المؤامرة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 6
سورة یوسف / الآیة 7 ـ 10بحوث

من هنا تبدأ قصّة مواجهة إخوة یوسف واشتباکهم معه:

ففی الآیة الاُولى ـ من الآیات محل البحث ـ إشارة إلى الدروس التربویة الکثیرة التی توحیها القصّة، إذ تقول الآیة: (لقد کان فی یوسف وإخوته آیات للسّائلین).

وفی أنّ المراد بالسائلین، من هم؟ یقول بعض المفسّرین کالقرطبی فی التّفسیر الجامع وغیره: إنّ هؤلاء السائلین هم جماعة من یهود المدینة، جاؤوا یسألون النّبی أسئلة فی هذا المجال، ولکن ظاهر الآیة مطلق، فلا مرجّح لأنّ یکون المراد بالسائلین هم الیهود دون غیرهم.

وأیّ درس أعظم من أن یجتمع عدّة أفراد لإهلاک فرد ضعیف ووحید ـ فی الظاهر ـ وبخطط أعدّها الحسدُ، ویبذلون أقصى جهودهم لهذا الأمر، ولکن نفس هذا العمل ـ ودون شعور وإرادة منهم ـ بات سبباً فی تربّعه على سریر الملک وصیرورته آمراً على البلد الکبیر «مصر» ثمّ یأتی إخوته فی النهایة لیطأطئوا برؤوسهم إعظاماً له، وهذا یدلّ على أنّ الله إذا أراد أمراً فهو قادر على أن یجریه حتى على أیدی من یخالفون ذلک الأمر، لیتجلّى أن الإنسان المؤمن الطاهر لیس وحیداً فی هذا العالم، فلو سعى جمیع أفراد هذا العالَم إلى إزهاق روحه والله لا یرید ذلک، فانهم لا یستطیعون أن یسلبوا منه شعرة واحدة.

کان لیعقوب اثنا عشر ولداً، واثنان منهم: یوسف وبنیامین وهما من اُم واحدة اسمها راحیل، (1) وکان یعقوب یولی هذین الولدین محبّة خاصّة، لا سیما یوسف.

لأنّهما أوّلا: أصغر أولاده، وبالطبع فهما یحتاجان إلى العنایة والرعایة والمحبّة.

وثانیاً: لأنّ اُمّهما ارتحلت من الدنی (2) ـ طبقاً لبعض الرّوایات ـ وبعد هذا کلّه کانت بوادر النبوغ والذکاء الحادّ ترتسم على یوسف، وهذه الاُمور أدّت إلى أن یولی یعقوب ابنه هذا عنایة أکثر.

إلاّ أنّ الإخوة الحساد ـ دون أن یلتفتوا إلى هذه الجهات ـ تألّموا من حبّ أبیهم لیوسف وأخیه، وخاصّة بعد اختلافهم فی الاُم والمنافسة الطبیعیة المترتبة على هذا الأمر. لهذا اجتمعوا فیما بینهم وتدارسوا الأمر وصمموا على المؤامرة (إذ قالوا لیوسف وأخوه أحبّ إلى أبینا منّا ونحن عصبة) (3) .

وحکموا على أبیهم من جانب واحد بقولهم: (إن أبانا لفی ضلال مبین).

إنّ نار الحسد والحقد لم تدعهم لیفکروا فی جمیع جوانب الأمر لیکتشفوا دلائل علاقة الحبّ التی تربط یعقوب بولدیه یوسف وبنیامین، لأنّ المنافع الخاصّة لکل فرد تجعل بینه وبین عقله حجاباً فیقضی من جانب واحد لتکون النتیجة «الضلال عن جادة الحق والعدل» وبالطبع فإنّ اتهامهم لأبیهم بالضلالة، لم یکن المقصود منها الضلالة الدینیة، لأنّ الآیات الآتیة تکشف عن اعتقادهم بنبوّة أبیهم، وإنّما استنکروا طریقة معاشرته فحسب.

ثمّ أدّى بهم الحسد إلى أن یخططوا لهذا الأمر، فاجتمعوا وقدموا مقترحین وقالوا: (اقتلوا یوسف أو اطرحوه أرضاً ـ أرسلوه إلى منطقة بعیدة ـ یخل لکم وجه أبیکم).

ومن الحق أن تشعروا بالذنب والخجل فی وجدانکم لأنّکم تقدمون على هذه الجنایة فی حق أخیکم الصغیر، ولکن یمکن أن تتوبوا وتغسلوا الذنب (وتکونوا من بعده قوماً صالحین).

وهناک احتمال آخر لتفسیر هذه الآیة هو أنّکم إذا أبعدتم أخاکم عن عینی أبیکم یصلح ما بینکم وبین أبیکم وتذهب أتعابکم ویزول أذاکم من هذا الموضوع، ولکن التّفسیر الأوّل أقرب للنظر!

وعلى کل حال فإنّ هذه الجملة تدلّ على إحساسهم بالذنب من هذا العمل، وکانوا یخافون الله فی أعماق قلوبهم، ولذلک قالوا: نتوب ونکون من بعده قوماً صالحین.

ولکن المسألة المهمّة هنا هی أنّ الحدیث عن التوبة قبل الجریمة ـ فی الواقع ـ هو لأجل خداع «الوجدان» وإغرائه وفتح الباب للدخول إلى الذنب، فلا یعدّ دلیلا على الندم أبداً.

وبتعبیر آخر: إنّ التوبة الواقعیة هی التی توجِد بعد الذنب حالة من الندم والخجل للإنسان، وأمّا الکلام فی التوبة قبل الذنب فلیس توبة.

وتوضیح ذلک أنّه کثیراً ما یقع أن الإنسان حین یواجه الضمیر و«الوجدان» عند الإقدام على الذنب، أو حین یکون الاعتقاد الدینی سدّاً وحاجزاً أمامه یمنعه عن الذنب وهو مصمم علیه، فمن أجل أن یجتاز حاجز الوجدان أو الشرع بیسر، یقوم الشخص بخداع نفسه وضمیره بأننی سوف لاأقف مکتوف الیدین بعد الذنب، بل سأتوب وأمضی إلى بیت الله وأؤدی الأعمال الصالحة، وسأغسل جمیع آثار الذنوب.

أی إنّه فی الوقت الذی یرسم الخطة الشیطانیة للإقدام على الذنب، یرسم خطة شیطانیة اُخرى لمخادعة الضمیر والوجدان... وللإعتداء على عقیدته! فإلى أیّ درجة تبلغ هذه الخطة من السوء بحیث تمکّن الإنسان من تحقیق الجنایة والذنب وکسر الحاجز الدینی الذی یقف أمامه!!

إنّ إخوة یوسف دخلوا من هذا الطریق أیضاً.

المسألة الدقیقة الاُخرى فی هذه الآیة: أنّهم قالوا: (یخلُ لکم وجه أبیکم) ولم یقولون: یخلُ لکم قلب أبیکم، وذلک لأنّهم لم یطمئنّوا إلى أنّ أباهم ینسى یوسف بهذه السرعة فیکفی أن یتوجه إلیهم أبوهم، ولو ظاهراً!

وهناک احتمال آخر لهذا التعبیر، وهو أنّ الوجه والعینین نافذتان إلى القلب، فمتى ما خلا الوجه لهم فإنّ القلب سیخلو ویتوجه إلیهم بالتدریج.

ولکن کان من بین الاُخوة من هو أکثر ذکاءً وأرق عاطفة ووجداناً، لأنّه لم یرض بقتل یوسف أو إرساله إلى البقاع البعیدة التی یُخشى علیه من الهلاک فیها... فاقترح علیهم اقتراحاً ثالثاً، وهو أن یلقى فی البئر (بشکل لا یصیبه مکروه) لتمرّ قافلة فتأخذه معها، ویغیب عن وجه أبیه ووجوههم، حیث تقول الآیة فی هذا الصدد (قال قائل منهم لا تقتلوا یوسف وألقوه فی غیابة الجبّ یلتقطه بعض السیّارة إن کنتم فاعلین).


1. بحارالانوار، ج 12، ص 219; تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
2. المصدر السابق.
3. «العصبة» معناها الجماعة المتفقون على الأمر، وهذه الکلمة معناها الجمع لامفرد لها من جنسها.
سورة یوسف / الآیة 7 ـ 10بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma