاتین الصورتین کان یفکر فی کیفیة القضاء على هموم المستضعفین من الناس لو أصبح مقتدراً على ذلک!

أجلْ، لقد تعلم الکثیر من هذه الأشیاء فی هذا المحیط المفعم بالضوضاء، وکان قلبه یفیض همّاً لأنّ الظروف لم تتهیأ له بعدُ. فاشتغل بتهذیب نفسه وبنائها، یقول القرآن الکریم فی هذا الصدد: (ولمّا بلغ أشده آتیناه حکماً وعلماً وکذلک نجزی المحسنین).

کلمة «أشدّ» مشتقّة من مادة «شدّ» وتعنی فتل العقدة باستحکام... وهی هنا إشارة إلى الإستحکام الجسمانی والروحانی.

قال بعضهم: إنّ هذه الکلمة جمع لا مفرد لها... ولکن البعض الآخر قال: إنّها جمع (شدّ) على وزن (سدّ) ولکن معناها الجمعی غیر قابل للإنکار على کل حال!

المراد من «الحکم» و«العلم» الواردین فی الآیة المتقدمة التی تقول: (ولمّا بلغ أشده آتیناه حکماً وعلماً...) إمّا أن یکون مقام النبوّة کما ذهب إلى ذلک بعض المفسّرین، وإمّا أن یکون المراد من الحکم العقل والفهم والقدرة على القضاء الصحیح الخالی من اتباع الهوى والإشتباه، والمراد من العلم الإطلاع الذی لا یقترن معه الجهل، ومهما کان فإنّ الحکم والعلم موهبتان نادرتان وهبهما الله لیوسف لتقواه وصبره وتوکله علیه، وجمیع هذه الصفات مجتمعة فی کلمة «المحسنین».

قال بعض المفسّرین: هناک ثلاثة احتمالات لمعنى کلمتی (الحکم والعلم) الواردتین فی الآیة، وهی:

إنّ الحکم إشارة إلى مقام النبوة (لأنّ النّبی حاکم على الحق) والعلم إشارة إلى علم الدین.

إن الحکم یعنی ضبط النفس إزاء الهوى والمیول النفسیّة، وهو هنا إشارة إلى الحکمة العملیة. والعلم إشارة إلى العلم النظری... وتقدیم الحکم على العلم هنا لأنّ الإنسان إذا لم یهذب نفسه ویبنیها بناءً صحیحاً لا یصل إلى العلم الصحیح.

إنّ الحکم معناه أن یبلغ الإنسان مقام «النفس المطمئنة» ویتسلّط على نفسه بحیث یستطیع أن یتملک زمام النفس الأمّارة ووسوستها... والمراد من العلم هو الأنوار القدسیّة وأشعة الفیض الإلهی الذی تنزل من عالم الملکوت على قلب الإنسان الطاهر (2) .


1. «المثوى» من مادة «ثوى» ومعناه المقام، ولکن معناه هنا الموقعیة والمنزلة والمقام کذلک.
2. راجع التّفسیر الکبیر، ج 18، ص 111.
سورة یوسف / الآیة 21 ـ 22 1ـ ما هو اسم «عزیز» مصر؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma