بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
المؤامرة: سورة یوسف / الآیة 11 ـ 14

«الجبّ» معناه «البئر» التی لم تنضّد بالطابوق والصخور، ولعلّ أغلب آبار الصحراء على هذه الشاکلة.

و«الغیابة» المخبأ من البئر الغائب عن النظر ولعلّ هذا التعبیر یشیر إلى أن الآبار الصحراویة یصنع فی قعرها مکان قریب من الماء، بحیث لو أراد أحد النزول، إلى البئر لیستفید من الماء، فإنّه یستطیع أن یجلس هناک ویملأ دلوه من ذلک الماء دون أن ینزل هو فی الماء، وبالطبع فإنّ من ینظر البئر من فوقها لا یرى ذلک المکان ولذلک سمی «غیابة» (1) .

لا شک أنّ اقتراح هذا القائل (ألقوه فی غیابة الجُبِّ) لم یکن الهدف منه موت یوسف فی البئر، بل بقاءه سالماً لتنقذه القافلة عند مرورها على البئر للإستسقاء.

یستفاد من جملة (إن کنتم فاعلین) أنّ القائل لم یکن یرغب ـ أساساً ـ حتى بهذا الاقتراح ولعله کان لا یوافقهم على إیذاء یوسف أصلا.

هناک اختلاف بین المفسّرین فی اسم هذا الأخ القائل (لا تقتلوا یوسف) فقال بعضهم: اسمه «روبین» وکان أذکاهم، وقال بعضهم: اسمه «یهودا» وقال آخرون: اسمه «لاوى». (2)

أثر الحسد المدمّر فی حیاة الناس: الدرس الآخر الذی نتعلّمه من هذه القصّة، وهو أنّ الحسد یمکن أن یدفع الإنسان حتى إلى قتل أخیه، أو ایجاد المشاکل له، فنار الحسد إذا لم یمکن إخمادها فإنّها ستحرق صاحبها بالإضافة إلى إحراق الآخرین بها.

وأساساً إذا حرم الإنسان من نعمة أنعمها الله على عبد سواه، فإنّه سیکون امام أربع حالات مُختلفة:

الاُولى: أن یتمنّى أن ینعم الله علیه مثل ما أنعم على غیره، وهذه الحالة تدعى «الغبطة» وهی جدیرة بالثناء والمدح، ولیس لها أثر سیء، لأنّها تدعو صاحبها للسعی والجدّ والمثابرة حتى ینال مثل ما نال المغبوط.

الثّانیة: أن یتمنّى أن تُسلب هذه النعمة عن الآخرین، ویسعى من أجل تحقیق هذا التمنی، وهذه هی الحالة المذمومة الموسومة «بالحسد» التی تدعو صاحبها إلى التخریب وسلب النعمة عن الآخرین، دون أن تدعوه لأن یطلب من الله مثل ما أعطى غیره من النعم.

الثّالثة: أن یتمنّى أن تکون هذه النعمة له فقط ویُحرم الآخرون منها وهذه الحالة تُسمّى «البُخل» والأنانیة التی تدعو الإنسان أن یطلب شیئاً لنفسه، ویلتذّ من حرمان الآخرین.

الرّابعة: أن یتمنّى ویحب تنعّم الآخرین بهذه النعمة وإن کان محروماً منها، وهو مستعدّ أن یقدّم ما عنده من أجلهم... وبغض النظر عن منافعه الشخصیة، وهذه الحالة الرفیعة هی ما تسمّى بـ«الإیثار» التی هی من أهم الصفات الإنسانیة الحمیدة.

وعلى کل حال فإنّ الحسد لا یقتصر على قتل إخوة یوسف لأخیهم فحسب، بل قد یوصل الإنسان إلى قتل نفسه.

ولهذا نجد فی الأحادیث الإسلامیة تعابیر مؤثرة تدعو إلى مکافحة هذه الرّذیلة، وعلى سبیل المثال نورد منها ما یلی:

الاُولى: فی حدیث عن النّبی (صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «إنّ الله نهى موسى عن الحسد وقال له: إنّ الحاسد ساخط لنعمی صادّ لقسمی الذی قسمتُ بین عبادی، ومن یک کذلک فلست منه ولیس منّی» (3) .

الثانیة: ونقرأ حدیثاً للإمام الصادق (علیه السلام) یقول: «آفة الدین الحسد والعجب والمفاخرة» کما نقرأ له حدیثاً یقول: «إنّ المؤمن یغبط ولا یحسد، والمنافق یحسد ولا یغبط» (4) .

کما نستنتج درساً آخر من هذا المقطع فی القصّة، وهو أنّ الوالدین ینبغی أن یلاحظا أبناءها الآخرین عند إبراز عنایتهما ومحبّتهما لواحد منهم، فبالرغم من أن یعقوب لم یرتکب خطأ ـ دون أیّ شک ـ بالنسبة لإبراز علاقته لولدیه یوسف وبنیامین، وإنّما کان کل ذلک وفق حسابات خاصّة، ولکن هذه الحادثة تکشف لنا أنّه ینبغی أن یکون الإنسان أکثر إحساساً - فی هذه المسألة ـ من القدر اللازم. لأنّ إبراز العلاقة لبعض الأبناء دون بعض توجد عقدةً فی نفوس الآخرین، إلى درجة أنّها تجرّهم إلى کل عمل مخرّب، حیث یجدون شخصیاتهم منهزمة ولابدّ من تحطیم شخصیة أخیهم للتعویض عن هذه الهزیمة، فیکون الإقدام على هذا العمل دون لحاظ الرحمیة ووشائج القربى.

وإذا لم یستطع الإنسان أن یقوم بعمل معاکس، فإنّه یظل یلوم نفسه ویحرضها حتى یبتلى بالمرض النفسی.

وما زلت أذکر أنّه کان لی صدیق قد مرض ولده الصغیر، فأوصى ولده الکبیر برعایته، وأخذ الأبُ یولی ولده الصغیر محبةً وشفقة فائضة «لأنّه مریض».

فلم تمض فترة حتى مرض هذا الابن الکبیر بمرض نفسی مجهول، قلت لذلک الصدیق العزیز: ألا تفکّر أنّ أساس المرض هو عدم العدالة بین ولدیک... لکنّه لم یصدّق، وأخیراً راجع الطبیب النّفسانی المختصّ فقال: إن ابنک لیس مریضاً بمرض خاصّ، وإنّما أساس مرضه هو اهتمامک بأخیه وعدم اهتمامک به، وهو یحس بأنّ شخصیته متعطشة للحنان والحبّ، فی حین أنّ أخاه لم یحرم منهما.

وفی هذا الصدد نقرأ فی الرّوایات الإسلامیة أن الإمام الباقر (علیه السلام) قال یوماً: «والله إنّی لأصانع بعض ولدی، وأجلسه على فخذی، وأنکز له المخّ، وأکسر له الکسر، وإن الحقّ لغیره من ولدی، ولکن مخافة علیه منه ومن غیره، لا یصنعوا به ما فعل بیوسف اخوتُه، وما أنزل الله سورة إلاّ أمثالا لکی لا یحسد بعضنا بعضاً کما حسد یوسفَ إخوتُه، وبغوا علیه، فجعلها رحمةً على من تولاّنا، ودان بحبّنا وحجّة على أعدائنا ومن نصب لنا الحرب والعداوة» (5) .


1. مقتبس من تفسیر المنار، ذیل الآیة مورد البحث.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; بحارالانوار، ج 12، ص 220.
3. أصول الکافی، ج 2، ص 307، ح 6; وسائل الشیعة، ج 15، ص 366، ح 20759.
4. المصدر السابق.
5. بحار الأنوار، ج 74، ص 78، وج 71، ص 78; وسائل الشیعة، ج 19، ص 246، ح 24517.
المؤامرة: سورة یوسف / الآیة 11 ـ 14
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma