من الطبیعی أنّ الأعداء لا یدخلون المیادین ـ عند الهجوم ـ بصراحة ودون استتار أبداً.
بل إنّهم من أجل تفویت الفرصة على الطرف الآخر واستغفاله وسلبه کل وسائل الدفاع یسعون إلى إخفاء عملهم تحت قناع جذّاب، إنّ إخوة یوسف أخفوا خطة هلاکه أو إبعاده تحت غطاء أسمى الأحاسیس والعواطف الأخویة، هذه الأحاسیس التی کانت تحرّک یوسف من جهة لأن یمضی معهم، وکانت عند أبیهم موضع قبول من جهة اُخرى أیضاً.
وهذه هی الطریقة التی نواجهها فی حیاتنا الیومیّة على المدى الواسع، وما تلقیناه من ضربات قاسیة من أعدائنا المخاتلین بثیاب الأبرار فی هذا المضمار غیر قلیل، ولها مظاهر متعددة، فمرةً بمظهر المساعدات الاقتصادیة، واُخرى تحت ستار التبادل الثقافی، وثالثة فی ثوب الدفاع عن حقوق البشر، ورابعة بأسلوب المعاهدات الدفاعیة... کل تلک الاُمور کانت نتیجة أسوأ القرارات الاستعماریة المذلّة للاُممِ المستضعفة والتی من ضمنها اُمتنا الإسلامیّة.
ولکن ومع هذه التجارب التاریخیّة ینبغی أن نکون حذرین للغایة وأن نعرف أعداءنا جیداً، فلا نحسن الظن بهذه الذئاب البشریة التی ترید أن تمتص دماءنا بما تظهره من عواطف وأحاسیس متلبسة بثیاب المخلصین المتفانین فما زلنا نتذکر ما فعلته الدول المتسلطة على العالم حیث أرسلت تحت ستار المساعدات الطبیّة إلى بعض الدول الإفریقیة المتضررة بالحرب أسلحة وعتاد أرسلت إلى عملائها، کما بعثت أخطر جواسیسها تحت ثیاب الدبلوماسیة والسفارات والممثلین لها إلى مختلف مناطق العالم.
وتحت ستار الخبراء العسکریین وتدریب الدّول المستضعفة على الاسلحة الحدیثة والمتطورة کانوا یأخذون مع عودتهم جمیع الاسرار العسکریة لتلک الدولة.
وبإرسال خبراء فنیین!! إلى هذه الدول یربطون عجلة اقتصادها بالمناهج التی تکرس التبعیة: تُرى ألیست کل هذه التجارب التاریخیّة کافیة لئلاّ ننخدع بهذه الزخارف البّراقة الکاذبة وأن نعرف وجوه هؤلاء الذئاب المتظاهرین بالإنسانیّة؟!
