نحو أرض مصر:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة یوسف / الآیة 19 ـ 20 سورة یوسف / الآیة 21 ـ 22

قضى یوسف فی ظلمة الجب الموحشة والوحدة القاتلة ساعات مرّةً، ولکنّه بإیمانه بالله وسکینته المنبثقة عن الإیمان شع فی قلبه نور الأمل، وألهمه الله تعالى القوة والقدرة على تحمّل الوحدة الموحشة، وأن ینجح فی هذا الإمتحان.

ولکنّ... الله أعلم کم یوماً قضى یوسف فی هذه الحالة؟

قال بعض المفسّرین: قضى ثلاثة أیام، وقال آخرون: یومین. (1)

وعلى کل حال تبلج النّور (وجاءت سیّارة) (2) .

وانتخَبت منزلها على مقربة من الجُبّ، وطبیعی أنّ أوّل ما تفکر القافلة فیه ـ فی منزلها الجدید ـ هو تأمین الماء وسد حاجتها منه (فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه) (3) .

فانتبه یوسف إلى صوت وحرکة من أعلى البئر، ثمّ رأى الحبل والدلو یسرعان إلى النّزول، فانتهز الفرصة وانتفع من هذا العطاء الإلهی وتعلق بالحبل بوثوق.

فأحسّ المأمور بالإتیان بالماء أن الدلو قد ثقُلَ أکثر ممّا ینبغی، فلمّا سحبه بقوّة إلى الأعلى فوجىء نظره بغلام کأنّه فلقة قمر، فصرخ وقال: (یا بشرى هذا غلام).

وشیئاً فشیئاً سرى خبر یوسف بین جماعة من أهل القافلة، ولکن من أجل أن لا یذاع هذا الخبر وینتشر، ولکی یمکن بیع هذا الغلام الجمیل فی مصر، أخفوه (وأسرّوه بضاعة) (4) .

وبالطبع هناک احتمالات اُخرى فی تفسیر هذه الجملة منها أنّ الذین عثروا على یوسف أسرّوه وأخفوا خبره، وقالوا: هذا متاع لأصحاب هذا الجبّ أودعوه عندنا لنبیعه فی مصر.

ومنها أنّ أحد إخوة یوسف کان بین الحین والحین یأتی إلى الجبّ لیطلع على یوسف ویأتیه بالطعام وحین اطلع إخوة یوسف على ما جرى أخفوا علاقتهم الأخویة بیوسف وقالوا: هذا غلامنا فرّ من أیدینا واختفى هنا، وهددوا یوسف بالموت إذ کشف الستار عن الحقیقة.

ولکن التّفسیر الأوّل یبدو أقرب للنظر.

وتقول الآیة فی نهایتها: (والله علیم بما کانوا یعملون) وبالرغم من اختلاف المفسّرین فی من هم الذین شروا یوسف بثمن بخس، وقول بعضهم: هم إخوة یوسف، ولکن ظاهر الآیات هو من کان فی القافلة، وقد تمّ البحث عن إخوته فی نهایة الآیة التی سبقت هذه الآیات، وجمیع الضمائر فی الجُمَل (أرسلوا واردهم) و(أسروه بضاعة) تعود على من کان فی القافلة.

هنا یبرز هذا السؤال وهو: لِمَ باعوا یوسف الذی کان یعدّ ـ على الأقل ـ غلاماً ذا قیمة بثمن قلیل، أو کما عبّر عنه القرآن (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة)...؟

ولکن هذا أمر مألوف فإنّ السُراق أو اُولئک الذین تأتیهم بضاعة مهمّة دون أی تعب ونصب یبیعونها سریعاً لئلا یطلع الآخرون.

ومن الطبیعی أنّهم لا یستطیعون بهذه الفوریة أن یبیعوه بسعر غال.

و«البخس» فی الأصل معناه تقلیل قیمة الشیء ظلماً، ولذلک فإنّ القرآن یقول: (ولا تبخسوا الناس أشیاءهم) (5) .

ثمّ إنّ هناک اختلافاً آخر بین المفسّرین فی الثمن الذی بیع به یوسف، وکیف قُسّم بینهم؟ فقال البعض: عشرون درهماً، وقالت طائفة: اثنان وعشرون، ومع ملاحظة أنّ الباعة کانوا عشرین یتّضح سهم کل منهم، وکم هو زهید!... وتقول الآیة: (وکانوا فیه من الزاهدین).

وفی الحقیقة إنّ هذه الجملة فی حکم بیان العلة للجملة المتقدمة، وهی إشارة إلى أنّهم باعوا یوسف بثمن بخس، لأنّهم لم یرغبوا فی هذه المعاملة ولم یعتنوا بها.

وهذا البیع البخس إمّا لأنّ أهل القافلة اشتروا یوسف بثمن بخس، والإنسان إذا اشترى شیئاً رخیصاً باعه رخیصاً عادةً، أو إنّهم کانوا یخافون أن یفتضح سرّهم ویجدون من یدّعیه، أو من جهة أنّهم لم یجدوا فی یوسف أثراً للغلام الذی یباع ویُشترى، بل وجدوا فیه آثار الحرّیة واضحة فی وجهه، ومن هنا فلا البائعون کانوا راغبین ببیعه ولا المشترون کانوا راغبین بشرائه.


1. تفسیر روح المعانی، ج 12، ص 203; ذیل الآیة مورد البحث.
2. سمّیت القافلة «سیارة» لأنّها فی سیر وحرکة دائمین.
3. «الوارد» فی الأصل من «الورود» وهو من یأتی بالماء، ثمّ توسع استعمال الکلمة وأطلقت على کل ورود ودخول.
4. «البضاعة» فی الأصل من مادة «بضع» على وزن «نذر» ومعناها: القطعة من اللحم، ثمّ توسعوا فی المعنى وأطلقوا هذا اللفظ على القطعة المهمّة، من المال. والبضعة هی القطعة من الجسد، «وحَسنَ البضع» معناه: الإنسان المکتنز لحمه، و«بِضْع» على وزن «حِزب» معناه العدد من ثلاثة إلى عشرة (راجع المفردات للراغب).
5. هود، 85.
سورة یوسف / الآیة 19 ـ 20 سورة یوسف / الآیة 21 ـ 22
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma